الثابت والمتغير

09 فبراير 2017
تفاهمات روسية أردنية بما يتصل بالأزمة السورية (ميخائيل سفيتلوف/Getty)
+ الخط -

تذهب التوقعات والتحليلات إلى أن الأردن على أعتاب، أو شرع فعلاً بإعادة صياغة تحالفاته السياسية، وأنه في طور الانتقال من حلف إلى آخر، وأن العلاقة الأردنية-الأميركية لم تعد مجدية، وأن رهاناته على حلفائه العرب سقطت جميعها، ما يجعل من ثباته على موقفه تراجعاً إلى الخلف، يؤثر بشكل كبير على مستقبل استقرار المملكة، لا سيما من بوابة الاقتصاد، التي يبدو أن مِنح الحلفاء لن تساهم في حلها، أو تسكينها على الأقل.

تلك السيناريوهات فتحتها الزيارة التي قام بها العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، إلى موسكو، وخلصت إلى تفاهمات كبيرة في ما يتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين، وتفاهمات أكثر أهمية بما يتصل بالأزمة السورية، من ناحية ضمان استقرار الجبهة السورية الجنوبية المتاخمة للحدود الأردنية. وزاد من الأمر، حضور الأردن اجتماعات أستانة بدعوة من روسيا، التي لم تتوقف عن إبداء حرص واضح على التقارب مع الأردن، المصنف تاريخياً بأنه حليف مميز لأميركا في المنطقة، والأقرب إلى سياستها، وأحد أكبر المستفيدين من مساعداتها الخارجية.

تبدو التوقعات أقرب إلى المنطق إذا نظرنا إلى الزاوية الثانية، فوصول دونالد ترامب إلى الرئاسة الأميركية يمثل تهديداً حقيقياً للمصالح الأردنية، التي تصنف باعتبارها مصلحة عليا، خصوصاً تلك المتصلة بسياسته المعلنة والمنحازة للإسرائيليين، خصوصاً في قضيتي نقل السفارة الأميركية إلى القدس والتوسع الاستيطاني. ولا تبدو العلاقة الأردنية-الإسرائيلية في أحسن حالاتها، في ظل صراع كبير في المحافل الدولية على كسب التأييد، كل وفقاً لتوجهاته ومواقفه، وسلبية أميركية في التعاطي مع ملف إحياء المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية، التي يرى الأردن ضرورتها. ليس هناك ما يعيب على الأردن إجراء تغيير عميق على تحالفاته، وإعادة ترتيبها بما تمليه مصالحه الوطنية، وحتى إن توسيع خيارات تحالفاته مثل مطلباً قديماً، حتى لا يواصل "وضع بيضاته في سلة واحدة"، بما يشكل خطورة كبيرة على مستقبل جميع "البيضات". رغم كل ذلك، ما يحدث اليوم ليس إعادة ترسيم للسياسة والتحالفات، بقدر ما هو محاولة لفهم المتغيرات التي طرأت على سياسة الحلفاء والأعداء، ليصار إلى إعادة التكيف. تكيف قد يكون مكلفاً على المدى الطويل.

المساهمون