التعليم الرسمي في مصر: فاتورة الأكلاف الموازية

02 سبتمبر 2015
طالب في مدرسة بالجيزة (فرانس برس)
+ الخط -
بالرغم من ادعاء الحكومة المصرية مجانية التعليم، إلا أن الواقع المصري يحمل طابعاً مختلفا تماماً، ولاسيما أنه منذ التحاق الطالب بالمرحلة الابتدائية تبدأ مرحلة التكاليف الباهظة التي لا يمكن لأي أسرة فقيرة أو متوسطة الدخل أن تتحملها بسهولة.

يقول الموظف في وزارة الآثار، محمد حسين، إن لديه ولدا في مرحلة الحضانة، والثاني في الصف الثالث الابتدائي، وولدا وبنتا في مرحلة التعليم الإعدادي. يكمل حسين أنه لكي يستطيع أن يسجل أبناءه، عليه أن يدفع مصاريف العام الدراسي بقيمة 150 جنيهاً (20 دولاراً) عن كل ولد، ثم بدأ العام الدراسي وبدأت الطلبات التي لا تنتهي.. كراريس وكتب وملابس وخلافه، لا تقل قيمتها عن 500 جنيه (65 دولارا) للطفل الواحد.

يوضح الموظف أنه منذ اليوم الأول للعام الدراسي يبدأ بالإنفاق على الدروس الخصوصية، التي تلجأ إليها الغالبية العظمى من الشعب المصري، خاصة هؤلاء الذين يضطرون إلى التعليم الحكومي، ولا يستطيعون الإيفاء بمطالب التعليم الخاص أو الأجنبي أو الأزهري. ويتراوح سعر المادة الواحدة في الدروس لطالب المرحلة الابتدائية ما بين 30 و50 جنيهاً. يضيف حسين أنه بالرغم من حديث وزارة التموين عن توفير تغذية للأطفال في المدارس، إلا أن الواقع مختلف تمامًا، حيث لا توفر أي وجبات للأطفال، وتضطر الأسر إلى منح الأطفال طعاماً يومياً لا يقل سعره عن 10 جنيهات.

اقرأ أيضا: إجماع عربي: الشهادات الجامعية لا تصلح لشيء

يؤكد حسين أن تكلفة الطفل في المرحلة الابتدائية لا تقل عن 300 جنيه في الشهر، و2100 جنيه في العام الدراسي الواحد، بخلاف الرعاية الطبية، والطعام، والشراب، وباقي مستلزمات الحياة اليومية.


بحسبة بسيطة يجريها حسين، يكتشف أن تكلفة الطالب في مراحل التعليم الأساسي الخاص في مصر تصل إلى ما يقرب 25000 جنيه خلال 12 عاماً، وهي مراحل الدراسة الأساسية. التي يكتفي بها الغالبية العظمى من المصريين، لعدم قدرتهم على الإيفاء بمتطلبات المراحل الجامعية وتكاليف الدراسة. ينهي حسين حديثه بالتأكيد على أنه إذا وضع تلك الحسابات في ذهنه فلن يكمل تعليم أبنائه، مؤكداً أن ابن شقيقه الأكبر تخرج من كلية الحقوق وتكلف آلاف الجنيهات، والآن يعمل في أحد المطاعم، ولا يتقاضى ربع ما كان ينفق عليه أبواه في فترة الدراسة.

تقول عضوة النقابة المستقلة للمعلمين، شيماء أحمد، إن مجانية التعليم في مصر وهم كبير، ولا سيما أن الأهالي هم من يتحملون نفقات التعليم من الألف إلى الياء. وعلى الرغم من ذلك، يتلقى الطلاب أسوأ تعليم يمكن أن يوجد في دولة في العالم، فتجد أن الطالب حتى المرحلة الإعدادية لا يمكنه القراءة والكتابة.

وتشير أحمد إلى أن ظاهرة الدروس الخصوصية بمفردها ترهق أي أسرة، حتى الأسر متوسطة الحال، التي اضطر الآلاف منهم إلى نقل أبنائهم من التعليم الخاص إلى التعليم الحكومي، هرباً من الدروس الخصوصية.

وتؤكد أحمد أن مرتبها هي وزوجها لا يتجاوز شهرياً الـ3000 جنيه، وأن لديها طفلين أحدهما في التعليم الثانوي تكلف دراسته ما يقرب من 1500 جنيه شهرياً، من انتقالات وملابس، ومصاريف دروس خصوصية وغيره، أي ما يقرب من نصف راتبها هي وزوجها، وهو يرغب في الالتحاق بكلية الطب، "إذا افترضنا جدلاً أنه سيكون طبيباً فكم سيكون راتبه؟ وفقاً لمن أعرفه، فإن راتبه لن يتجاوز الألفي جنيه". وتضيف أحمد: "أليس هذا ظلماً لنا ولأبنائنا؟".

اقرأ أيضا: جامعيون يبحثون عن أعمال مؤقتة لتسديد مصاريفهم

وكان تقرير صادر عن منظمة اليونسكو، أكد أن المصريين ينفقون 2.4 مليار دولار أميركي، أي ما يعادل 16 مليارا و56 مليون جنيه مصري على الدروس الخصوصية، بما يوازي 27% من الإنفاق الحكومي على التعليم منذ عام 2011. ويضيف التقرير، أن متوسط الإنفاق الإجمالي جاء بواقع 47% في المناطق الريفية، و40% في المدن، مشيراً إلى أن الحكومة تتيح للأطفال المنتمين إلى الأسر الغنية ضعف الفرص التي تتاح للطلاب الأكثر فقراً.

الكلفة تؤثر على التعليم
يدفع المصريون مليارات الدولارات سنوياً لتعليم أبنائهم، ولا تتوقف المصاريف عند الأقساط، بل تتعداها إلى تأمين آليات لنقل الطلاب، إضافة إلى الأكلاف اليومية. وتشير دراسة مجلس السكان الدولي إلى أن الكتب والدروس الخصوصية وأجور النقل، كلفت مع مصاريف التعليم الأخرى، كل طالب في الجامعات المصريّة ما بين 658 دولاراً و1.054 دولار أميركي في العام (حوالى 5.000-8.000 جنيه مصري)، وقالت الدراسة إنّ التكلفة الحقيقيّة للتعليم العالي هي أحد الأسباب الرئيسيّة وراء إحجام الطلاب في عمر الدراسة الجامعيّة من ذوي الدخل المحدود عن الالتحاق بالجامعات، وتشير الدراسة إلى أنّ نسبة الالتحاق بالجامعة تتناقص وسط أبناء الطبقة الفقيرة في مصر مقارنة بالأثرياء.
دلالات
المساهمون