الجزائر: تحذير من تداعيات الإفراط في طباعة النقود

18 ابريل 2018
الجزائريون يعانون من تضخم أسعار السلع (رياض كرامدي/فرانس برس)
+ الخط -
حذر صندوق النقد الدولي الجزائر من الإفراط في الاعتماد على التمويل غير التقليدي خاصة طباعة الصندوقنوت، وقال في تقريره الأخير إن "الجزائر تتجه مباشرة نحو أزمة مالية"، متوقعا تجاوز نسبة التضخم المستويات المعتادة.

وتقاطعت توقعات الصندوق الصادرة، أول من أمس، مع اتجاهات الحكومة الجزائرية التي لجأت إلى التمويل غير التقليدي للخزينة العمومية بالاقتراض من الصندوق المركزي.

وكشف رئيس الحكومة الجزائرية أحمد أويحيى، يوم السبت الماضي، أن "الجزائر طبعت قرابة 2200 مليار دينار (نحو 19.5 مليار دولار) سمحت للبنك المركزي إقراض الخزينة العمومية التي ستوجه الأموال إلى تمويل المشاريع العمومية ودفع الديون المستحقة على عاتق الدولة".

وأكد رئيس الحكومة، الذي يوصف بمهندس عملية "التمويل غير التقليدي، أن "نسبة التضخم انخفضت من 5.6 % نهاية 2017 إلى 5.2% في يناير/كانون الثاني الماضي ثم إلى 4.9 % شهر فبراير/شباط الماضي، وهي أرقام تؤكد تحكم الحكومة في التضخم عكس تحليلات الخبراء" حسب أويحيى.





وكانت الحكومة الجزائرية قد عدلت نهاية السنة الماضية قانون القرض والنقد حتى تسمح للبنك المركزي بطباعة النقود، لتمويل المشاريع الحكومية وسداد الدين الداخلي للحكومة، خاصة ديون شركات البناء العالقة، في ظل تراجع عائدات النفط ودخول البنوك في أزمة سيولة حادة.

ولاقت الخطوة معارضة شديدة من أحزاب سياسية وخبراء اقتصاد تخوفوا من الآثار السلبية لطبع النقود، مثل ارتفاع التضخم وانخفاض قيمة العملة المحلية.

وحذر هؤلاء حكومة الجزائر من خطورة التمويل غير التقليدي (طباعة النقود)، وآثاره على معدلات التضخم والأسعار والقدرة الشرائية، وسط تأكيدات من الحكومة بمرافقته بإجراءات رقابية صارمة لتفادي انعكاساته السلبية.

وعلى الرغم من أنّ رئيس الحكومة الجزائري، يحرص في كل لقاء له مع الصحافة على الإشادة بالإجراءات التي تبنتها حكومته، وعلى رأسها الاستنجاد بالتمويل غير التقليدي واللجوء إلى طباعة كتل نقدية جديدة، يتمسك خبراء الاقتصاد بتحليلاتهم، بخصوص تداعيات الاعتماد على هذه الطريقة على الاقتصاد الوطني وارتفاع نسب التضخم.

وإلى ذلك يقول الخبير الاقتصاد فرحات علي لـ"العربي الجديد" إن "الحكومة تملك الأرقام وتتحكم فيها، وذلك لاحتكار الديوان الجزائري لمركز الإحصائيات التابع للحكومة والمختص في الدراسات الدورية المتعلقة بالتضخم والبطالة ونسبة النمو، وبالتالي يصعب تكذيب أرقام الحكومة رغم تناقضها مع المنطق الاقتصادي".

وأضاف نفس المتحدث لـ "العربي الجديد" أن "أبجديات الاقتصاد تقوم على قواعد حسابية منطقية، وبالتالي، فإنّ طبع دينار واحد وضخه في شريان الاقتصاد من دون مقابل من المنتجات أو الخدمات ينعكس على المعادلة الاقتصادية، ويسبب تبعا لذلك زيادة في التضخم".

من جانبه اعتبر أستاذ العلوم الاقتصادية كمال رزيق أن "تصريحات رئيس الحكومة بشأن التحسن الاقتصادي سياسية بالدرجة الأولى وليست ذات أبعاد اقتصادية، إذ تهدف أساسا إلى طمأنة المواطنين وتهدئة الرأي العام".




واستشهد رزيق في حديثه بالأسعار، متسائلاً: "هل الأسعار المعتمدة اليوم هي نفسها لشهر سبتمبر/أيلول من السنة الماضية (أي قبل اللجوء إلى طبع الأموال)، وأجاب "أكيد لا"، وبالتالي يجب إعطاء مزيد من الوقت للدورة الاقتصادية للحكم على نجاح العملية من عدمه".

وتعيش الجزائر منذ عام 2014 أزمة اقتصادية حادة جراء انهيار أسعار النفط، وفقدانه ما يقرب من 50 % من قيمته.

كما تهاوت احتياطات الجزائر من العملة الصعبة إلى 97.3 مليار دولار حتى نهاية 2017، حسب ما صرح به مطلع فبراير/ شباط الماضي محافظ بنك الجزائر محمد لوكال، فيما كانت الاحتياطات عند 114.1 مليار دولار نهاية 2016، ما يمثل تراجعا بنحو 16.8 مليار دولار ما بين نهاية 2016 ونهاية 2017.

ويتوقع صندوق النقد الدولي في تقريره حول الاقتصاد الجزائري الصادر، أول من أمس، أن "يبلغ النمو الداخلي الخام الجزائري 3.5 % في 2018"، لكنه جد متشائم بخصوص السنوات القادمة.

ويقول التقرير إن "النمو سيعود في 2018 بفعل تحرير الميزانية". ويؤكد الصندوق الدولي: "سيزداد النمو والتضخم في نفس الوقت وبالموازاة مع الاستثمارات العمومية المعلنة لسنة 2018".

وبخصوص السنوات المقبلة، رسم خبراء الصندوق صورة سوداء حيث قالوا إنه "من الصعب على الجزائر الوصول إلى 2 % من نمو الناتج الداخلي الخام سنتي 2019 و2020، وهي نسبة تعبر في ذاتها عن نمو ضعيف بالنسبة لبلد يشكل فيه الشباب نسبة كبيرة من السكان".

ويتوقع الصندوق "صعوبات لمقاومة محاولات التراجع عن الإصلاحات، رغم كون البلد يتجه مباشرة نحو الأزمة المالية بفعل اللجوء إلى تغطية العجز في الميزانية عن طريق التمويل غير التقليدي".
المساهمون