التونسيون يتطلعون لقطف ثمار الثورة

07 سبتمبر 2014
تطلع تونسي لقطف ثمار ثورة الياسمين ( أرشيف/getty )
+ الخط -

لم تنجح الحكومات المتعاقبة في تونس بعد الثورة في وضع حد للتدهور الاقتصادي الذي عرفته البلاد، ويرى المتابعون أن هذه الأوضاع عرفتها تاريخياً كل البلدان التي مرت بمراحل انتقالية. إلا أن المواطن التونسي ينتظر أن يرى انعكاس ثورة الياسمين على حياته وأوضاعه المعيشية، وينتظر كذلك أن تنتهي مظاهر الفساد وتتراجع معدلات الفقر والبطالة، وتنخفض الأسعار وترتفع المداخيل.
ومن مجانية النقل العمومي إلى خفض سعر الخبز ومجانية العلاج، وصولاً إلى تشغيل نصف مليون عاطل عن العمل، تبلورت أولويات الثورة التونسية، ومعها تشكلت أحلام التونسيين بإحداث تغيير جذري في السياسات الاقتصادية والاجتماعية في مرحلة ما بعد الثورة.
وهذه الأولويات، أصبحت من ضمن الحملات الانتخابية على أبواب انتخابات المجلس التشريعي التونسي في نهاية الشهر المقبل، لتشكل تحديات فعلية لأعضاء المجلس العتيد.
وقال الهادي الماجري، وهو موظف متقاعد وأب لثلاثة أولاد، "نطلب من المجلس النيابي المقبل أن يضع حداً للزيادات المضطردة في الأسعار، فما معنى أن تشهد بعض المواد والخضر زيادة كل شهر، وخصوصاً المواد الأساسية مثل الحليب وغيرها؟".
وأضاف أن المواطن التونسي "زوّالي" (مصطلح عامي تونسي، يعني فقير) وزيادة الأسعار أنهكت قدرته، خصوصاً مع ارتفاع حدة الاحتكار والتهريب التي لا تشير إلى إمكان انخفاض الأسعار قريباً.
ويقول بسام الجماعي، وهو تاجر ألبان وأب لطفلين "مطلبي كتاجر هو مطلب كل تونسي، العمل على تقليص الأسعار، وتحسين ظروف المعيشة".
ولفت إلى أن التونسيين يعانون كثيراً من تراكم الديون لدى المصارف، والمجلس التأسيسي الحالي زاد من حجم الأزمة وعمق المشاكل الاقتصادية".
أما محي الدين الماجولي، وهو عامل يومي، فأكد على ضرورة توفير الوظائف للتونسيين، وخصوصا الشباب حتى تتقلص الاحتجاحات الاجتماعية ويعود الهدوء والأمن إلى تونس، وعندها سيعود المستثمرون ويتحسن الاقتصاد، فالأمن والشغل مرتبطان ببعضهما، وعلى النواب أن يعوا ذلك ويعملوا على توفيره بسرعة".
وفعلياً، أدركت الأحزاب السياسية التونسية أن الموضوع الاقتصادي سيكون جوهر الرهان الحقيقي للفوز في الانتخابات المقبلة، ويتبين هذا الإدراك في اختيار الشخصيات المرشحة على اللوائح الانتخابية لأحزاب كثيرة، شخصيات جاء غالبيتها من عالم المال والأعمال، وهو ما قاد إلى اتهامات متبادلة بشأن "تسييس الملف الاقتصادي". غير أن الأحزاب التي نجحت في إقناع رجال أعمال كبار ليكونوا على رأس لوائحها، ترد بأن المجلس الجديد يحتاج إلى نواب ملمّين بالتحديات الاقتصادية وعارفين بسبل الخلاص، وقادرين على صياغة مقترحات ناجعة للخروج من الوضع الاقتصادي الصعب.
ولا يتوقف الأمر عند السعي إلى استقطاب رجال الأعمال والخبراء فقط، وإنما يتعداه إلى خطاب سياسي وبرامج انتخابية "تفتخر" أحزاب بأنها صيغت من طرف مجموعات كبيرة من رجال الاقتصاد الكبار المشهود لهم بالكفاءة.
وهو ما يعكس إدراكها بأن الناخب التونسي يضع تحسن الوضع الاقتصادي على قائمة أولوياته، وربما تكون هذه الأولويات معياره الأساسي لاختيار الحزب الذي سيمثله في المجلس التشريعي.
وعلّق الخبير الاقتصادي التونسي، محسن حسن (المرشح بدوره للانتخابات التشريعية)، على صعوبة الظرف الاقتصادي والمالي الحالي.
ولفت في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن المرحلة السياسية المقبلة تحتاج إلى كفاءات وخبرات في المجال الاقتصادي.
وقال "هناك مشاكل كبيرة، مثل التوازنات المالية للدولة والمالية العمومية التي تتمثل في ارتفاع العجز في ميزانية الدولة والميزان التجاري، والتهديدات الحقيقية لميزان المدفوعات الذي أدى إلى تراجع الدينار وارتفاع نسب التضخم، بالإضافة إلى تراجع النمو".
وتابع "كل هذه المشاكل تحتاج إلى كفاءات وخبرات لها بعد نظر، تستطيع أن تواجه مطالب التونسيين الذين يريدون حلولاً عاجلة لمشاكل البطالة، وخصوصا لدى الشباب المتعلم ومشاكل تراجع القدرة الشرائية للمواطن".
وشرح حسن أن "دخول رجال الأعمال والخبراء إلى المجلس الجديد يمكن أن يتيح إصدار تشريعات توفر بيئة استثمار سليمة، وتضمن حقوق المستثمرين، ونحن في حاجة إلى منظومة تشريعية تنظم القطاع المصرفي، وإلى مجلس تشريعي يراقب عمل الحكومة في سياساتها المتعلقة بالمالية العمومية والعجز والنمو، وهو ما فشل فيه المجلس التأسيسي الحالي فشلاً ذريعاً".

المساهمون