الجزائر..شكوك حول تراجع نسب البطالة مع تهاوي إيرادات النفط

02 اغسطس 2016
مظاهرات سابقة ضد البطالة في الجزائر (أرشيف-فرانس برس)
+ الخط -


رغم مرور الاقتصاد الجزائري بحالة انكماش دخلت سنتها الثانية بفعل تراجع إيرادات البلاد من بيع النفط إلى أكثر من الثلثين، ما أدى إلى تجميد العديد من المشاريع وتجميد عمليات التوظيف في القطاعين العمومي والخاص، إلا أن أرقام البطالة في الجزائر جاءت عكس كل التوقعات، حيث أظهرت تحسناً ملحوظاً في سوق العمل، ما أثار حفيظة مراقبين بشأن مدى مصداقيتها.
ووفق حسابات "العربي الجديد" التي استندت إلى بيانات الديوان الجزائري للإحصاء الصادرة أمس، فقد تمكن الاقتصاد الجزائري من خلق 300 ألف وظيفة في الفترة من سبتمبر/أيلول الماضي وحتى أبريل/نيسان (7 أشهر)، في حين أن إجمالي الوظائف التي تم توفيرها في الفترة بين سبتمبر/أيلول 2014 والشهر ذاته من 2015 (سنة كاملة) بلغ نحو 360 ألف وظيفة.

وتُشير بيانات الديوان الجزائري، إلى تراجع نسبة البطالة إلى 9.9% بنهاية أبريل/نسيان الماضي، مقابل 11.2% في نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، ما يمثل 2.7% كنسبة تراجع للبطالة في 7 أشهر، وهي أرقام تعاكس الخطاب الرسمي الذي يقر بوجود أزمة اقتصادية.
وتعادل نسبة البطالة نحو 1.198 مليون شخص، في حين بلغ عدد السكان الناشطين، أي الذين بلغوا سن العمل، نحو 12 مليون شخص بنهاية أبريل/نيسان، مقابل 11.932 مليون في سبتمبر/أيلول.
وكثيراً ما يشكك المراقبون للشؤون الاقتصادية في الجزائر، في أرقام البطالة التي تعلن عنها الحكومة، لأنها حسب الكثير لا تتطابق مع الواقع، فيكفي أن تتجول في كبرى المدن وحتى في القرى، لتقف على حجم شبح البطالة الذي خيم على البلاد.




وفي السياق، يقول الخبير الاقتصادي محمد ايمزيان: "أرقام البطالة في الجزائر دائما ما تكون سياسية أكثر منها واقعية، كما أن طريقة احتسابها من طرف ديوان الإحصائيات تشوبها الكثير من نقاط الظل المبهمة، فمثلا يعتبر الديوان "غير عاطل" كل شخص اشتغل ولو ليومٍ واحدٍ في السنة، أي أن المعلومات غير محددة، كما لا يحتسب الديوان النساء المقيمات في البيت والمؤهلات للعمل، وفق ايمزيان.
وقلما غادرت البطالة واجهة الأحداث في الجزائر في العقدين الأخيرين، وظلت ورقة سياسية تستعملها الحكومة من جهة والمعارضة من جهة أخرى، فيما يجمع المراقبون أن الأسباب الحقيقية وراء انتشارها مرتبط بأمور عدة منها السياسي والاقتصادي، فيما يظل جزء منها مرتبطا بطبيعة التعليم وعدم ربطه باحتياجات سوق العمل.

وحسب المستشار الاقتصادي والمالي المستقل بلخير عمر الحاج، فإن البطالة في الجزائر مردها إلى ثلاثة أسباب رئيسية، أولها حجم القطاع الإنتاجي في البلاد، فالجزائر تحوز على 700 ألف شركة صغيرة ومتوسطة و500 شركة كبرى، في حين بلد كالجزائر يحتاج إلى 1.5 مليون شركة صغيرة ومتوسطة و5 آلاف شركة كبرى لكي تمتص على الأقل 75% من البطالة.
ومنذ أربعة عقود والحكومات المتعاقبة تجاهد من أجل تشجيع الاقتصاد خارج المحروقات، لكنها فضلت التركيز على البنى التحتية عوض تشجيع الاستثمارات الإنتاجية، ففي السنوات 14 الماضية، شكلت المشاريع في قطاع الصناعة 12% من جل المشاريع المسجلة لدى الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، وفق الحاج.

وعن السبب الثاني لتفاقم البطالة في الجزائر، يقول المتحدث ذاته لـ "العربي الجديد"، إنه يكمن في اختلال العلاقة بين التعليم الجامعي والمهني ومتطلبات سوق العمل، فالجهاز التعليمي عرف العديد من التحولات التي لم يكن لها علاقة مع الجهاز الاقتصادي وسوق التشغيل، حيث تم التركيز على العلوم الإنسانية في حين تدير لها سوق العمل ظهرها.
وذكر أن ثمة قطاعات تعرف طلبا كبيرا على اليد العاملة، لكن الجامعات ومراكز التعليم لم تنجح في تلبية هذه الطلب المتزايد مثل الزراعة والأشغال العامة.

أما السبب الأخير فيلخصه المستشار الاقتصادي والمالي المستقل الحاج، في طريقة علاج مشكل البطالة، "ففي كل مرة نحاول فيها حل مشكل البطالة، نقع في نفس الخطأ، وهو محاولة حل المشاكل بطريقة منعزلة دون الإلمام بكافة جوانب أزمة البطالة".
وكان صندوق النقد الدولي قد توقع أن تصل البطالة نهاية 2016 في الجزائر إلى حدود 11.3%، ويرجع الصندوق توقعاته إلى وقف التوظيف في الإدارات العامة بفعل الإجراءات التقشفية التي أقرتها الحكومة.

وبلغ عدد الجزائريين العاملين 10.895 مليون شخص، نحو 81% منهم رجال، فيما تملأ النساء نسبة الوظائف المتبقية.
وحسب السن، فالأشخاص البالغون 25 سنة فما فوق يمثلون 7.5% من البطالة، أما الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و24 سنة، فانخفضت نسبة البطالة عندهم إلى 24.7% في أبريل، مقابل 30% في سبتمبر.
وحسب القطاعات، تتصدر التجارة والخدمات أكبر المشغلين في الجزائر بنسبة 61.7%، يليهما قطاع البناء والأشغال العمومية بنحو 16.6% والصناعة بنحو 13% ثم أخيرا الفلاحة بـ 8.7%.



المساهمون