الجزائريون يحيون ذكرى المولد النبوي بالتكافل وتبادل التهاني

08 نوفمبر 2019
من طقوس الاحتفال بالمولد النبوي (علي أتماكا/ Getty)
+ الخط -

يحتفل الجزائريون الليلة بمولد النبي محمد (يصادف غداً)، وسط طقوس توارثتها الأجيال، جعلت منها فرصة للتكافل وتبادل التهاني والتبريكات.

وتتميّز هذه الليلة بكثير من الطقوس التي أصرّ كثيرون على الحفاظ عليها. وعادة ما تعدّ النساء أطباقاً تقليدية عدة احتفالاً بالمناسبة، ويجمعن أفراد العائلة الواحدة، في ليلة تعد فرصة للفرح. وتقول السيدة العطرة لـ "العربي الجديد" إن العائلات تحتفي في كثير من المناطق الجزائرية بـ "عشاء المولد".

ويعمد بعض العائلات إلى الاحتفال من خلال ختان الأطفال، وارتداء ملابس تقليدية، مع الحرص على ترسيخ مكارم الأخلاق بين الأطفال. وتعد المناسبة فرصة للتكافل الاجتماعي والتعاون بين الجيران، الذين يحرصون على توزيع الحلويات في ما بينهم، تعبيراً عن المحبة وتوطيد العلاقات الإنسانية. ويقول سيد علي لـ "العربي الجديد" إن "العائلات تتبادل الأكلات الشعبية في ما بينها، تكريساً للودّ بين أبناء الجيران".

في هذه الليلة، تجتمع العائلات حول مائدة العشاء، وتحضّر ربات البيوت الأطباق التقليدية مثل  "الرشتة" و"الشخشوخة" و"الكسكسي"، التي تطهى باللحم والدجاج والخضار والحمص، "إيذاناً بفرحة قدوم مولد النبي محمد". وتوضح زينة أن هذه المناسبة "تدخل البهجة والفرح إلى قلوب العائلات".


كذلك تتفنّن النساء في إعداد الحلويات التقليدية مثل "البقلاوة" و"المقرود"، وتعد من أهم الحلويات التي تطهى في مثل هذه المناسبة، إضافة إلى شراء مختلف أنواع المكسرات لما لها من دلالة على الخير والوفرة. كذلك تضع النساء الحناء على أيادي الصغيرات، الأمر الذي يدخل الفرحة إلى قلوبهن.

ويتشابه الجزائريون في الاحتفال بمولد النبي محمد. وتقول نورة بوعنان لـ "العربي الجديد" إنه في السابق كانت الاحتفالات أكبر، وكان الأطفال يشترون الحلويات والألعاب النارية، ويشعلون السماء بها ليلاً، ولا يتوقفون عن ترداد الأهازيج تعبيراً عن فرحتهم بهذه المناسبة.

وأصبح عيد المولد النبوي الشريف عنواناً للتكافل والتضامن مع الفقراء والمرضى. وتأخذ الجمعيات الخيرية على عاتقها زيارة المرضى ومحاولة إسعادهم وإدخال البهجة إلى قلوبهم، على غرار ما تقوم به جمعية "ناس الخير" في ولاية الشلف التي زارت أطفالاً مرضى في مستشفى الولاية. ويقول عمار بن ساسي، أحد أعضاء الجمعية، لـ "العربي الجديد": "نعمد أيضاً إلى زيارة دور العجزة والاحتفال معهم في هذه المناسبة وتقديم الهدايا لهم، كمحاولة لخلق جو عائلي مع هؤلاء الذين يفتقدون عائلاتهم في مناسبة كهذه".


وعلى الرغم من اهتمام العائلات الجزائرية بالاحتفال بهذه المناسبة للمّ شمل، ومشاهدة البرامج الخاصة بالمولد النبوي على التلفاز، إلا أن البعض في الجزائر أصبح لا يهتم بهذه المناسبة، بسبب غلاء الأسعار وضعف القدرة الشرائية. وترى بعض العائلات أن الاحتفال بهذا اليوم "بدعة تفرغ الجيب فقط". وإن كان البعض يصر على ضرورة التذكير بالمناسبة، يعترف آخرون فقط بعيدي الفطر والأضحى.

وتقول الأستاذة في علم الاجتماع وهيبة بن صافي إن الاحتفال بهذه المناسبة فرصة للقاء العائلات. وتوضح لـ "العربي الجديد" أن "مثل هذه المناسبات تعيد للعائلات علاقاتها وتصونها من التفكك وتزيد من الرحمة بين أفرادها"، لافتة إلى أن الإسراف في الاحتفال مضرّ في كل المناسبات.

وجعلت السلطات الجزائرية يوم المولد النبوي يوم عطلة رسمية مدفوعة الأجر.