الثقافة الأردنية 2016: ديكور ثابت لشعارات متغيّرة

06 يناير 2017
"عمّان" لـ عصام طنطاوي
+ الخط -

تتشابه حال الثقافة الأردنية مع غيرها من نظيراتها العربية، في عام 2016 أو طوال أعوام سابقة، على مستوى حالة التراجع في النتاج الأدبي والفني، وغياب التفاعل بين الحاضرين فيها أو مع الراهن العربي والأردني، ويسهل على أي متابع تبرير ذلك بالإشارة إلى الانخفاض المستمر في ميزانيات المؤسسات الثقافة الرسمية وعدم توفّر دعم حقيقي من مؤسسات القطاع الخاص والأهلي.

يتنافى هذا التبرير مع إصرار وزارة الثقافة على تدبيج تقارير، نهاية كل عام، عن تنظيم هيئاتها التي تزيد عن 628 أكثر من 300 فعالية سنوياً (بمعدل واحدة في اليوم) من دون أن تجد أثراً حقيقياً لها على أرض الواقع، رغم أن رسالة الوزارة تنصّ على "النهوض بالفعل الثقافي الأردني وإطلاقه في فضاء إبداعي حر، وبناء قدرات المجتمعات المحلية لإدارة الفعل الثقافي".

ولا يصل عدد الحاضرين للعديد من التظاهرات "الكبرى" مثل افتتاح "مدينة الثقافة الأردنية" العشرة أشخاص، جلّهم من الموظّفين، وقد يقع خلاف بين وزير الثقافة والمحافظ على أسبقية من يُلقي الكلمة الافتتاحية لهذه التظاهرة، علماً أن قاموس مفردات تلك الكلمة لا يتجاوز العشر أيضاً، وباتت "محفوظات وطنية" لدى الجميع.

ولن تتفاجأ إذا نشرت الصحف المحلية جميعها خبراً عن صدور كتاب يؤرشف لألف شاعر أردني، في بلد لا يتجاوز عدد الذين يجدون توزيعاً حقيقياً لمجموعاتهم أكثر من عشرة شعراء في أفضل الأحوال. لكن الأبرز في الأعوام الأخيرة تمثّل في "فبركة" أنشطة ترفع "يافطة محاربة التطرّف"، أو إقحام شعارات جرى استعارتها من "أجهزة" أخرى حول "دور الثقافة في مواجهة الإرهاب".

كل ذلك لا يخفي حقيقة صادمة بأن الحكومات الأردنية المتعاقبة نظرت إلى الثقافة بوصفها ديكوراً هامشياً يجري من خلاله ترضية أقليات أو مناطق لم يحظ "ممثّلون" عنها بحقيبة وزارية، وأن مجلس النوّاب لم يقدّم في تاريخه قانوناً واحداً لدعم الثقافة وتمكينها، بل كان يصادق على تشريعات تصدرها الحكومة لتنظيم وزارة الثقافة بذات الطريقة "المترهلة" التي تدير فيها قطاع النقل أو الطاقة مثلاً.

مقابل "التخلّف الرسمي" عن فهم دور الثقافة في تحديث المجتمعات ونمط عيشها، لم تبادر الأحزاب والنقابات والهيئات المدنية يوماً إلى المطالبة بتشريع يؤسّس صناديق لجميع حقول الآداب والفكر والفنون تُقتطع إيراداتها من ضرائب الشركات ومسؤوليتها الاجتماعية، وتديرها لجان مهنية محكّمة تقرّر دعم أفضل المشاريع المرشحة إليها.

من دون ذلك، تظلّ الثقافة الأردنية "معلّبة" بتقارير صحافية تتحدّث عن مشهدٍ ينتمي إلى جزيرة معزولة في أحد المحيطات ولا صلة له باللحظة الراهنة أو البلد الذي يحتضنها.

المساهمون