ينظر المزارعون الجزائريون إلى السماء بكثير من الترقب، وسط قلق من تكرار أزمة الجفاف في ظل تأخر تساقط الأمطار، بالتزامن مع انطلاق موسم الحرث ونثر البذور الذي تأجل في عدة محافظات.
ولم يشهد سبتمبر/ أيلول وأكتوبر/تشرين الأول الماضيين تساقطا كبيراً للأمطار، التي تراجعت منذ بداية الموسم الزراعي بنسبة 40% عن العام الماضي 2015، ونحو 60%، مقارنة بالأعوام السابقة.
وتشير التوقعات الأخيرة لمصالح الأرصاد الجوية إلى عدم سقوط أمطار خلال أسبوعين آخرين، ليصل عدد الأسابيع التي لم تشهد فيها البلاد أمطاراً نحو 11 شهراً.
ويجد المزارعون صعوبة في إخفاء قلقهم من انحباس الأمطار، الذي تبني عليه الجزائر آمالاً كثيرة من أجل تجاوز الموسم الزراعي الماضي "المخيب"، وانتظار محصول وفير يعفي البلاد من الاستيراد الذي تفاقمت فاتورته.
ويقول عمر ثومي، وهو واحد من بين المئات من المزارعين الذي يسيطر عليهم القلق إنه "اضطر إلى تأخير الحرث ونثر البذور إلى منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الجاري كأقصى أجل، بعدما تعود على فعل ذلك منتصف سبتمبر/أيلول من كل عام".
وأضاف ثومي من محافظة "المسيلة" جنوب العاصمة الجزائر، في مقابلة مع "العربي الجديد"، أن "أنظاره أصبحت معلقة بين النشرات الجوية والسماء وكأن السنة الماضية تتكرر".
هذا الوضع دفع وزارة الفلاحة (الزراعة) عبر الديوان الجزائري للسقي وصرف المياه، إلى دعوة جميع المزارعين من خلال رسائل نصية، إلى اعتماد طريقة السقي عبر المياه الجوفية والسدود والوديان، مشيرة إلى أنه يمكن استئجار المعدات اللازمة للري مثل المضخات من التعاونيات الزراعية، مقابل دفع 75% من القيمة الإيجارية لهذه المعدات على أن تدفع وزارة الفلاحة الباقي كدعمٍ للمزراعين، أو عن طريق اقتطاع جزء من المحاصيل بعد نهاية عملية الحصاد.
ويقول عيسى منصور الخبير الزراعي، لـ "العربي الجديد" إن تساقط الأمطار في غاية الأهمية خلال هذه الفترة من أجل تمكين المزارعين من الشروع في عملية حرث وبذر حوالي 3.5 ملايين هكتار من الأراضي الزراعية المخصصة للحبوب (الهكتار يعادل 10 آلاف متر مربع).
وكان الجفاف الذي ضرب الجزائر أواخر 2015 واستمر إلى نهاية مارس/ آذار 2016، قد أدى إلى تراجع إنتاج الحبوب بمختلف أنواعها من قمح وشعير إلى حوالي 33 مليون قنطار (القنطار يعادل 100 كيلوغرام) في موسم الحصاد 2015/ 2016، مقابل 40 مليون قنطار في الموسم السابق، وفق حصيلة أعلنتها وزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري.