التوسع في الضرائب يعيق مستثمري موريتانيا

17 ابريل 2017
الحكومة تتوسع في فرض الضرائب (العربي الجديد)
+ الخط -
يشكو مستثمرون ومتعاملون في موريتانيا من الضغط الضريبي الذي تنتهجه البلاد، في ظل اعتماد الحكومة سياسة زيادة الإيرادات عبر توسيع القاعدة الجبائية.

واستفادت خزينة الدولة من تحسن أداء قطاع الضرائب، حيث ارتفعت عائداته العام الماضي لتصل إلى 140 مليار أوقية (400 مليون دولار)، نتيجة رفع قيمة الضرائب الرئيسية (الضريبة على الأرباح وعلى القيمة المضافة والضريبة على الأجور).

وفي السنوات الأخيرة، صححت الحكومة الكثير من الاختلالات التي حرمت خزينة الدولة على مدى عقود من العائدات الضريبية، حيث شكل إدخال نظام التسجيل المعلوماتي لكل البيانات المتعلقة بالجبايات الضريبية نقطة تحول في أداء قطاع الضرائب، إضافة إلى حرص الإدارة على التطبيق الشامل للنظم الضريبية، مما مكن من زيادة العائدات الضريبية بشكل كبير.

ويحذر الخبراء من الضغط الضريبي المجحف على الاقتصاد ويطالبون بسن سياسة متوازنة تمكن من تعبئة موارد الدولة دون إعاقة التنمية الاقتصادية، من خلال تشجيع الاستثمار وتحقيق موارد داخلية وترشيد النفقات وضبط صرف الموازنات حتى لا تكون كسابقاتها في الحقب الماضية.

في المقابل تقول الحكومة إنه لا يمكن التراجع عن سياسة تحسين وتطوير الأنظمة الجبائية وخفض قيمة الضرائب التي تقارب قيمتها في الدول المجاورة، فإذا كانت الضريبة على الأرباح في موريتانيا تبلغ 25% فإنها في المغرب تتراوح من 20% إلى 37% وفي مالي من 30% إلى 45%.
أما الضريبة على القيمة المضافة التي تبلغ في موريتانيا 16% فإنها تقترب في السنغال من 18% وفي المغرب 20% وفي مالي وتونس وبوركينافاسو 18%.

وتعاني موريتانيا من ارتفاع الضرائب على مختلف السلع والخدمات خلال السنتين الأخيرتين، مما أثر سلبا على ارتفاع مستوى الأسعار وحجم الاستثمار في الكثير من القطاعات. وتتحجج الحكومة بانخفاض موارد الدولة مما يدفعها إلى رفع نسبة الضرائب التي وصلت إلى 67% من مجموع مداخيل الميزانية هذا العام.

ويقول الخبير الاقتصادي لمين ولد الختاري، إن ارتفاع قيمة الضرائب لم ينعكس على حصيلة إيراداتها، كما أن إفلاس الشركات وتناقص موارد وأرباح بعضها، أدى إلى ظهور النزاعات الضريبية واللجوء للقضاء بعد استنفاد الطرق الإدارية والقانونية.

ويضيف أن قطاع الضرائب يحتاج إلى جهود كبيرة لترشيد موارده وإصلاح القوانين المتعلقة بالنظام الضريبي للحسم في النزاعات الناشئة بسبب نواقص بعض القوانين.

ويشير إلى أن الشركات تعرضت لضرائب مجحفة خلال السنوات الأخيرة إضافة الى الضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الأجور وغيرهما من الضرائب المرتفعة التي يدفعها المواطن، ما يستوجب إقناع الناس بالمزايا التي يمكن أن يوفرها تحصيل الضرائب من خلال منع التهرب الضريبي ووقف الاختلاسات المتكررة من خزينة الدولة وتعزيز وسائل الرقابة.

وأكد الخبير ولد الختاري، أن توزيع الضرائب في موريتانيا يبقى عائقا كبيرا أمام استفادة خزينة الدولة منها والتزام دافعي الضرائب بها، حيث أنه لا يتم دائما بصورة شفافة وعادلة، ويظل تساؤل دافعي الضرائب عن أسباب الغش الحاصل في الإدارات الجبائية وكيفية تسيير إيرادات الضريبية.

ويرى أن اتباع نظام الاعتماد الضريبي يجب أن ينبني على محاربة الغش والتهرب الضريبي ومنع الازدواج الضريبي وتبسيط كل الإجراءات التي يمكن أن تقف عائقا أمام الاستثمار.

ويدعو الخبير الى عقلنة وترشيد موارد الدولة وتنويع مواردها المالية وخفض الضرائب بصورة عامة وخاصة على المواد الأساسية وتفادي كل ما من شأنه أن يثقل كاهل المؤسسات أو يخلق بيئة طاردة للاستثمار الأجنبي.

وحسب تقارير وزارة الاقتصاد والمالية فإن موريتانيا فقدت 100 مليار أوقية (دولار واحد يساوي 350 أوقية) من مواردها دفعة واحدة بعد الانخفاض المفاجئ لأسعار المعادن، مما دفع الحكومة إلى الاعتماد على "سياسة متوازنة"، دون أن تتراجع عن التزاماتها.

وتؤكد وزارة الاقتصاد أن سياستها الأخيرة في إعداد الميزانية اعتمدت بشكل كبير على الضرائب لدعم بنود الصرف في القطاعات التي تنعكس بشكل أكبر على حياة المواطنين. غير أن ارتفاع العبء الضريبي سنة بعد أخرى أرهق المواطنين بالضرائب، وزيادة شعورهم بانعدام المساواة والعدالة الاجتماعية.

فقد أدى ارتفاع التحصيل الضريبي المتواصل كل عام منذ سنة 2012، إلى ازدياد الغضب الشعبي على الحكومة، خاصة بسبب ما يشاع عن الإعفاءات والتغاضي عن التهرب الضريبي لبعض المتنفذين.
المساهمون