22 نوفمبر 2024
الجريمة ولعبة الأمم
كلما مر الوقت على قضية إخفاء الكاتب السعودي، جمال خاشقجي، من دون أن يظهر أي رد فعل قاس وحازم وناجع تجاه المسؤولين عن تغييبه أو قتله، تنفس هؤلاء الصعداء، ووضعوا في حساباتهم أن القضية ستدخل في متاهة الرتابة والنسيان وحسابات المصالح الكبرى، ليكون مصير خاشقجي مماثلاً لمصير معارضين كثيرين سبقوه تم خطفهم وقتلهم، ولم تتكشف حتى اليوم تفاصيل واضحة لما حدث لهم. على سبيل المثال، فإن التسريبات حول خطف وقتل المعارض المغربي المهدي بن بركة لا تزال مستمرة، من دون أي رواية جازمة لما حدث له أو المسؤول عن قتله، على الرغم من مرور نحو 53 عاماً على القضية، إذ إنه اختفى في مثل هذا الشهر من العام 1965 في باريس.
الأمر نفسه على سبيل المثال بالنسبة إلى المعارض الليبي منصور الكيخيا، والذي اختفى أيضاً من القاهرة في عام 1993 وعثر على جثته في ليبيا في عام 2012 بعد سقوط نظام معمر القذافي، لكن أيضاً من دون الكشف عن تفاصيل الاختفاء ولا القتل. ربما العثور على جثمان الكيخيا حالة استثنائية في عمليات الإخفاء الأخرى، على غرار موسى الصدر الذي لا يزال بعضهم في لبنان يأمل في العثور عليه حياً، أو ناصر السعيد، المعارض السعودي الذي اختفى في بيروت عام 1979، وقيل إنه ألقي به من الطائرة تنفيذاً لأوامر سعودية، إلا أن لا رواية رسمية بعد لقتله أو خطفه.
مؤكّد أن القائمين على عملية إخفاء الكاتب السعودي، جمال خاشقجي، أو قتله، يعولون على الحالات السابقة، ويراهنون على أن الأيام ستكون كفيلة بإدخال القضية في دوامة الروتين وبيروقراطية لجان التحقيق. وعلى الرغم من الفارق في الأزمة بين حالة خاشقجي والحالات السابقة، وسلطة وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي في تكريس الضغط للكشف عن مصيره، إلا أن الرهان بالنسبة إلى مرتكبي الجريمة هو على عامل الزمن والمصالح السياسية التي تحكم العلاقات بين الدول، وتجعل من القضية "مجرّد حادثة" يحمل وزرها الذي وقع ضحيتها فقط، وربما تقديم بعض "أكباش الفداء" مسؤولين مباشرين عن العملية، وعزلها عن أي أبعاد ساسية أخرى.
قد يكون مثل هذا السيناريو بدأ بالظهور فعلياً مع تشكيل لجنة التحقيق المشتركة بين تركيا والسعودية. ويمكن أن تثار بشأن اللجنة تساؤلات كثيرة، في ما لو كانت بداية "صفقة" بين أنقرة والرياض لإيجاد مخرج مناسب للسعودية من القضية. تساؤلات تدعمها التسريبات الكثيرة عن القضية، والتي باتت تحفل بها الصحف التركية، وخصوصاً التسجيلات التي قيل إن ساعة خاشقجي احتوتها، وأثبتت تعرّضه للتعذيب والقتل. تؤكد هذه التسريبات أن لدى السلطات التركية الرواية الكاملة لعملية القتل، وأن المسؤولين عنها باتوا معروفين بالاسم والصفة، فأي حاجة للجنة التحقيق المشتركة في الكشف عما هو بات معلوماً أساساً؟ وما هو الدور الذي سيكون مناطاً به؟ وكيف يمكن لمتّهم بشكل مباشر أن يكون مشاركاً بالتحقيق في جريمة هو مرتكبها؟
مسار القضية في الأيام المقبلة لا بد أن يحمل إجابات عن هذه التساؤلات، وما إذا كان الموضوع دخل فعلياً في البازار السياسي الثلاثي الأبعاد (التركي السعودي الأميركي). مزيد من المماطلة في الكشف عما في حوزة السلطات التركية، وهو يبدو كثيرا، يعني بالضرورة أن حسابات المصالح السياسية والاقتصادية بدأت تلعب دوراً كبيراً في الجريمة، والتي تكون قد خرجت من الشق الجنائي البحت، لتدخل في لعبة الأمم، لتكون الخسارة مقتصرةً على الضحية والمقرّبين منه.
الأمر نفسه على سبيل المثال بالنسبة إلى المعارض الليبي منصور الكيخيا، والذي اختفى أيضاً من القاهرة في عام 1993 وعثر على جثته في ليبيا في عام 2012 بعد سقوط نظام معمر القذافي، لكن أيضاً من دون الكشف عن تفاصيل الاختفاء ولا القتل. ربما العثور على جثمان الكيخيا حالة استثنائية في عمليات الإخفاء الأخرى، على غرار موسى الصدر الذي لا يزال بعضهم في لبنان يأمل في العثور عليه حياً، أو ناصر السعيد، المعارض السعودي الذي اختفى في بيروت عام 1979، وقيل إنه ألقي به من الطائرة تنفيذاً لأوامر سعودية، إلا أن لا رواية رسمية بعد لقتله أو خطفه.
مؤكّد أن القائمين على عملية إخفاء الكاتب السعودي، جمال خاشقجي، أو قتله، يعولون على الحالات السابقة، ويراهنون على أن الأيام ستكون كفيلة بإدخال القضية في دوامة الروتين وبيروقراطية لجان التحقيق. وعلى الرغم من الفارق في الأزمة بين حالة خاشقجي والحالات السابقة، وسلطة وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي في تكريس الضغط للكشف عن مصيره، إلا أن الرهان بالنسبة إلى مرتكبي الجريمة هو على عامل الزمن والمصالح السياسية التي تحكم العلاقات بين الدول، وتجعل من القضية "مجرّد حادثة" يحمل وزرها الذي وقع ضحيتها فقط، وربما تقديم بعض "أكباش الفداء" مسؤولين مباشرين عن العملية، وعزلها عن أي أبعاد ساسية أخرى.
قد يكون مثل هذا السيناريو بدأ بالظهور فعلياً مع تشكيل لجنة التحقيق المشتركة بين تركيا والسعودية. ويمكن أن تثار بشأن اللجنة تساؤلات كثيرة، في ما لو كانت بداية "صفقة" بين أنقرة والرياض لإيجاد مخرج مناسب للسعودية من القضية. تساؤلات تدعمها التسريبات الكثيرة عن القضية، والتي باتت تحفل بها الصحف التركية، وخصوصاً التسجيلات التي قيل إن ساعة خاشقجي احتوتها، وأثبتت تعرّضه للتعذيب والقتل. تؤكد هذه التسريبات أن لدى السلطات التركية الرواية الكاملة لعملية القتل، وأن المسؤولين عنها باتوا معروفين بالاسم والصفة، فأي حاجة للجنة التحقيق المشتركة في الكشف عما هو بات معلوماً أساساً؟ وما هو الدور الذي سيكون مناطاً به؟ وكيف يمكن لمتّهم بشكل مباشر أن يكون مشاركاً بالتحقيق في جريمة هو مرتكبها؟
مسار القضية في الأيام المقبلة لا بد أن يحمل إجابات عن هذه التساؤلات، وما إذا كان الموضوع دخل فعلياً في البازار السياسي الثلاثي الأبعاد (التركي السعودي الأميركي). مزيد من المماطلة في الكشف عما في حوزة السلطات التركية، وهو يبدو كثيرا، يعني بالضرورة أن حسابات المصالح السياسية والاقتصادية بدأت تلعب دوراً كبيراً في الجريمة، والتي تكون قد خرجت من الشق الجنائي البحت، لتدخل في لعبة الأمم، لتكون الخسارة مقتصرةً على الضحية والمقرّبين منه.