التعليم هرباً من اللحظة

15 أكتوبر 2014
ما توفره البكالوريوس لن تقدمه الماستر (رمزي حيدر/فرانس برس)
+ الخط -
يلجأ الكثير من المتخرجين إلى زيادة تحصيلهم الجامعي. يعمدون إلى العودة للمؤسسات الجامعية التي سبق وتخرجوا منها، وتمضية عامين أو خمسة للحصول على "ماستر" أو "دكتوراة" في اختصاصهم . بعض هؤلاء يظن أن ذلك يؤدي حكماً إلى توفير فرصة مؤاتية للعمل أمامهم، لم يتم الحصول عليها من خلال الشهادة الجامعية العادية. أي أن هؤلاء يقومون بزيادة مؤهلاتهم التعليمية، ظنا منهم أن مثل ذلك يوفر لهم الفرصة التي لم يحصلوا عليها عندما حملوا شهادة الليسانس أو البكالوريوس التي حازوها من جامعاتهم .

البعض الآخر يذهب الى أن شهادته الجامعية المحلية لا تفتح له الآفاق التي يريد في زمن العولمة، وهو لذلك بحاجة ماسة إلى شهادة من جامعة أوروبية أو أميركية، وإذا توفرا معا فهو الأفضل. جزء من الطلاب كما أسلفنا يعود إلى جامعته المحلية، ويمضي السنوات والمواد المطلوبة ليعزز مستواه. مثل هذه الظنون قد لا تكون في محلها في الكثير من الأوقات والحالات. إذ المعروف أن زيادة التأهيل لا تقود حكما الى زيادة فرص العمل، بل قد يحدث العكس تماماً. فما توفره شهادة الليسانس أو البكالوريوس لن تقدمه الماستر أو الدبلوم ناهيك بالدكتوراة. إذن يمضي هؤلاء الشباب سنوات إضافية من أعمارهم خارج دائرة الإنتاج، ويدفع ذووهم أكلافاً إضافية من دون أن تقود إلى المطلوب من تأمين أو تحسين ظروف العمل والأجر والضمانات.

لا يعني ذلك أن ما فعله هؤلاء الطلاب لا لزوم له، إذ المطلوب دوما هو زيادة المؤهلات ورفع مستواها؛ لنصبح على سوية قادرة على توفير المطلوب من حاجات متنامية للكفاءات في وطننا العربي. لكن الفكرة المهمة هي أن زيادة المؤهلات تفتح الأبواب طالما هناك حاجات لاختصاصات عليا محددة. أما اعتبار أن كل، أو أي تخصص، يملك مفاتيح النعيم فهذا ليس صحيحا. ومثل هذا الوضع لا ينطبق على المجتمعات العربية فقط ، بل قد يشمل حتى الدول الغربية.

يفتح مثل هذا الكلام على الموضوع الفعلي بما هو غياب التخطيط عن حقول الدراسة، وكذلك فقدان التوجيه المطلوب للطلاب نحو بعض الاختصاصات دون سواها. ومثل هذا الأمر ليس من اختصاص الجامعات وحدها، إذ تشاركها فيها وزارات التخطيط إذا وجدت، وغرف الصناعة والتجارة، ومراكز الأبحاث والأفراد المتنورين حتى. والمدخل لذلك هو إجراء مسح شامل، يلحظ المستقبل وحاجاته. وهو ما يحتاج إلى دراسات وأبحاث جادة وجدية تضع في الاعتبار أن هناك مستقبلا ينتظرنا جميعاً، لأن بقاء الحال على ما هو عليه من المحال، باعتباره يخالف سنن الحياة بكل ما تُعلمنا إياه من دروس.

أستاذ في كلية التربية – الجامعة اللبنانية
دلالات
المساهمون