التلويح بالنفط يعرض السعودية لمخاطر كبرى ... واتساع المقاطعة لدافوس الصحراء

17 أكتوبر 2018
السعودية تصدر مليون برميل يومياً إلى الولايات المتحدة(فرانس برس)
+ الخط -


أثار التلويح السعودي باستخدام ورقة النفط في مواجهة أي عقوبات محتملة بسبب قضية الصحافي السعودي جمال خاشقجي، ردود فعل واسعة في أوساط قطاع الطاقة العالمي، ليتوقّع محللون أن هذا التلويح قد يضرّ الرياض، وربما يدفع الولايات المتحدة إلى "اتخاذ إجراءات جذرية يمكن أن تسرع تغييراً على مستوى القيادة في السعودية".

وتواجه السعودية مأزقاً كبيراً، وباتت خطط ولي العهد محمد بن سلمان في مهب الريح، وفق محللين، إذ تُلاحق الإخفاقات كثيراً من مشروعاته الاقتصادية، بينما أضحى الارتباك السائد يستنزف الموارد المالية للمملكة؛ أكبر مصدر للنفط في العالم.

وحاولت السعودية مهادنة الإدارة الأميركية، بالإعلان عن استعدادها لزيادة إنتاج النفط، متراجعة عن نبرتها التصعيدية، يوم الأحد، بالرد على أي عقوبات، بعدما هدد الرئيس الأميركي يوم السبت الماضي بـ"عقاب قاسٍ" للرياض إذا صح تورطها في اختفاء خاشقجي، الذي أكدت تقارير أميركية وتركية مقتله داخل القنصلية السعودية في إسطنبول.

وذكر مسؤول كبير في الرياض أن الدولة النفطية "تلعب دورا حيويا في الاقتصاد العالمي". وفي حال تعرضها لتدابير عقابية، يمكنها أن ترد بقوة. كذلك أشارت قناة "العربية" إلى وجود 30 إجراء محتملاً للرد قد تؤثر على أسعار النفط وأسعار العملة المرجعية التي تستخدم لشرائه.

وقال الخبير في شؤون الطاقة جان فرانسوا سيزنيك، الموجود في الولايات المتحدة، إن لجوء السعودية، أول مصدر عالمي للنفط الخام، إلى سلاح النفط "سيدمر تماماً صورتها كمزود موثوق به ويزعزع موقع محمد بن سلمان في الداخل".

وأضاف سيزنيك لفرانس برس: "محمد بن سلمان قد يفرض الدفع باليوان (العملة الصينية) بدل الدولار، إلا أن هذا سيزعزع استقرار كل الاقتصاد العالمي، ويدفع الولايات المتحدة الى اتخاذ إجراءات جذرية يمكن أن تسرع تغييراً على مستوى القيادة في السعودية".

وتصدر السعودية مليون برميل من النفط يومياً إلى الولايات المتحدة التي تعتبر أبرز شريك تجاري للمملكة. ويعتمد الرئيس الأميركي على السعودية لتعويض أي نقص محتمل في النفط في السوق العالمي، بسبب العقوبات الجديدة التي سيبدأ تطبيقها على طهران مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.

وقال فرانسوا هيسبورغ، المستشار في مؤسسة للبحث الاستراتيجي تتخذ من باريس مقراً، إنه في حال عمدت الرياض إلى نوع من الحصار النفطي "سيسر منتجو النفط الصخري في الولايات المتحدة، بينما سيعاني الصينيون والأوروبيون".

وكان ترامب قد حذّر ضمنا السعودية عندما قال الأسبوع الماضي "نحن نحمي السعودية"، متوجها بحديثه إلى العاهل السعودي "نحن نحميكم. قد لا تكونون قادرين على الصمود أسبوعين من دوننا".

ويتوقع أن تتعرض السعودية لكثير من الضغوط الاقتصادية عالمياً بعد تلويحها بورقة النفط في مواجهة أي عقوبات محتملة بسبب قضية خاشقجي.

واعتبرت وكالة بلومبرغ الأميركية، يوم الإثنين الماضي، أن السعودية كسرت مُحرّماً دام 45 عاماً في العلاقات الدولية، عبر تهديدها المُبطّن باستخدام النفط سلاحاً، إذا ما تعرّضت لأي تدابير ضدها.

فعلى مدى 45 عاماً، تم اعتبار الأمر خارج حسابات السعودية. لكن فجأة، فعلت الرياض ما يعتبره كثيرون تهديداً مستتراً باستخدام الثروة النفطية سلاحاً سياسياً، وهو أمر لم يسمع به أحد منذ الحظر العربي الذي تسبب بأزمة النفط الأولى عام 1973.

لكن سرعان ما استخدم وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، خطاباً في الهند للتهدئة، مشيراً إلى أن بلاده تتوقع زيادة إنتاجها النفطي الشهر المقبل. ويصل الإنتاج حالياً إلى 10.7 ملايين برميل يومياً، بينما قال الفالح إن السعودية تستطيع إنتاج 12 مليون برميل يومياً.

وربما يزيد التلويح بورقة النفط من الضغوط الاقتصادية الدولية على المملكة، لاستنزاف موارد المالية الضخمة التي تمنح الرياض حائط صد قوياً في مواجهة أي أزمات محتملة.

وبات الفشل هو العنوان الأبرز لمؤتمر مستقبل الاستثمار المقرر عقده في الرياض في الفترة من 23 إلى 25 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، الذي يطلق عليه "دافوس الصحراء".

وانسحب الرؤساء التنفيذيون لبنوك "اتش.اس.بي.سي" و"ستاندرد تشارترد" و"كريدي سويس" من المشاركة في المؤتمر، الذي يراهن عليه بن سلمان للترويج لمشروعاته، لينضموا إلى العديد من مديري الشركات الذين ينأون بأنفسهم عن المؤتمر، في ظل مخاوف واسعة النطاق بشأن مصير خاشقجي.

يأتي ذلك بعد قرارات مماثلة اتخذها جيمي ديمون الرئيس التنفيذي لبنك جيه.بي مورغان ولاري فينك الرئيس التنفيذي لبلاك روك، وهما أول مصرفيين كبيرين يقاطعان المؤتمر تجاوبا مع حالة الاستياء الشديد تجاه أكبر مُصدر للنفط في العالم، فيما انسحب منذ يوم الجمعة الماضي كثير من مسؤولي شركات كبرى وصناديق استثمار ومؤسسات مالية دولية على غرار البنك الدولي.

المساهمون