ووفقاً لمصادر سياسية عراقية وأخرى عسكرية من داخل محافظة الأنبار، فإن الولايات المتحدة قد جهّزت الأسبوع الماضي العشائر العربية القريبة من محيط الفلوجة، بأكثر من خمسة آلاف قطعة سلاح أميركية متطورة، من النوع المتوسط والخفيف. وتشرف حالياً على تدريب دفعة جديدة من المقاتلين العشائريين، الذين بلغ تعدادهم أخيراً نحو 20 ألف مقاتل في عموم مدن الأنبار وغالبيتهم من عشائر المحافظة.
وفي السياق، يقول سياسي عراقي بارز لـ"العربي الجديد"، إن "القوات الأميركية في قاعدتي عين الأسد والتقدم (الحبانية سابقاً) باشرت يوم الخميس الماضي، برنامجاً جديداً لتدريب وتطوير قدرات العشائر، بعد نجاح تجربة الاعتماد عليها في تحرير الرمادي". ويلفت إلى أنّ "نجاح تجربة ما أُطلق عليه التحرير النظيف، شجّع الأميركيين على هذه الخطوة. ويتمّ ذلك في إطار التحالف الدولي، وبعلم رئيس الوزراء (حيدر العبادي)، الذي وافق على تبنّي واشنطن لقوات العشائر، تخلّصاً من الضغوط التي يتعرّض لها من المحور الايراني في بغداد، والتي ترفض قيام الحكومة بتسليح العشائر".
اقرأ أيضاً: عشائر العراق... الانتصارات ضد "داعش" تُكافأ بالإهمال من بغداد
ويشير السياسي العراقي نفسه، الذي كان أحد أعضاء لجنة كتابة الدستور العراقي الجديد بالعام 2005، إلى أنه "اطّلعنا على تقرير للعربي الجديد صدر أخيراً حول إهمال الحكومة للعشائر وعدم تسليحها. وهنا يجب أن نوضح نقطة مهمة غفلها التقرير، هو أن الحكومة تساعد العشائر الآن، من خلال سماحها للأميركيين بمواصلة عمليات التسليح والتدريب بعيداً عنها". ويلفت الى أن "الخطوة الأميركية الناجحة جعلت مليشيات الحشد على الهامش بالجزء الغربي من العراق، بل يكاد يكون وجودها في مناطق داخل الأنبار، غرب العراق، معدوماً". ويكشف أنه "من المرجّح أن يزور وفد عشائري رفيع المستوى واشنطن خلال الفترة المقبلة، للقاء أعضاء في لجنة الأمن والدفاع بالكونغرس الأميركي، بناءً على طلب أعضاء تلك اللجنة". ويؤكد بأن "الأميركيين استبعدوا قيادات سابقة في الصحوة، التي قاتلت داعش، أمثال أحمد أبو ريشة وعلي الحاتم، بسبب رفض المقاتلين العشائريين العمل تحت إمرتهم. كما تمّ تقسيم قوات العشائر إلى 11 فصيلاً، وكل فصيل يرأسه شيخ عشيرة معروف، يحظى بطاعة من قبل أتباعه".
وإلى جانب قوات العشائر، توجد ثلاثة ألوية قتالية تابعة للجيش، يتولّى قيادتها بشكل مباشر عميد في الجيش العراقي يدعى محمد الحمداني، ويحظى بثقة واحترام الجيش الأميركي، ويتولّى تنفيذ خطط الهجوم والمناورة في ساحات المواجهة مع تنظيم "داعش".
ويوضح الشيخ جاسم العلواني، أحد زعماء العشائر التي تقاتل "داعش"، لـ"العربي الجديد"، أنّ "العميد الحمداني، وهو من أهالي الموصل، سيتولّى مهمة تحرير مدن أخرى مثل الرمادي، كالفلوجة وهيت بالمشاركة مع العشائر". ويشير العلواني إلى "وجود ارتياح شعبي عام بالأنبار لإبعاد الحشد عن عمليات التحرير، والمواطن يتعاون مع العشائر بالمعلومات المهمة". ويضيف بأن "تجربة العشائر ناجحة، والولايات المتحدة تعدّ لأن تكون قوات العشائر نواة الجيش والشرطة بالأنبار، التي ستتولّى الإمساك بالأرض وحماية الأمن بالمحافظة مستقبلاً".
من جهته، يقول عضو البرلمان العراقي، محمد الجاف، لـ"العربي الجديد"، إن "القوات الأميركية وجدت في مقاتلي العشائر شريك ثقة، ولا يملكون أجندة سياسية بل لهم هدفاً واحداً يقضي بكسر داعش وتحرير أراضيهم". ويضيف الجاف بأن "دول الجوار العربية تشعر بالارتياح للدعم الأميركي للعشائر، وهذا قد يكون سببا إضافيا لمواصلة واشنطن دعمها". ويلفت إلى أن "أغلب المليشيات التابعة لما يسمى بالحشد الشعبي، تُنفّذ رغبة إيرانية لا يمكن لواشنطن أن تتعاون معها بالوقت الحالي، لكنها قد تستغلها في حرب الاستنزاف الجارية بينها وبين داعش". ويشير إلى أن "الموصل ستكون هي الأخرى بعيدة عن مليشيات الحشد، إذ من المقرر أن تشارك في المعركة قوات البشمركة والعشائر ووحدات من الجيش العراقي بدعم أميركي مباشر".
اقرأ أيضاً جبهات العراق: تفاقم خسائر "داعش" بالأنبار وترقب معركة الموصل