لا يدرك الطفل قصة استيراد منهج غير مصري ولكن يبقى السؤال، هل هناك ما يمنع مراجعة المنهج وحذف أجزاء منه لا تتناسب مع الواقع المجتمعي وخاصة أن أهم قاعدة ومعيار يعلنه المركز القومي للمناهج في مصر هو ربط الطالب بالمجتمع من خلال ما يدرسه! يبدو أن الأمر لا يعدو عن كونه مجرد مشكلة بسيطة يمكن لتوجيه المادة داخل كل إدارة تعليمية حلها ولكننا لا ننفك عن إجبار الطفل على الحفظ.
التاريخ وعين جالوت
في السياق يدرس طلاب الصف الخامس الابتدائي في مادة الدراسات الاجتماعية موقعة عين جالوت التي خاضها المصريون ضد المغول، وبحسب المنهج فإن المعركة كانت بقيادة كتبغا، نفس الموقعة يدرسها طلاب الصف الثاني الإعدادي ولكن هذه المرة يذكر المنهج أن المعركة بقيادة هولاكو، التلميذ هنا في مأزق، فإذا أسعفته الذاكرة المعلوماتية وتذكر قائد المعركة كما درسها بالصف الخامس واستبدله بقائد المعركة الذي ورد في منهجه تصبح إجابته خاطئة بكل تأكيد ومخالفة لنموذج الإجابة، بالرغم من أن كلا الكتابين يتبعان وزارة التربية
والتعليم.
علوم الفلك
وبالنسبة لمادة العلوم نجد أن علماء الاتحاد الدولي لعلوم الفلك كانوا قد اتفقوا على فصل بلوتو عن باقي كواكب المجموعة الشمسية تماما في الرابع والعشرين من شهر أغسطس/آب عام
2006 وتم تصنيفه ضمن الكواكب القزمة، ولكن مع نهاية عام 2014 أعلن علماء من جامعة هارفارد إن كوكب "بلوتو" عاد مرة أخرى إلى المجموعة الشمسية بعد ثماني سنوات من الغياب، هذه المسافات القصيرة في تحديث المعلومات العلمية وضعت خبراء المناهج في مأزق وبالتالي عدم تنفيذ أي نوع من التكامل على مستوى المناهج التعليمية، ونتيجة لذلك يدرس تلاميذ الصف الرابع الابتدائي المجموعة الشمسية وعدد الكواكب بها ثمانية طبقا لما اتفق عليه علماء الاتحاد الدولي لعلوم الفلك، أما في الصف الخامس فيعاود التلاميذ دراسة المجموعة الشمسية ولكن هذه المرة في منهج اللغة الإنكليزية على طريقة علماء هارفارد وحفظ المجموعة الشمسية باعتبارها تسعة كواكب، وبعد هذا الارتباك بين معلومات متضاربة ينتظر نفس التلميذ السؤال الأصعب بالصف السادس الابتدائي ليذكر بالتفصيل أسباب نجاح ثورة 25 يناير.
هذه المغالطات وغيرها الكثير تثير غضب المدرسين وغضب أولياء الأمور كل عام ليخرج وزيرا تلو الآخر بقرار تطوير المناهج وحذف الحشو، والنتيجة مناهج جديدة مشوهة بعد عمليات من القص واللصق وتخفيف الكم على حساب الكيف لمجرد تخفيف وترشيد نفقات الطباعة التي وصلت هذا العام مليارا و800 مليون جنيه، في حين أننا في حاجة حقيقية لتشكيل لجنة على المدى القريب لدراسة جميع المناهج التعليمية لكل المراحل الدراسية وبحث الأخطاء وإعادة النظر سريعا لمعالجتها وكذلك وضع خطة إستراتيجية تحكمها سياسات محددة تعتمد على النهوض بالمستوى المعرفي والعقلي للطالب وخلق مناهج جديدة يجد فيها الفرصة لحرية البحث والتفكير.