لا تبدو الجزائر على غير ذات الحالة التي عرفها منتجو النفط في العشرين شهرا الماضية، فالحكومة بنت توقعات العام الجاري على أساس هبوط حاد في الإيرادات النفطية، ما دفعها إلى التوجه نحو قطاعات يمكنها سد الثغرات.
ولم تجد الحكومة، في هذه المرحلة، كنزا مُهملا يحقق الخلل الهيكلي في الاقتصاد، والذي كشفت عنه أزمة تهاوي أسعار النفط، أفضل من المساحات الخضراء أو تلك الصالحة للزراعة.
ويعتقد وزير الفلاحة الجزائري والتنمية الريفية والصيد البحري، سيد أحمد فروخي، أن بإمكان الجزائر تصدير كميات هائلة من المنتجات الخضراء بفضل استغلال ما يربو عن 400 ألف هكتار من الأراضي التي وزعت على الفلاحين وتحسين المنتج، ما يضمن للدولة، على المستوى البعيد، تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء.
ثروات ضائعة
"يبدو أن الفلاحة في الجزائر تعرف مأزقا حقيقيا"، هكذا يقول الخبير الزراعي علي آيت قاسي في تصريح لـ "العربي الجديد"، موضحا أن المنتج الزراعي لا يوفر أكثر من 5% من إجمالي الناتج المحلي رغم أن البلاد تتوفر على مئات آلاف الهكتارات الزراعية غير المستغلة، وهو ما يبرر على حد تعبيره، تهديدات وزير الفلاحة الجزائري بسحب الأراضي من الفلاحين الذين لم يجسدوا مشاريعهم الزراعية قبل نهاية العام الجاري.
وهدد وزير الفلاحة، الأسبوع الماضي، المزارعين والمستثمرين، بسحب الأراضي الزراعية التي حصلوا عليها والبالغة نحو 400 ألف هكتار، ما لم يشرعوا في استصلاحها خلال العام الجاري 2016.
وقال آيت قاسي، إن وزارة الفلاحة أبرمت ما يسمى بعقود النجاعة بغية استغلال الأراضي الزراعية، وذلك من خلال مخطط في الفترة ما بين 2009 إلى 2014، لكن نتائج تلك الخطوات لم ترق إلى مستوى طموح الحكومة في ضمان الأمن الغذائي وعدم اللجوء إلى الاستيراد.
وتهدف عقود النجاعة الزراعية، إلى رفع حجم الإنتاج الزراعي في البلاد إلى 6.61% من إجمالي الناتج المحلي بنسبة نمو تبلغ 33.8% في السنة.
وتتوفر الجزائر على نحو 8 ملايين هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة، لا تستغل الدولة أكثر من نصفها تقريبا، ما يدفع الحكومة للإسراع في توفير الإمكانيات اللازمة للمزارعين من أجل خفض فاتورة استيراد المواد الزراعية التي تستهلك العملات الصعبة.
وكان احتياطي الصرف الأجنبي للجزائر قد تراجع في نهاية 2015 بنحو 20% ليستقر عند 153 مليار دولار مقابل 178 مليار دولار نهاية عام 2014.
وبرأي الأخصائيين والخبراء في الجزائر فإن الفلاحة تعتبر مستقبل الاقتصاد الجزائري، ومن البدائل الطبيعية لتحصين ميزانها التجاري، وبخاصة عقب انتكاسة أسعار النفط وهبوطها الحاد في السوق الدولية. ويمثل النفط نحو 80% من إيرادات الجزائر.
وقال الخبير في الفلاحة عدة بلمداح لـ "العربي الجديد": "الحكومة قدمت دعما ضخما للمزارعين من خلال القروض الموجهة لشريحة الشباب والقروض المصغرة لإنشاء تعاونيات فلاحية واستصلاح الأراضي، لكن المشكلة تكمن في غياب المتابعة والمحاسبة".
ويعتقد بلمداح، أن الفلاحين والشباب والعاطلين الذين أقبلوا على القروض الميسرة المخصصة للزراعة، لم يستغلوها في القطاع الفلاحي من الأساس.
ويشكو المزارعون من عقبات ومصاعب متعددة الأوجه أهمها عدم توفر وسائل حديثة لاستصلاح أراضيهم ورفع مردوديتها، وصعوبة الحصول على التمويل اللازم للاستثمار الزراعي، فضلا عن مشاكل الري وصعوبة تسويق وتصريف المحاصيل، بالإضافة إلى مشاكل أخرى مرتبطة بتقنيات الزراعة كتوافر الأسمدة والمعدات.
ويرى بلمداح، أن الزراعة هي القطاع البديل للنفط، فعلاوة على أنها تمكن من تأمين غذاء الجزائريين والتصدير للخارج وتوفير المداخيل بالعملة الصعبة.
ويرى الباحث الاقتصادي، فاتح بومرجان، أن المشاكل التي يشهدها قطاع الفلاحة تعود إلى بنية الاقتصاد الجزائري وانعدام النظرة الاستشرافية والاستراتيجية للقطاع من جانب المسؤولين، فرغم الإمكانيات التي تتوفر عليها البلاد من الأراضي الصالحة للزراعة والإمكانيات البشرية والمادية الكبيرة إلا أن مساهمة الفلاحة في الناتج المحلي الخام ضئيلة.
تقصير حكومي
وفيما تقول الحكومة إنها توفر للفلاحين دعما لا يجده نظراؤهم في بلدان أخرى، يرى الخبير بومرجان أن غياب التخطيط تسبب في غرق القطاع في خطط تشغيلية تستهدف المدى القصير وفي أحسن الأحوال المدى المتوسط فقط، أي الفترة الممتدة بين سنة إلى خمس سنوات، فضلا عن قلة المعلومات والمتابعة، غيّب عن المسؤولين ظاهرة "تبوير" الأراضي الزراعية التي تسلموها من الحكومة قبل سنوات دون الشروع في تنفيذ مشروعاتهم.
ويعتقد أن بإمكان الزراعة المساهمة بأكثر من 25% من إجمالي الناتج المحلي للدولة، مقارنة بمساهمة لا تتجاوز 5% في أحسن الأحوال.
وانتقد الإعلامي أحمد قرطي المتابع للشأن الزراعي، الحكومة الجزائرية التي قدمت دعما للفلاحين من أجل استغلال الأراضي دون وضع آليات لمراقبتهم والأساليب والتدابير التي اتخذتها من أجل مرافقة ومتابعة الفلاحين والمستفيدين من تلك المساحات الشاسعة.
ولفت قرطي إلى أن الحكومة ضخت أموال الدعم الزراعي دون اتفاق على شروط تلزم المستفيدين بإتمام مشاريعهم، وهو ما يؤثر على المردودية.
وتساءل المتحدث عمن استفاد من الأراضي الفلاحية، موجها أصابع الاتهام إلى المسؤولين عن توزيع مساحات شاسعة على من وصفهم بـ "مافيا العقار"، والتي حوّلت مساحات كبيرة من تلك الأراضي الزراعية إلى مبان سكنية أو مقرات لمشاريع استثمارية.
وعلى عكس التفاؤل الذي تبديه وزارة الفلاحة الجزائرية بشأن إيجاد مخرج للأزمة الاقتصادية التي تأثرت بها الجزائر بفعل النفط، يتوقع المتحدث أن النهوض بقطاع الفلاحة في الجزائر لن يكون قريبا، لافتا إلى أن تهديدات وزير الفلاحة لن تؤتي أُكلها سريعا.
وكشف مدير المعهد الجزائري التقني للزراعة والفلاحة عمر زغوان، أن مساحة الأراضي الخصبة غير المستغلة في الجزائر تقدر بنحو 3 ملايين هكتار من بين 8 ملايين هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة في الجزائر.
وأضاف المسؤول في تصريح للإذاعة الجزائرية مؤخرا، أن فاتورة استيراد المواد الزراعية بلغت نحو 11.6 مليار دولار خلال العام الماضي 2015، ما يعزز دوافع الحكومة بشأن تنمية الزراعة.
وأعلنت الحكومة الجزائرية أنها ستلجأ إلى تقليص تدفق الواردات التي من المتوقع أن تبلغ قيمتها 57.3 مليار دولار في 2015 مقابل 60 مليار دولار خلال 2014.
اقرأ أيضا: الدينار الجزائري يواصل التراجع لمستويات تاريخية
ولم تجد الحكومة، في هذه المرحلة، كنزا مُهملا يحقق الخلل الهيكلي في الاقتصاد، والذي كشفت عنه أزمة تهاوي أسعار النفط، أفضل من المساحات الخضراء أو تلك الصالحة للزراعة.
ويعتقد وزير الفلاحة الجزائري والتنمية الريفية والصيد البحري، سيد أحمد فروخي، أن بإمكان الجزائر تصدير كميات هائلة من المنتجات الخضراء بفضل استغلال ما يربو عن 400 ألف هكتار من الأراضي التي وزعت على الفلاحين وتحسين المنتج، ما يضمن للدولة، على المستوى البعيد، تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء.
ثروات ضائعة
"يبدو أن الفلاحة في الجزائر تعرف مأزقا حقيقيا"، هكذا يقول الخبير الزراعي علي آيت قاسي في تصريح لـ "العربي الجديد"، موضحا أن المنتج الزراعي لا يوفر أكثر من 5% من إجمالي الناتج المحلي رغم أن البلاد تتوفر على مئات آلاف الهكتارات الزراعية غير المستغلة، وهو ما يبرر على حد تعبيره، تهديدات وزير الفلاحة الجزائري بسحب الأراضي من الفلاحين الذين لم يجسدوا مشاريعهم الزراعية قبل نهاية العام الجاري.
وهدد وزير الفلاحة، الأسبوع الماضي، المزارعين والمستثمرين، بسحب الأراضي الزراعية التي حصلوا عليها والبالغة نحو 400 ألف هكتار، ما لم يشرعوا في استصلاحها خلال العام الجاري 2016.
وقال آيت قاسي، إن وزارة الفلاحة أبرمت ما يسمى بعقود النجاعة بغية استغلال الأراضي الزراعية، وذلك من خلال مخطط في الفترة ما بين 2009 إلى 2014، لكن نتائج تلك الخطوات لم ترق إلى مستوى طموح الحكومة في ضمان الأمن الغذائي وعدم اللجوء إلى الاستيراد.
وتهدف عقود النجاعة الزراعية، إلى رفع حجم الإنتاج الزراعي في البلاد إلى 6.61% من إجمالي الناتج المحلي بنسبة نمو تبلغ 33.8% في السنة.
وتتوفر الجزائر على نحو 8 ملايين هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة، لا تستغل الدولة أكثر من نصفها تقريبا، ما يدفع الحكومة للإسراع في توفير الإمكانيات اللازمة للمزارعين من أجل خفض فاتورة استيراد المواد الزراعية التي تستهلك العملات الصعبة.
وكان احتياطي الصرف الأجنبي للجزائر قد تراجع في نهاية 2015 بنحو 20% ليستقر عند 153 مليار دولار مقابل 178 مليار دولار نهاية عام 2014.
وبرأي الأخصائيين والخبراء في الجزائر فإن الفلاحة تعتبر مستقبل الاقتصاد الجزائري، ومن البدائل الطبيعية لتحصين ميزانها التجاري، وبخاصة عقب انتكاسة أسعار النفط وهبوطها الحاد في السوق الدولية. ويمثل النفط نحو 80% من إيرادات الجزائر.
وقال الخبير في الفلاحة عدة بلمداح لـ "العربي الجديد": "الحكومة قدمت دعما ضخما للمزارعين من خلال القروض الموجهة لشريحة الشباب والقروض المصغرة لإنشاء تعاونيات فلاحية واستصلاح الأراضي، لكن المشكلة تكمن في غياب المتابعة والمحاسبة".
ويعتقد بلمداح، أن الفلاحين والشباب والعاطلين الذين أقبلوا على القروض الميسرة المخصصة للزراعة، لم يستغلوها في القطاع الفلاحي من الأساس.
ويشكو المزارعون من عقبات ومصاعب متعددة الأوجه أهمها عدم توفر وسائل حديثة لاستصلاح أراضيهم ورفع مردوديتها، وصعوبة الحصول على التمويل اللازم للاستثمار الزراعي، فضلا عن مشاكل الري وصعوبة تسويق وتصريف المحاصيل، بالإضافة إلى مشاكل أخرى مرتبطة بتقنيات الزراعة كتوافر الأسمدة والمعدات.
ويرى بلمداح، أن الزراعة هي القطاع البديل للنفط، فعلاوة على أنها تمكن من تأمين غذاء الجزائريين والتصدير للخارج وتوفير المداخيل بالعملة الصعبة.
ويرى الباحث الاقتصادي، فاتح بومرجان، أن المشاكل التي يشهدها قطاع الفلاحة تعود إلى بنية الاقتصاد الجزائري وانعدام النظرة الاستشرافية والاستراتيجية للقطاع من جانب المسؤولين، فرغم الإمكانيات التي تتوفر عليها البلاد من الأراضي الصالحة للزراعة والإمكانيات البشرية والمادية الكبيرة إلا أن مساهمة الفلاحة في الناتج المحلي الخام ضئيلة.
تقصير حكومي
وفيما تقول الحكومة إنها توفر للفلاحين دعما لا يجده نظراؤهم في بلدان أخرى، يرى الخبير بومرجان أن غياب التخطيط تسبب في غرق القطاع في خطط تشغيلية تستهدف المدى القصير وفي أحسن الأحوال المدى المتوسط فقط، أي الفترة الممتدة بين سنة إلى خمس سنوات، فضلا عن قلة المعلومات والمتابعة، غيّب عن المسؤولين ظاهرة "تبوير" الأراضي الزراعية التي تسلموها من الحكومة قبل سنوات دون الشروع في تنفيذ مشروعاتهم.
ويعتقد أن بإمكان الزراعة المساهمة بأكثر من 25% من إجمالي الناتج المحلي للدولة، مقارنة بمساهمة لا تتجاوز 5% في أحسن الأحوال.
وانتقد الإعلامي أحمد قرطي المتابع للشأن الزراعي، الحكومة الجزائرية التي قدمت دعما للفلاحين من أجل استغلال الأراضي دون وضع آليات لمراقبتهم والأساليب والتدابير التي اتخذتها من أجل مرافقة ومتابعة الفلاحين والمستفيدين من تلك المساحات الشاسعة.
ولفت قرطي إلى أن الحكومة ضخت أموال الدعم الزراعي دون اتفاق على شروط تلزم المستفيدين بإتمام مشاريعهم، وهو ما يؤثر على المردودية.
وتساءل المتحدث عمن استفاد من الأراضي الفلاحية، موجها أصابع الاتهام إلى المسؤولين عن توزيع مساحات شاسعة على من وصفهم بـ "مافيا العقار"، والتي حوّلت مساحات كبيرة من تلك الأراضي الزراعية إلى مبان سكنية أو مقرات لمشاريع استثمارية.
وعلى عكس التفاؤل الذي تبديه وزارة الفلاحة الجزائرية بشأن إيجاد مخرج للأزمة الاقتصادية التي تأثرت بها الجزائر بفعل النفط، يتوقع المتحدث أن النهوض بقطاع الفلاحة في الجزائر لن يكون قريبا، لافتا إلى أن تهديدات وزير الفلاحة لن تؤتي أُكلها سريعا.
وكشف مدير المعهد الجزائري التقني للزراعة والفلاحة عمر زغوان، أن مساحة الأراضي الخصبة غير المستغلة في الجزائر تقدر بنحو 3 ملايين هكتار من بين 8 ملايين هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة في الجزائر.
وأضاف المسؤول في تصريح للإذاعة الجزائرية مؤخرا، أن فاتورة استيراد المواد الزراعية بلغت نحو 11.6 مليار دولار خلال العام الماضي 2015، ما يعزز دوافع الحكومة بشأن تنمية الزراعة.
وأعلنت الحكومة الجزائرية أنها ستلجأ إلى تقليص تدفق الواردات التي من المتوقع أن تبلغ قيمتها 57.3 مليار دولار في 2015 مقابل 60 مليار دولار خلال 2014.
اقرأ أيضا: الدينار الجزائري يواصل التراجع لمستويات تاريخية