لم يخطر في بال كثيرين أن يكون أسامة كريم (23 عاماً) المولود في السويد، تحديداً في منطقة روسنغوورد في مالمو بأقصى الجنوب السويدي، جزءاً من الأعمال الدموية التي شهدتها بروكسل وباريس في الأشهر القليلة الماضية.
بحسب ما يقول إمام المنطقة علي إبراهيم فإنّ كريم كان كأيّ شاب من عمره يمارس الرياضة وبشكل خاص كرة القدم. وفي شهادته حول كريم بعد إلقاء القبض عليه قبل أسبوع، يقول إبراهيم للتلفزيون السويدي: "لم تكن هناك أيّ إشارة تدل على عنفه أو عدوانيته تجاه الآخرين عندما كان طفلاً".
لكنّ شيئاً ما حدث مع "المراهق الخجول والهادئ، قبل أن يختفي تماماً" بحسب إبراهيم. يتابع: "كان يقيم مع أهله قبل أن يغادرهم متوجهاً إلى صديق، ولم يرجع بعدها أو يتواصل مع أهله. وانقطعت أخباره تماماً".
كان لخبير الجماعات الإرهابية ماونوس رانستورب، من أكاديمية الدفاع السويدية، رأي آخر منذ البداية. فهو لم يستبعد أن تتمدد "الخيوط البلجيكية في الشبكات الإرهابية لتصل إلى كثيرين في السويد". يقول: "كان أسامة كريم ينشط في إظهار تشدده عبر وسائل التواصل الاجتماعي". وهو ما يؤكده خبراء آخرون تابعوا صفحته قبل إغلاقها. يزعم هؤلاء أنّ كريم كان معروفاً في موقع "فيسبوك" وصولاً إلى يناير/ كانون الثاني 2015.
من المعلومات المتوفرة حول ذلك النشاط أنّه كان يضع علم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) كخلفية لصفحته. ويمجّد بالشيخ أنور العولقي الذي قتل في غارة أميركية في اليمن (2011). وقبل وقف صفحته، كان كريم قد نشر صوراً له وهو يرتدي الزيّ العسكري، ويحمل بندقية في منطقة دير الزور في شمال شرق سورية "ما يعني أنّه انضم إلى داعش" وفق هؤلاء. كما تبين أنّه كتب في إحدى المرات على صفحته: "كم من دمائنا يجب أن تزهق كعرب ومسلمين قبل أن تتحرك القيادات وتتصرف".
اقــرأ أيضاً
ما يحيّر الموظفين في البلديات والمختصين في شؤون الشبيبة من أصل مهاجر، خصوصاً في دولة اسكندنافية، تلك التحولات التي طرأت على الشباب من دون أن تثير شكوك المختصين أو تستدعي تدخلهم المبكر. الصادم بالنسبة للبيئة السويدية، التي ترعرع فيها كريم، أنّ تحذيرات عدة انطلقت منذ عام 2009 بخصوص مدينة مالمو وانتشار التشدد فيها، من دون تدخل حقيقي من السلطات المختصة بالشؤون الاجتماعية في البلدية التي تعج ضواحيها بالمهاجرين.
في تلك البيئة المهاجرة يرفض كثيرون الحديث عما يجري. حتى حين حاولت "العربي الجديد" السؤال عما جعل أسامة وغيره ممن ولدوا في السويد يحتلون العناوين، ووجهت بأبواب موصدة، باستثناء قول أحدهم طالباً عدم ذكر اسمه: "لقد أصيب بعضنا بالصدمة حين رأينا صوره كمطلوب وبعد القبض عليه. لم يكن أحد يتصور أنّه سيشارك بمثل هذه الأفعال. لم يكن يعاني من أي مشاكل اجتماعية مثلاً. التفسير الوحيد الذي أجده هو أنه جرى التأثير عليه بطريقة أو بأخرى.. فقد أصبح أكثر تديناً مما كان عليه، ولم يعد بإمكانه التراجع".
ينفي كثيرون من عارفي كريم الروايات التي تروّج أنّه "كان يتاجر بالمخدرات، أو منحرفاً في تصرفاته". يقول هؤلاء: "من يسمون أنفسهم خبراء ينقصهم الكثير قبل معرفة الحقيقة".
في المقابل، فإنّ بلدية مالمو وضواحيها، كانت منذ عام 2009 محط اهتمام في تقرير أعده خبراء من جامعة "لوند" تطرق إلى "انتشار التشدد". أوصى معدّو التقرير يومها بأن يجري تعاون بين الشرطة والسلطات الاجتماعية، خصوصاً في منطقة روسنغوورد. واستند التقرير، الذي أعدّ بطلب من الحكومة، إلى لقاءات مع 30 شخصاً من المنطقة. وخلص إلى أنّ "المواقف المتشددة تصعد بسرعة خلال السنوات الخمس الماضية (أي منذ 2004) في مالمو. وأصبحت تلك الأفكار ذات نفوذ كبير بين شبان منطقة روسنغوورد".
أحد الناشطين العرب في المدينة يقول لـ"العربي الجديد": "لم يؤخذ التقرير بعين الاعتبار كون السويد كانت تعيش حالة من ثقافة الخوف من اتهامات بالعنصرية. لذا جرى إغلاق النقاش العام. ولو بقي مفتوحاً لربما كان الأمر أفضل للجاليات والمجتمع السويدي بدلاً من هذا المشهد المتخبط والمحزن".
ما من شك أنّ سكان المنطقة التي عاش فيها أسامة يشعرون بإحباط لارتباط اسم المدينة وضاحيتها بأعمال إرهابية. بعضهم يتساءل كثيراً عن "دور المجتمع من المدرسة إلى التربويين والمختصين الاجتماعيين وما يفعلونه في سبيل الحد من ظاهرة التطرف بين اليافعين". يشير هؤلاء إلى أنّ اختفاء الشاب أسامة كريم كان يجب أن يثير انتباه المؤسسات الاجتماعية على الأقل. وكانت السلطات البلجيكية قد أكدت بعد فترة من اعتداءات بروكسل أنّ المشتبه به نعيم الحمد، هو نفسه السويدي أسامة كريم.
من جهتها، تعتبر وزيرة الخارجية السابقة منى ساهلين التي تشغل منصب المنسقة الوطنية ضد التطرف العنفي، أنّ "درء التشدد والنجاح فيه يتطلبان المزيد من التعاون بين الشرطة والمؤسسات الاجتماعية، وبناء ثقة بين المواطنين حتى يكون الأهل قادرين على التواصل إذا ما جنح فرد نحو التشدد".
اقــرأ أيضاً
بحسب ما يقول إمام المنطقة علي إبراهيم فإنّ كريم كان كأيّ شاب من عمره يمارس الرياضة وبشكل خاص كرة القدم. وفي شهادته حول كريم بعد إلقاء القبض عليه قبل أسبوع، يقول إبراهيم للتلفزيون السويدي: "لم تكن هناك أيّ إشارة تدل على عنفه أو عدوانيته تجاه الآخرين عندما كان طفلاً".
لكنّ شيئاً ما حدث مع "المراهق الخجول والهادئ، قبل أن يختفي تماماً" بحسب إبراهيم. يتابع: "كان يقيم مع أهله قبل أن يغادرهم متوجهاً إلى صديق، ولم يرجع بعدها أو يتواصل مع أهله. وانقطعت أخباره تماماً".
كان لخبير الجماعات الإرهابية ماونوس رانستورب، من أكاديمية الدفاع السويدية، رأي آخر منذ البداية. فهو لم يستبعد أن تتمدد "الخيوط البلجيكية في الشبكات الإرهابية لتصل إلى كثيرين في السويد". يقول: "كان أسامة كريم ينشط في إظهار تشدده عبر وسائل التواصل الاجتماعي". وهو ما يؤكده خبراء آخرون تابعوا صفحته قبل إغلاقها. يزعم هؤلاء أنّ كريم كان معروفاً في موقع "فيسبوك" وصولاً إلى يناير/ كانون الثاني 2015.
من المعلومات المتوفرة حول ذلك النشاط أنّه كان يضع علم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) كخلفية لصفحته. ويمجّد بالشيخ أنور العولقي الذي قتل في غارة أميركية في اليمن (2011). وقبل وقف صفحته، كان كريم قد نشر صوراً له وهو يرتدي الزيّ العسكري، ويحمل بندقية في منطقة دير الزور في شمال شرق سورية "ما يعني أنّه انضم إلى داعش" وفق هؤلاء. كما تبين أنّه كتب في إحدى المرات على صفحته: "كم من دمائنا يجب أن تزهق كعرب ومسلمين قبل أن تتحرك القيادات وتتصرف".
ما يحيّر الموظفين في البلديات والمختصين في شؤون الشبيبة من أصل مهاجر، خصوصاً في دولة اسكندنافية، تلك التحولات التي طرأت على الشباب من دون أن تثير شكوك المختصين أو تستدعي تدخلهم المبكر. الصادم بالنسبة للبيئة السويدية، التي ترعرع فيها كريم، أنّ تحذيرات عدة انطلقت منذ عام 2009 بخصوص مدينة مالمو وانتشار التشدد فيها، من دون تدخل حقيقي من السلطات المختصة بالشؤون الاجتماعية في البلدية التي تعج ضواحيها بالمهاجرين.
في تلك البيئة المهاجرة يرفض كثيرون الحديث عما يجري. حتى حين حاولت "العربي الجديد" السؤال عما جعل أسامة وغيره ممن ولدوا في السويد يحتلون العناوين، ووجهت بأبواب موصدة، باستثناء قول أحدهم طالباً عدم ذكر اسمه: "لقد أصيب بعضنا بالصدمة حين رأينا صوره كمطلوب وبعد القبض عليه. لم يكن أحد يتصور أنّه سيشارك بمثل هذه الأفعال. لم يكن يعاني من أي مشاكل اجتماعية مثلاً. التفسير الوحيد الذي أجده هو أنه جرى التأثير عليه بطريقة أو بأخرى.. فقد أصبح أكثر تديناً مما كان عليه، ولم يعد بإمكانه التراجع".
ينفي كثيرون من عارفي كريم الروايات التي تروّج أنّه "كان يتاجر بالمخدرات، أو منحرفاً في تصرفاته". يقول هؤلاء: "من يسمون أنفسهم خبراء ينقصهم الكثير قبل معرفة الحقيقة".
في المقابل، فإنّ بلدية مالمو وضواحيها، كانت منذ عام 2009 محط اهتمام في تقرير أعده خبراء من جامعة "لوند" تطرق إلى "انتشار التشدد". أوصى معدّو التقرير يومها بأن يجري تعاون بين الشرطة والسلطات الاجتماعية، خصوصاً في منطقة روسنغوورد. واستند التقرير، الذي أعدّ بطلب من الحكومة، إلى لقاءات مع 30 شخصاً من المنطقة. وخلص إلى أنّ "المواقف المتشددة تصعد بسرعة خلال السنوات الخمس الماضية (أي منذ 2004) في مالمو. وأصبحت تلك الأفكار ذات نفوذ كبير بين شبان منطقة روسنغوورد".
أحد الناشطين العرب في المدينة يقول لـ"العربي الجديد": "لم يؤخذ التقرير بعين الاعتبار كون السويد كانت تعيش حالة من ثقافة الخوف من اتهامات بالعنصرية. لذا جرى إغلاق النقاش العام. ولو بقي مفتوحاً لربما كان الأمر أفضل للجاليات والمجتمع السويدي بدلاً من هذا المشهد المتخبط والمحزن".
ما من شك أنّ سكان المنطقة التي عاش فيها أسامة يشعرون بإحباط لارتباط اسم المدينة وضاحيتها بأعمال إرهابية. بعضهم يتساءل كثيراً عن "دور المجتمع من المدرسة إلى التربويين والمختصين الاجتماعيين وما يفعلونه في سبيل الحد من ظاهرة التطرف بين اليافعين". يشير هؤلاء إلى أنّ اختفاء الشاب أسامة كريم كان يجب أن يثير انتباه المؤسسات الاجتماعية على الأقل. وكانت السلطات البلجيكية قد أكدت بعد فترة من اعتداءات بروكسل أنّ المشتبه به نعيم الحمد، هو نفسه السويدي أسامة كريم.
من جهتها، تعتبر وزيرة الخارجية السابقة منى ساهلين التي تشغل منصب المنسقة الوطنية ضد التطرف العنفي، أنّ "درء التشدد والنجاح فيه يتطلبان المزيد من التعاون بين الشرطة والمؤسسات الاجتماعية، وبناء ثقة بين المواطنين حتى يكون الأهل قادرين على التواصل إذا ما جنح فرد نحو التشدد".