أنهت الثورة السورية عامها السادس، عام التهجير الجماعي والتغيير الديمغرافي، عام الدمار الشامل ووصول أعداد المعتقلين في مقابر النظام ومليشياته المحلية ومتعددة الجنسيات إلى مستويات قياسية، لتبدأ سنتها السابعة في ظل لامبالاة عالمية ظلت ثابتة خلال السنوات التي تفصلنا عن ذاك الثلاثاء من 15 مارس/آذار 2011.
وكأن الثورة السورية في عامها السادس، أي 2016 الأسود، صارت تتوق، لا إلى إسقاط نظام القتل والتعذيب فحسب، بل إلى المحافظة على ما تبقى من سورية، البشر والحجر، التركيبة الديمغرافية وما صمد أمام الطوفان.
عام "الأرض الشهيدة" انتهى بمآسٍ مثلما بدأ، تحت أعين العالم، الماهر في وصف المجزرة وأساليبها، وغير الراغب في محاسبة المجرم، سورياً كان أم أجنبياً. في ذاك العام المشؤوم، أي 2016، تمكن النظام السوري من الذهاب حتى النهاية في استغلال التغاضي العالمي عن الإبادة الممنهجة التي يرتكبها، ومعه إيران وروسيا ومليشيات لبنانية وعراقية وأفغانية... ليبتكر أساليب قتلٍ وحشيتها غير مسبوقة، وليكون مغذّياً أولاً لإرهاب مقابل لطالما برع في التلاعب به بحسب الحاجة وعند الطلب. بدعة "اتفاقات التهجير" صارت شاملة لمناطق من أقصى الجنوب إلى شمال الشمال.
الخراب الكبير على المستوى الاقتصادي يتمدد ويغري خبثاء كثيرين بشعار "استعدادات مرحلة إعادة الإعمار". الإعلام السعيد بإرهاب النظام ومعسكره لا يتعب من الرقص فوق القبور. الظواهر الإرهابية بدورها المولودة من رحم إرهاب معسكر النظام تُفاقم حجم الكارثة. ما بقي من طيبة المجتمع السوري ووطنيته وعروبته مهدد جدياً على وقع أنباء المشاريع الطائفية المرسومة من خارج الحدود السورية...
بين هذا وذاك، يكتفي "المجتمع الدولي" بذرف دموع غالباً ما تكون خبيثة، وكأنه يتلو فعل الندامة عن انعدام رغبته بالتدخل لوقف المذبحة، من خلال تقارير حقوقية وقانونية دولية تكشف يومياً جوانب مرعبة إضافية للجريمة، وتنتهي بتوصيات سرعان ما يجف حبرها عن ضرورة محاكمة مجرمي الحرب.
(العربي الجديد)