عاد التونسيون لشراء السيارات الجديدة حيث حضرت على الطرقات العربات ذات الألواح الحديثة مستفيدين من استقرار الأسعار والتخفيضات التي أقرها وكلاء البيع لتنشيط المبيعات بعد فترة الحجر التي أجبرت الوكلاء على إقفال معارضهم لأكثر من شهرين بسبب فيروس كورونا.
ورغم تداعيات الأزمة الاقتصادية على دخل الأفراد والشركات، سجلت مبيعات بيع السيارات منذ شهر يونيو/ حزيران عودة قوية بعد أن هوت بأكثر من 80 في المائة في الفترة الممتدة بين مارس/آذار ومايو/ أيار الماضيين، ما ساهم في انتعاشة مبكرة للقطاع مقارنة بقطاعات أخرى لا تزال تعاني من تداعيات ثقيلة للجائحة الصحية.
وقال رئيس غرفة وكلاء بيع السيارات، إبراهيم دباش، أن سوق العربات الجديدة استعادت عافيتها مباشرة بعد انقضاء فترة الحجر الصحي الشامل، مؤكدا عودة المبيعات إلى نسقها العادي خلال شهري يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز الماضيين وسط توقعات بتواصل الطلب على السيارات في الأشهر القادمة.
وأكد دباش في حديث لـ"العربي الجديد" أن مختلف وكلاء بيع السيارات استأنفوا نشاطهم مقارنة بمبيعات العام الماضي بعد أن هبط الطلب في فترة الحجر التي دامت ثلاثة أشهر بـ80 بالمائة.
وأفاد رئيس غرفة وكلاء بيع السيارات، بأن المبيعات فاقت خلال شهر يونيو/ حزيران الماضي 4200 عربة مفسرا العودة السريعة للقطاع باندفاع المشترين نحو شراء سيارات جديدة خوفا من ارتفاع الأسعار مستقبلا. وأضاف أن المبيعات لم تقتصر على العربات المخصصة للاستعمال الشخصي، بل شملت أيضا العربات الموجهة للأنشطة الاقتصادية (التجارة والنقل)، واصفا هذا المؤشر بالإيجابي والدال على تحرك الاستثمارات في البلاد. وسجل وكلاء البيع في المقابل، حسب دباش، تواصل ركود إيجار السيارات للأفراد والقطاع السياحي ووكالات الأسفار، متوقعا أن يؤثر ذلك على رقم معاملات قطاع السيارات نهاية العام.
وتابع دباّش أن الحكومة مطالبة بتخفيف الضغط الجبائي على العربات بمختلف أصنافها في قانون المالية للعام القادم لتحريك المبيعات وتنشيط الاستثمار في القطاع، مؤكدا أن وكلاء جمدوا استثماراتهم المبرمجة لهذا العام لعدم وضوح الرؤية الاقتصادية في تونس.
وقال إن الأسعار لا تزال مستقرة نتيجة استقرار سعر الدينار في المرحلة الحالية مقابل اليورو والدولار، غير أن هذا العامل يظل ظرفيا حسب تقديره.
وأضاف في ذات السياق أن تقادم الأسطول يزيد الطلب على قطاع الغيار التي يشكل جزء كبيرا من مبيعات الوكلاء، لافتا إلى أن 85 في المائة من قطع الغيار الموردة تستهلك بشكل كامل. وأكد المتحدث أن السيارات الآسيوية ومنها الصينية تستحوذ على 35 بالمائة من السوق المحلية، مؤكدا أنها تسجل تقدما سنويا على حساب ماركات أخرى ولا سيما الأوروبية بالرغم من تراجع عام في المبيعات تعرفه السوق التونسية منذ عامين.
وفي سياق متصل أفاد دباش أن السوق الآسيوية تحضر في السوق التونسية بـ16 علامة للعربات من بينها 8 ماركات صينية الصنع ستظل حاضرة ضمن برنامج الواردات لعام 2020 وفق تأكيده. وعام 2016 بدأت الشركة الصينية "شيري" في تسويق سياراتها في السوق التونسية عن طريق وكيلها "الشركة التونسية للسيارات" وهي المرة الأولى التي تدخل فيها سيارة صينية السوق المحلية. وسجلت مبيعات العربات بصنفيها السياحي والتجاري عام 2019 تراجعا بنحو 15 بالمائة، وفق بيانات رسمية لغرفة وكلاء البيع التي قالت إنها ستطلب من الحكومة القادمة مراجعة الرسوم الموظفة على العربات لتفادي خسائر جديدة هذا العام.
وراكم قطاع بيع العربات منذ إقرار الحكومة بموجب قانون المالية 2018 زيادة في الضرائب، خسائر بنحو 35 بالمائة، فيما علّق كافة وكلاء البيع تقريبا استثماراتهم الجديدة للعام الثاني على التوالي، حسب تأكيد رئيس غرفة الوكلاء. ويعتزم الوكلاء تجديد طلب تحرير الواردات وإلغاء العمل بنظام الحصص التي يخضع لها القطاع حاليا، بهدف تنشيط السوق.
وخلقت صعوبات التمويل وارتفاع نسبة الفائدة على القروض عزوفاً كبيراً من العملاء، وحسب مراقبين تفوق نسبة الفائدة المعمول بها لدى شركات الإيجار المالي، التي تموّل ما بين 60 بالمائة و70 بالمائة من المشتريات، 13 في المائة.
ويشكو وكلاء بيع السيارات من عدم تجاوب البنوك وشركات التأجير المالي مع طالبي القروض الخاصة بتمويل شراء السيارات الجديدة، مؤكدين أن تقادم الأسطول سيكون له كلفة كبيرة على شركات التأمين فضلا عن تزايد مخاطر التلوّث وحوادث المرور.
ويشهد السوق التونسي توريد ما بين 60 و70 ألف سيارة سنوياً من قبل وكلاء البيع، إلى جانب نحو 20 ألف سيارة من جانب السوق الموازي. وعرفت السنوات الأخيرة دخول العديد من الماركات الجديد للسوق المحلية ولا سيما منها العلامات الآسيوية التي تتدرج في منافسة كبار العلامات الأوروبية الرائدة في السوق التونسية. وفي 2017، دخلت الحكومة في مفاوضات مع عدد من كبار مصنعي السيارات في العالم، من أجل تحفيزهم على فتح مصانع سيارات موجهة للتصدير انطلاقا من تونس.