التعليم عن بُعد: صعوبات أمام النموذج اللبناني

13 سبتمبر 2020
التعليم عن بعد مفروض على العالم في زمن كورونا (Getty)
+ الخط -

أغلقت المدارس والجامعات اللبنانية أبوابها بدءاً من 29 شباط/ فبراير الماضي، وبذلك بات هناك حوالي 1.132.178 تلميذاً خارج مدارسهم الرسمية والخاصة، كما خرج 231.668 طالباً من أحرام جامعاتهم. هنا نتحدث عن حوالي 3500 مدرسة وقرابة 50 جامعة ومعهداً عالياً. مباشرة بعدها انطلقت مبادرات فردية لتقديم الدروس عبر الإنترنت عبر منصات google classroom، وباشر المعلمون باستخدام تطبيق الرسائل القصيرة "واتساب" لإرسال الدروس إلى طلابهم، كما أتاحت وزارة التربية والتعليم العالي تطبيقاً يتضمن معلومات للكادر التدريسي. 
أما المركز التربوي للبحوث والإنماء، المعنيّ بإنتاج المناهج والكتب الدراسية، فقد بادر إلى إطلاق منصة التعليم الرقمي Digital Learning Initiative، للتعليم العام ما قبل الجامعي، دعماً لخطة التعلم عن بُعد، التي أعلنها وزير التربية والتعليم العالي في الحكومة المستقيلة طارق المجذوب، والتي تعمل المدارس الرسمية والخاصة أيضاً على مواكبتها قدر المستطاع.
وبالطبع فإن نجاح هذه العملية يتطلّب توافر مجموعة من العناصر لأكبر شريحة ممكنة من المعلمين والمتعلمين معاً. والركن الأساس يتمحور حول المحتوى الرقمي التفاعلي، المتسم بالمعايير الدولية للتعلم الإلكتروني، والمنسجم مع عناصر المنهج اللبناني، والذي يتضمن شرح موضوع أو مهارة معينة، وتقديم تمارين تطبيقية، ومتابعة مباشرة، بهدف تعميق اكتساب المتعلم للكفاية المطلوبة، ومتابعة أدائه في أي وقت وأي مكان وزمان، مع قدرة المعلم على مواكبة تقدم طلابه، وتقديم الدعم اللازم لهم في إطار بيئة تعليمية - تعلمية متطورة. ويتكامل ذلك مع توفير الأدوات الإلكترونية اللازمة لتمكين المتعلمين والمعلمين من إنتاج وتشارك الموارد التربوية ضمن منظومة تعاونية محفزة. 
وبناءً على ذلك، اشتمل قرار الوزارة في اللجوء إلى هذه الخطوة على اعتماد 3 مسارات، تتمثل في البث التلفزيوني والمنصات الإلكترونية فضلاً عن إرسال الدروس والمواد التعليمية ورقياً إلى منازل الطلاب. لكن مثل هذا التوجه يصطدم بعقبات حقيقية، أبرزها من دون منازع هو عدم توفر الكفاءات اللازمة التي تجعل عملية التعلم عن بُعد سلسلة من دون تعقيدات. فمثلاً يشكو قسمٌ من الطلاب من أن الدروس لا تصل إليهم بسبب محدودية مهارات المدرسين، ومن ضعف بث شبكات التواصل الإلكتروني. كما أن البث التلفزيوني وإمكانية وصوله مرهونان بتوافر التيار الكهربائي في المنازل. ومن المعلوم أن فكرة التعليم الإلكتروني تقوم على عدة أساليب، منها شرح الدروس عبر المحادثة بالفيديو بين الأستاذ وتلامذته في أوقات معينة، بمدة لا تتجاوز 50 دقيقة لكل حصة تدريسية، أو عبر تقنية التواصل بالصوت فقط، أو عبر تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي مثل "واتساب" بملفات "بي دي أف" التي لا تفتح أحياناً كثيرة. كما أن بعض الأساتذة لم يلتزموا بقرارات إدارتهم إنشاء مجموعة واحدة، فقام كل منهم بإنشاء مجموعة خاصة لمادته. لكن الأغرب من ذلك كله أن مدارس لم تبدأ الدراسة عن بُعد وما تزال تعتمد المواد الورقية التي تتضمّن شرحاً للدروس المقررة. ومع أن الصعوبات اللوجستية تبدو قابلة للحل، إلا أنّ الصعوبة الأفدح تتمثل في أن أغلبية الطلاب غير مجهزين بحواسيب، وهم يتابعون الدروس عبر الهواتف مع غياب المعاينة وما تتكلفه من مبالغ.

موقف
التحديثات الحية

وقد حاولت بعض الجهات إيجاد الحلول التقنية عبر اقتراح إدراج المواقع الإلكترونية التعليمية والتربوية على قائمة بيضاء، بحيث لا يتم خصم البيانات المستهلكة عبر هذه المواقع المحددة من وزارة التربية من باقات بيانات مشتركي الأجهزة الخلوية والثابتة.
(باحث وأكاديمي)

المساهمون