الحكومة الجزائرية تحقق في مصادر تمويل أجنبي لمؤسسات إعلامية

16 ابريل 2020
يمنع القانون التمويل الأجنبي (فايز نور الدين/Getty)
+ الخط -
بدأت الحكومة الجزائرية التحري حول مصادر تمويل المؤسسات الإعلامية وإذاعات حديثة ومواقع إخبارية، تعتقد أنها تأسست بتمويل أجنبي، أو حصلت على تمويل من أطراف أجنبية بهدف إثارة معارضة لسياسات السلطة.

وأعلنت وزارة الاتصال الجزائرية، اليوم الخميس، فتح جميع ملفات التمويلات الخارجية للصحافة الوطنية، لوضع حد لكل التمويلات الأجنبية التي يمنعها القانون منعا باتاً، والتحقيق وإجراء مراجعات بشأنها من قبل "هيئات الدولة المختصة ودراستها وعرضها المفصل"، في إشارة إلى بدء تحقيقات أمنية وقضائية في الملف.

واعتبرت الوزارة أن التمويل الأجنبي لوسائل الإعلام والصحافة ينطوي على حسابات سياسية تستهدف تغذية قوى معارضة للإصلاح السياسي بحسبها، وأفاد البيان بأنها تنظر إلى التمويلات "من باب أنها تتضمن عناصر تمسّ بالسيادة الوطنية، وتغذي من جهة أخرى أشكال معارضة للإصلاحات الوطنية المرجوة".

وتشك السلطات الجزائرية في وجود عدد من الصحف والقنوات والمواقع الإلكترونية تتلقى دعماً أو تمويلاً من أطراف خارجية، ومن فرنسا خاصة، بهدف إثارة مواقف معارضة لسياسات السلطة.

وكانت السلطات قد أوقفت في هذا السياق موقع "مغرب ايميرجون"، و"راديو إم"، التابعين لمؤسسة واحدة، بزعم تلقيهما تمويلاً أجنبياً.

وعزت السلطات قرارها إلى "وجود تمويل أجنبي من جهات تشتغل على تعزيز المسارات التي تُسمى العصرنة والدمقرطة في بلدان الجنوب، بما يخالف قانون الإعلام، والعمل كذراع إعلامي وثقافي وقوة ناعمة لمصلحة دبلوماسيات أجنبية".

وأفادت الوزارة بأن "هذه التمويلات ممنوعة بموجب القانون العضوي للإعلام الصادر في يناير 2012 والقانون المتعلق بنشاط السمعي البصري الصادر في فبراير 2014"، وذكرت أن "التمويلات الأجنبية لأيّ نشاط كان يؤطرها القانون الذي لا يمكن أيّاً كان أن يحيد عنه".

وأكد البيان أن الحكومة ستطبق القانون بصرامة، ولن تقدم أية تنازلات في موضوع التمويلات الأجنبية، وجددت التذكير بالتزامات كان قد أعلنها الرئيس عبد المجيد تبون بشأن أن يمسّ الإصلاح السياسي الجوانب كافة، واعتبرت أن "استعراض التمويلات الأجنبية يتماشى وعملية التقويم الوطني التي يعتزم رئيس الجمهورية إنجاحها، والتي لا بد أن تمرّ عبر إعادة تصميم القواعد المؤسساتية والقانونية للدولة وللاقتصاد".

وأدرجت وزارة الاتصال مراجعة تمويلات الصحف ووسائل الإعلام في البلاد ضمن "عملية تقييمية دون تنازلات للوصول إلى إعادة بناء شامل للدولة التي تشكل القاعدة الأساسية التي تبنى عليها الجمهورية الجديدة، بما في ذلك الالتزامات الـ54 التي أعلنها الرئيس تبون غداة الانتخابات الرئاسية المنظمة في 12 ديسمبر الماضي".

وتنص المادة الـ29 من قانون الإعلام الجزائري على أنه "يمنع الدعم المادي المباشر وغير المباشر الصادر عن أية جهة أجنبية"، وتلزم المادة نفسها وسائل الإعلام المكتوبة والسمعية البصرية بأن "تصرح وتبرر مصدر الأموال المكونة لرأسمالها والأموال الضرورية لتسييرها"، ويشترط القانون الجزائري أن يكون رأس المال الاجتماعي للقنوات التلفزيونية والإذاعات التي تبث على الساتل أو عبر الويب، رأس مال وطنياً خالصاً، وأن يُثبَت مصدر الأموال المستثمرة.

وذكر بيان وزارة الاتصال أن الوزير والمتحدث الرسمي باسم الحكومة، عمار بلحيمر، كان قد دعا أخيراً الفاعلين في الصحافة الوطنية إلى الاحترام الصارم للقانون، ولا سيما في ما يخصّ التمويلات الأجنبية، ورأى أن هذه التمويلات الخارجية للصحافة الوطنية ممنوعة منعاً باتاً مهما كانت طبيعتها أو مصدرها.

لكن صحافيين كمجموعة "صحافيون متحدون" أصدرت بيان تنديد بممارسات السلطة إزاء الحريات الصحافية، وناشطين يدافعون عن حرية التعبير في الجزائر، وتعتبر أن المبررات التي تسوقها السلطات، وإطلاقها لمزاعم بشأن التمويل الأجنبي، ليست سوى مبررات تحاول استخدامها لإسكات أصوات حرة وإغلاق مؤسسات تتبنى خطاً مهنياً انتقادياً للسلطة، وبالتالي تضييقاً على القوى المعارضة للسلطة.