وكان الوزير الجزائري قد وصل إلى بنغازي اليوم للقاء مسؤولي الحكومة المؤقتة المنبثقة من مجلس النواب، شرق البلاد. وبحسب المصدر نفسه الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، فإن بوقادوم "يجري حاليا لقاءً موسعًا برئيس الحكومة عبد الله الثني، في بنغازي قبل أن ينتقل للقاء عدد من نواب مجلس النواب المجتمع بطبرق".
وفيما لم يعرف حتى الآن ما إذا كان الوزير الجزائري سيجري زيارة إلى طرابلس، قال البرلماني الليبي، الذي فضل عدم نشر اسمه، إنّ "بوقادوم عرض مبادرة جزائرية تونسية للوساطة بين الأطراف الليبية"، مؤكّدًا أنّ حفتر وافق على قبول دعوة من الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون قدّمها له بوقادوم لزيارة الجزائر دون تحديد لموعدها.
لكن البرلماني قال إن "بوقادوم نقل لحفتر انزعاجاً جزائرياً واضحاً من استمرار القتال في محيط طرابلس وتداعياته على أمن بلاده"، مبدياً رغبة بلاده في "التوسط بين حفتر وقادة طرابلس من أجل وقف المعارك"، لافتا إلى أن "الوزير الجزائري دعا حفتر إلى الاطلاع عن قرب على رؤية تونس والجزائر للحل والتهديدات التي تواجه أمن البلدين في حال عودة المعارك في محيط طرابلس".
في سياق مواز أيضاً، ذكرت مصادر جزائرية مسؤولة لـ"العربي الجديد"، أن صبري بوقادوم قدم دعوة إلى حفتر لزيارة الجزائر للقاء الرئيس عبد المجيد تبون ومناقشة الأزمة الليبية ومسار الحل السياسي للأزمة، والنظر في إمكانية ترتيب عقد لقاءات مباشرة بين حفتر والسراج أو ممثلين عنهما في الجزائر.
وتأتي دعوة حفتر لزيارة الجزائر، بعد زيارة سابقة كان قد قام بها حفتر في ديسمبر/كانون الأول 2016، وأثنى حفتر خلال لقائه اليوم ببوقادوم على الدور الذي تقوم به الجزائر لإيجاد حل سياسي للأزمة الليبية، ودعم جهود إعادة الاستقرار إلى ليبيا.
وأبلغ الوزير الجزائري، حفتر بموقف الجزائر الرافض للحل العسكري ولأي تدخل أجنبي في ليبيا من أية جهة كانت، وحرصها على وحدة ليبيا وسلامة ترابها وحث على إقامة حوار ليبي ليبي دون أي تأثيرات خارجية.
وتعد زيارة صبري بوقادوم الثانية لوزير خارجية جزائري، بعد زيارة سابقة للوزير السابق عبد القادر مساهل.
تحول نوعي
وقرأ مراقبون في زيارة بوقادوم إلى بنغازي خطوة هامة وتحولا نوعيا في المجهود الدبلوماسي الذي تقوم به الجزائر لحل الأزمة الليبية، من حيث انتقالها إلى المبادرة وطرح خطة محلية وإقليمية للحل، تدعم مخرجات مؤتمر برلين.
وقال المحلل السياسي المهتم بالشؤون الليبية محمد ولد الصديق لـ"العربي الجديد" إن "الزيارة وذهاب الوزير إلى المكان، أي إلى أحد مراكز الأزمة في ليبيا، يؤشر على تحول الجزائر وانتقالها من مرحلة التعبير عن المواقف ومحاولات المساهمة السياسية إلى مرحلة بناء دور فعلي وعملي مبني على تقدير موقف تتقاسمه مع عدد من دول الجوار".
واعتبر ولد الصديق أن "الجزائر تستفيد من توازن موقفها ووجود قبول لها لدى طرفي النزاع داخل ليبيا من جهة، ولدى باقي الأطراف الإقليمية المتدخلة والمؤثرة في الداخل الليبي".
واعتقد أن دعوة الجزائر لحفتر لزيارتها، بعد زيارات سابقة للطرف الثاني ممثلا في السراج، "تستهدف استدراج حفتر وإخراجه من اصطفاف ومحور تؤثر فيه كل من مصر والإمارات على وجه التحديد".
وكانت الجزائر قد استقبلت في التاسع من يناير/ كانون الثاني الماضي رئيس حكومة الوفاق، فائز السراج، حيث نددت الرئاسة الجزائرية بـ"أعمال العنف"، ودعت إلى وقف القتال، بل اعتبرت العاصمة طرابلس "خطا أحمر لا يمكن تجاوزه". وعلى إثر تنظيم الجزائر لقاء على مستوى وزراء خارجية دول الجوار الليبي في 23 يناير/ كانون الثاني الماضي، قاطعت حكومة الوفاق اللقاء احتجاجا على دعوة الجزائر وزير خارجية الحكومة المنبثقة من مجلس النواب، شرق البلاد، معتبرةً أنه مخالفة لقرارات مجلس الأمن التي تمنع الدول من التعامل مع الأجسام السياسية الموازية لحكومة الوفاق.