الثروة السمكية في قطر... ثلاثة تحديات لتحقيق الاكتفاء الذاتي

28 فبراير 2018
قطر تسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج الأسماك(العربي الجديد)
+ الخط -

يشكو المستثمر القطري زايد النعيمي من صعوبة تسجيل مزرعتيه السمكيتين، رغم أنهما تعملان منذ فترة، إذ تقف الحواجز البيروقراطية أمام ترخيص مثل هذا النوع من الاستثمار حسب ما قال.

ويواجه قطاع الاستزراع السمكي تحديات أهمها عدم توفر الزريعة المناسبة في الدول المجاورة، ما يضطر أصحاب المزارع السمكية إلى إحضارها من أستراليا أو تركيا وتايلاند، وعلى الرغم من أن سعر الأخيرة أقل، فإن جودة الأولى أعلى، وهو ما يبحث عنه النعيمي من أجل استثمار أقوى يستطيع أن ينافس في سوق نشط كالسوق القطري، مضيفاً أن "أسعار الكهرباء والمياه في قطر ليست بالقليلة، وهي من المشكلات التي تواجهنا، إذ ندفع مبالغ باهظة، في الوقت الذي يحتاج فيه العاملون في القطاع للدعم، سواء في الكهرباء والمياه أو الإجراءات الروتينية المتعلّقة بالتراخيص والحصول على قروض من بنك التنمية".

وبلغ إنتاج قطر من الثروة السمكية 15.3 ألف طن خلال عام 2017، بينما بلغت معدلات الصيد 15.2 ألف طن خلال عام 2015، وهو ما يقلّ 1000 طن عن عام 2014، الذي يعدّ الأعلى خلال آخر سبعة أعوام، إذ بلغ حجم الكميات التي تم صيدها 16.2 ألف طن، وهي أكبر كمية محققة من الإنتاج السمكي، وفي عام 2012 بلغ الإنتاج 11.28 ألف طن من المصايد الطبيعية، فيما بلغ حجم الإنتاج 13.76 ألف طن عام 2010، وفق بيانات كل من إدارة الثروة السمكية في وزارة البلدية والبيئة القطرية ودراسة الإنتاج السمكي في الدول العربية، الصادرة في عام 2016، عن المنظمة العربية للتنمية الزراعية، التي تُعد إحدى مؤسسات جامعة الدول العربية.

وتمثّل نسبة الإنتاج من المصايد الطبيعية 80% في السوق المحلي، الأمر الذي يجعل قطر في حاجة إلى الاستزراع السمكي لتحقيق الاكتفاء الذاتي، بمعدل 21 ألف طن تنتج منها حالياً 15 ألف طن في كل عام، بالإضافة إلى حماية وتدعيم المخزونات الطبيعية والمحافظة على البيئة البحرية، وفقاً لتأكيد الدكتور فالح بن ناصر آل ثاني، وكيل وزارة البلدية والبيئة المساعد لشؤون الزراعة والثروة السمكية.


تحديات تواجه الاستزراع السمكي

عقب أزمة حصار قطر من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر في 5 يونيو/ حزيران الماضي، اهتم المستثمرون بالمساهمة في مجالات الأمن الغذائي، ومن بينهم الأربعيني مبارك المهندي، الذي يعمل في قطاع البترول، لكنه يعمل على الاستثمار في المزارع السمكية، قائلاً لـ"العربي الجديد": "بعد أن اعتدنا على الاستيراد من الخارج، بات لزاماً علينا أن نبحث عن الاكتفاء الذاتي، وهو ما يقتضي تذليل كل التحديات التي تواجه الاستثمار في هذا القطاع المهم".

وتولي وزارة البيئة والبلدية اهتماماً كبيراً لتذليل جميع التحديات التي تواجه الاستثمار السمكي، كما يقول الوكيل المساعد للوزارة لـ"العربي الجديد"، مشيراً إلى أن أهم التحديات التي تواجه الاستزراع السمكي في قطر تتمثّل في كون هذه المشروعات جديدة، وهو ما يقتضي توفير زريعة الأسماك المناسبة، الأمر الذي بدأت وزارة البلدية والبيئة في مواجهته عبر مركز الأبحاث المائية برأس مطبخ، الذي سيقوم بتزويد مشاريع الاستزراع السمكي في الدولة بالزريعة اللازمة لتشغيل هذه المشاريع، كذلك ستتم إقامة نحو 10 مشاريع جديدة متوسطة الحجم للاستزراع السمكي، تعتمد بشكل أساسي على مركز الأبحاث المائية الجديد.


ويطالب رائد الأعمال خالد البوعينين بدعم الدولة المشروعات ذات الخطورة المرتفعة نسبياً، قائلاً إن "رواد الأعمال غالباً ما يلجأون إلى القطاعات الآمنة، كالاستثمار العقاري والمصرفي، بسبب قلة نسبة الخطورة فيهما، مقارنة بقطاعات أكثر خطورة مثل الاستزراع السمكي"، وتابع لـ"العربي الجديد": "مرحلة العمل على الأرض تتطلّب إشرافاً من متخصصين، وأن تخصص الجهات المعنية عدداً من المختصين في الاستزراع السمكي للعمل على تعريف روّاد الأعمال بكل خطوة والوقوف عليها، لأن هذا القطاع جديد نوعاً ما على رواد الأعمال، ويحتاج في البداية إلى تعريف موسّع به من خلال القنوات الرسمية كغرفة تجارة وصناعة قطر، ووزارة البلدية والبيئة".



متى يتم تحقيق الاكتفاء الذاتي؟

خلال الفترة المقبلة تطرح الدوحة مشروعات عديدة للاستزراع السمكي، أحدها لاستزراع الروبيان، بطاقة إنتاجية تبلغ 1000 طن كل عام، كذلك سيتم طرح مشروعين جديدين للاستزراع السمكي في الأقفاص العائمة، بطاقة إنتاجية تبلغ 2000 طن كل عام لكل مشروع منهما، وهو الأمر الذي يمهّد الطريق أمام دولة قطر لبلوغ الاكتفاء الذاتي الكامل من الأسماك خلال خمسة أعوام مقبلة، بحسب فالح بن ناصر، الذي لفت إلى أن عام 2018 سيشهد طرح إنتاج مزارع متميزة عدة في السوق القطري، بعد إطلاق أول مشاريع القطاع الخاص لاستزراع الأسماك، بطاقة استيعابية تُناهز ألفي طن سنوياً، كذلك تدخل 4 شركات كبرى إلى سوق الاستزراع السمكي بمشاريع متميزة عدة، قائمة على الاستزراع في المياه المالحة.

وطرحت اللجنة الفنية لتحفيز ومشاركة القطاع الخاص في مشروعات التنمية الاقتصادية مزايدة عامة للمستثمرين لإقامة مشروع استراتيجي لاستزراع الأسماك بالأقفاص المائية، وذلك في منتصف فبراير/ شباط 2017، وتقدم للمزايدة العديد من المستثمرين وفازت بحق امتياز المشروع شركة خاصة، ما يرفع نسبة الاكتفاء الذاتي من الأسماك في الدولة من 80% حالياً إلى 87% خلال فترة لا تتجاوز 18 شهراً، بحسب وكيل وزارة البلدية والبيئة المساعد.


حلول لمواجهة التحديات

تعمل وزارة البلدية والبيئة على حصر مزارع الاستزراع السمكي بدون ترخيص من أجل منحها التراخيص خلال الفترة المقبلة، وفق ما كشفه مصدر في وزارة البلدية والبيئة لـ"العربي الجديد"، قائلاً "إن الوزارة تعمل على تجارب بحثية عدة، من بينها واحدة تعمل على مياه الآبار قليلة الملوحة، وقد أثبتت التجربة نجاحها، وتعمل هذه التجارب أيضاً على استزراع سمك بلطي قطري"، مضيفاً أن السمك سيكون متوفراً في السوق بصورة كبيرة في الفترة المقبلة، الأمر الذي يشعر المستثمر النعيمي بأنه سيعمل على تذليل عقبات الاستزراع السمكي بعد حصوله وزملاءه على وعود من كبار مسؤولي وزارة البلدية والبيئة بالنظر في المشكلات التي تواجههم، مشيراً إلى أن الدولة في الفترة الأخيرة تبحث عن حلول جذرية للمشكلات التي تواجه المستثمرين، حرصاً على تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الأمن الغذائي.

دلالات