التنويع الاقتصادي... الخليج يستفيد من التجارب الآسيوية

05 ديسمبر 2016
تحولات في السياسات الاقتصادية بعد انخفاض النفط (Getty)
+ الخط -


أكد المشاركون في جلسة "التحولات الاقتصادية الدولية وأثرها في السياسات الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي" أن الصين ودول شرق آسيا تمثل مجالاً خصباً لإنجاح خطة التحول الخليجي.

وقال المشاركون في اليوم الثالث والأخير لمنتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية في دورته الثالثة، اليوم الإثنين، ونظمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات – أن دول الخليج يجب أن تبني استراتيجياتها على أنّ التنويع الاقتصادي أصبح ضرورة في ظل انخفاض أسعار النفط وتشجيع الدول المستوردة البدائل الأخرى للطاقة.

الدور الصيني

من جهته أكد الدكتور تموثي نيبلوك الأستاذ الفخري بجامعة إكستر البريطانية، أنّ هناك فرصًا سياسيةً استراتيجية متوافرةً أمام دول الخليج اليوم، وهي مرتبطة بعلاقاتها التجارية والاستثمارية بآسيا، وهي علاقات متنامية باطّراد.

وأضاف نيبلوك في ورقته بعنوان "تحول العلاقات الاقتصادية لبلدان الخليج والفرص المستجدة لخلق علاقات سياسية – استراتيجية جديدة" أن الصين لأول مرة أصبحت الشريك التجاري الأول لدول الخليج العربية وليس الدول الغربية مما يدل على تعزيز مركز الصين في المبادلات التجارية مع الخليج.

وأشار نيبلوك إلى أن دول الخليج لديها فرص للتوسع في علاقاتها مع الصين والهند خاصة وأن دولاً مثل إيران وإسرائيل نجحتا، حتى الآن، في قراءة التغيرات التي تطرأ على النظام الدولي وتوسعتا في العلاقة مع الصين، داعياً دول الخليج أن يكون تفاعلها أفضل من الحالي وأن تقرأ التغيرات الدولية وتستفيد من ذلك في سعيها للتنوع الاقتصادي.

ولفت نيبلوك إلى أن الصين تمضي قدماً بالتعاون مع روسيا والهند وعدد من الدول إلى صياغة نظام عالمي بديل بدأت تتضح معالمه وسيكون أكثر بلورة خلال الأعوام المقبلة.

من جهته اتفق الباحث الياباني الزائر في معهد أوكسفورد لدراسات الطاقة ماكيو يامادا، مع نيبلوك حول أهمية الدور الآسيوي في دعم التنوع الاقتصادي في دول الخليج.

وقال يامادا في ورقة بعنوان: "دور شرق آسيا في تنويع الاقتصاد السعودي "إن زيارات ولي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إلى الصين واليابان، الصيف الماضي، استهدفت تقوية العلاقات الاقتصادية للمملكة مع أكبر اقتصادات في العالم والتي هي أيضًا أكبر اقتصادات مستوردة للنفط السعودي، حيث تستورد الصين واليابان والولايات المتحدة نحو مليون برميل من النفط السعودي يوميًا، كما أنها مراكز صناعية ترغب السعودية في الاستفادة من معارفها ومهاراتها وتكنولوجياتها.

وأشار يامادا إلى أن بلدان شرق آسيا يمكن أن تساهم في تنويع الاقتصاد السعودي عبر توفير الأسواق الكبيرة للمنتجات السعودية والاستثمار في المملكة في مجالات جديدة ودعم البنية التحتية ونقل التكنولوجيا للمملكة.

ودعا يامادا السعودية إلى اتباع استراتيجية مهمة وهي إنتاج التكنولوجيا بمشاريع مشتركة مع هذه الدول، مشيراً إلى نجاح تجربة برنامج "التحسين المستمر" وتأسيس أكاديمية كايزن لتدريب السعوديين على التكنولوجيا إضافة إلى ابتعاث آلاف الطلاب إلى شرق آسيا لدراسة العلوم والهندسة وإدارة الأعمال.

 ما بعد النفط

من جهته أكد المستشار النفطي ناجي أبي عاد، أن موارد النفط والغاز في المنطقة بدأت تفقدها أهميتها الاستراتيجية.

وأضاف أبي عاد في ورقة بعنوان (عصر ما بعد النفط: كيف سيتكيف الخليج؟) أنّ دول الخليج تخطئ إن افترضت أنّ أسعار النفط سترتفع من جديد لتبلغ مستوياتها العالية السابقة، مشيراً إلى أن الانخفاض الذي شهدته أسعار النفط والغاز أخيرًا، يشير إلى تغيّر هيكلي غير مسبوق طرأ على قطاع الطاقة، وهو تغيّر سيترك في البلدان المنتجة للنفط، آثارًا اقتصاديةً وسياسيةً مهمةً.

وأضاف أبي عاد، أن قطاع الطاقة شهد اختراقات تكنولوجيةً، نشأت إمّا عن الصناعة نفسها تمامًا، على غرار ثورة النفط والغاز الصخريّين في الولايات المتحدة، أو من خارجها، وهي تأتي في شكل طاقة رخيصة قابلة للتجدّد. وتبقى وفرة مصادر الطاقة الرخيصة خير دليل على أفول عصر هيمنة النفط.

ودعا أبي عاد دول الخليج إلى إجراء إصلاحات عاجلة ويتعاملون مع انخفاض أسعار النفط على أنه فرصة للإصلاح والبحث عن موارد أخرى للخروج من الوضع الصعب.

وأضاف أبي عاد، أن سعر النفط سواء كان سعره 20 دولاراً أو 100 فإن التحول في اقتصادات الخليج يجب أن تتجه نحو التنويع وإدارة عملية التحول بما يتفادى السلبيات الناجمة عنها، خاصة مع رفع الدعم وارتفاع نسبة البطالة، وهو ما يعني أهمية البدل، ولكن بتدرج وليس التنفيذ السريع لكل خطوات الإصلاح حتى لا تتفاقم الأزمة.

اقتصاد المعرفة

أما الجلسة الأخيرة من أعمال المؤتمر فقد ركزت على اقتصاد المعرفة بوصفه أحد مجالات تنويع الاقتصاد الخليجي، حيث أكدت الباحثة بجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية عبير الأرياني أن انتقال اقتصادات دول مجلس التعاون من اقتصادات مرتكزة على النفط إلى اقتصادات قائمة على المعرفة، أولويةً قصوى في أجندة سياسات هذه الدول.

وتضيف الأرياني، أن تحقيق عملية انتقال ناجحة نحو اقتصاد قائم على المعرفة، تتطلب إطارًا مكونًا من أربع ركائز؛ هي التعليم والتدريب، والنظام المؤسسي ونُظم الابتكار، والحافز الاقتصادي، والبنية التحتية للمعلومات والاتصالات.

المساهمون