الجزائر: التفرّد بالقرارات يسقط حركة "بركات"

03 نوفمبر 2014
نظّمت الحركة تظاهرات ضد ترشّح بوتفليقة (فاروق بطيش/فرانس برس)
+ الخط -

تنقسم حركة بركات،(كفاية)، على نفسها في الجزائر، وهي التي خرجت في شهر فبراير/شباط الماضي إلى الشارع، معارضة ترشّح الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، لولاية رئاسيّة رابعة في الانتخابات، التي جرت في أبريل/نيسان الماضي.

ويتّهم بيان وقّعه 13 من قادة الحركة، أبرزهم عبد الغني بادي، وسمير بن العربي، وعبد الوكيل بلام وحمو الحاج أزواو، "عدداً من قيادات الحركة بالتفرّد بقرار صياغة ونشر وثيقة سياسيّة"، مما شكّل "مفاجآة لنا كأعضاء في الحركة، لم نُستشر في مضمونها، ولم نكن لنوافق على بعض النقاط المضمّنة فيها".

ويعتبر معارضو الوثيقة أنّها "لا تُعبّر عن رأي الحركة وخطّها السياسي، الذي تأسّست من أجله"، مشيرين الى أنّ "حركة بركات، التي تأسّست كحركة مواطنة سلميّة، بعد الوقفة المناهضة للعهدة الرابعة، اعتبرت نفسها خيمة لكل الجزائريين من غير إقصاء، وضمّت مناضلين من جميع التيّارات والتوجّهات السياسيّة، بعيداً عن أيّة ايديولوجيّة". وتصرّ المجموعة الموقّعة للبيان، على أنّ "هذه الأرضيّة، التي تمّ إعدادها من أفراد استولوا على الحركة، بعيداً عن غالبيّة أفراد الحركة ومناصريها، ونشرها في الصحافة من دون استشارة أعضائها، لا تعبّر إلا عن رأي أصحابها، وتتعارض مع مبادئ الحركة وأهدافها، ولا تمثّل مئات المواطنين، الذين خرجوا واعتُقلوا في وقفات الحركة، وناصروا طرحها، وآمنوا بفكرها ونهجها السلمي في التغيير".

ويتبرأ مؤسّسو الحركة وأعضاؤها ومناصروها، وفق البيان، من "هذه الأرضيّة ويرفضون ما جاء فيها، ويعتبرون أنّ الحركة أكبر من أن تُختصر في وثيقة، تحمل طابعاً أيديولوجياً يخدم جيداً هذا النظام، الذي يسعى إلى تشويه كلّ الأصوات المعارضة".

وكانت المسؤولة الأولى في حركة "بركات"، أميرة بوراوي، ومجموعة موالية لها من قيادات الحركة، قد نشرت قبل أيام وثيقة سياسيّة، تضمنّت المطالبة بإقصاء كلّ القوى المعارضة للتقدّم والمرتبطة بأساليب النظام، وتنظيف البيئة السياسيّة، وإنهاء الشرعيّة التاريخيّة عن طريق حلّ أحزاب الدولة وتنظيمات العائلة الثوريّة، والفصل بين الديني والسياسي، وإصلاح المنظومة التربويّة عن طريق تبنّي تربية حداثيّة وتقدميّة، والتأكيد على الطابع الديمقراطي الحداثي الجمهوري والمدني للدولة الجزائريّة.

ويعتبر مراقبون أنّ الحركة، بإعلانها الأرضيّة السياسيّة، تكون قد أعلنت عن لونها السياسي العلماني، وأثارت النقطة الأخيرة في الأرضيّة، والمتّصلة بفصل الدين عن الدولة، حفيظة التيّارات الإسلاميّة. وفي سياق متّصل، يقول بن العربي لـ"العربي الجديد"، إنّه "بالنسبة إلينا كمؤسسين لـ(بركات)، فإنّ الحركة انتهت ووصل مسارها إلى نهايته، لكنّنا سنواصل النضال من منصّات مدنيّة أخرى"، معتبراً أنّه "لا يمكن لمجموعة من قادة الحركة التفرّد بالقرار، وإصدار أرضيّة سياسيّة من دون العودة إلى مجموعة قيادات الحركة، الذين عقدوا آخر اجتماعاتهم في 14 سبتمبر/أيلول الماضي".

يُذكر أنّ حركة "بركات"، شكّلها ناشطون وصحافيون، في نهاية شهر يناير/كانون الثاني الماضي، وتبنّت معارضة راديكالية لتَرشّح بوتفليقة لولاية رئاسيّة رابعة، ونظّمت إزاء ذلك احتجاجات في الشارع، جابهتها السلطات بالقمع والعنف في البداية.

وتطالب الحركة بمرحلة انتقاليّة، وانتخاب مجلس تأسيسي تحت تنظيم وإشراف هيئة مستقلّة، وتحضير دستور توافقي يتم الاستفتاء عليه شعبياً، والعودة إلى بناء مؤسّسات الدولة، وفق ما ينصّ عليه الدستور الجديد. كما تعتبر أنّ سبيل الخروج من الأزمة المتشعّبة، التي تعيشها الجزائر، يمرّ عبر فتح حوار وطني جاد مع كلّ القوى الوطنيّة لتغيير هذا النظام بطريقة سلميّة.
وبعد الانتخابات الرئاسيّة، أعلنت الحركة عزمها على مواصلة النضال لإنهاء ما تصفه بمرحلة الفراغ المؤسّساتي، بسبب عجز الرئيس، وانخرطت في مسار سياسي بلقائها مع أهم أحزاب وشخصيّات المعارضة وجمعيّات المجتمع المدني، لشرح مواقف وأهداف الحركة لقناعتها بأنّ التغيير يحتاج إلى تكاتف جهود الجميع من دون إقصاء.

وتعتبر الحركة أنّ الجزائر حالياً رهينة سلطة غير شرعيّة، مع استمرار نظام استحوذ على الدولة منذ الاستقلال بطرق غير شرعيّة، وسطا على الثروات وتنكّر للتاريخ، إضافة إلى التسيير الكارثي وغياب الروح الوطنيّة والفوضى. وتعارض الحركة السلطة الحالية، وتصفها "بالمتحجرة بذهنيّة عشائريّة، هدفها الوحيد البقاء على حساب الشعب، وبالدوس على تاريخ بأكمله، وإغراق البلد شيئاً فشيئا في بحر الخراب والعيش الوضيع". كما تدعو الحركة إلى تبنّي نظام جديد للدولة ومنظومة سياسيّة ديمقراطيّة، وأن توضع الدولة في خدمة المجتمع لا العكس.