10 أكتوبر 2024
التطبيع على الطريقة الدرامية
يعود حديث التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني إلى الواجهة، وهذه المرّة عبر بوابة الدراما العربية، والتي كانت دائما من مصادر تخليق الرأي العام العربي إيجابياً تجاه القضية الفلسطينية. ولكن يبدو أن الحال تبدّل الآن، وستصبح هذه المسلسلات ثغرة حقيقية كبيرة في جدار الوعي لدى الأجيال الجديدة.
حسناً.. سنعود إلى تعريف التطبيع مع الصهاينة بأبسط صورة ممكنة، بهدف عدم الخلط بينه وبين إقامة العلاقات مع دولة الكيان الصهيوني، بعد أن لوحظ التباس لدى كثيرين في هذه المسألة.
التطبيع لا يعني إقامة العلاقات بين البلاد العربية والكيان الصهيوني، بل يعني جعل هذه العلاقات تبدو طبيعية في الوجدان العربي كله، فمصر والأردن أقامتا علاقات سياسية واعترافات متبادلة بينهما وبين الكيان. ولكن نتيجة للوعي الشعبي في البلدين العربيين، لم ينجح الإسرائيليون في التطبيع، على الرغم من محاولاتهم المستمرة، وهذا كما يبدو هو ما قلب الخطة رأسا على عقب أخيرا، فقرّروا أن يبدأوا إذن بالتطبيع الشعبي، قبل إقامة العلاقات الرسمية، وهو ما أصبحنا نلاحظ بوادره التي ظهرت أولا في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث حرص أفيخاي أدرعي ورفاقه على الوجود فيها بلسان عربي مبين، لكسر الحاجزين، النفسي واللغوي، بيننا وبينهم، وبعد أن ظنوا أن مرحلة التواصل الاجتماعي نجحت في تمهيد الطريق، وبدأوا بطَرق أبواب الدراما عبر نجوم خليجيين محبوبين جماهيريا.
اعترف نتنياهو بأن المشكلة الحقيقية التي تواجه ما يسمونه السلام هي وعي الشعوب العربية، وبالتالي لا بد من القضاء على هذا الوعي وتخريبه وتدميره بكل الوسائل الممكنة. وفي كلمته أمام الكنيست، في عام 2017، بمناسبة الذكرى الأربعين لزيارة أنور السادات القدس المحتلة، قال نتنياهو: "العقبة الكبرى أمام توسيع السلام لا تعود إلى قادة الدول حولنا، إنما إلى الرأي العام السائد في الشارع العربي، والذي تعرّض سنوات طويلة لغسل دماغ تمثّل في عرض صورة خاطئة ومنحازة عن دولة إسرائيل". وأكمل: "حتى بعد مرور عشرات من السنوات، وعلى غرار الطبقات الجيولوجية، يصعب جداً التحرّر من تلك الصورة، وعرض إسرائيل على حقيقتها وبوجهها الجميل والحقيقي".
وها هو "الوجه الجميل لإسرائيل" يطلّ علينا هذه الأيام عبر الشاشات الصغيرة، بغرض خلخلة الرأي العام العربي، والذي كان هو الجدار العازل الحقيقي بين سياسيين عرب كثيرين والتطبيع مع "إسرائيل". أما أدوات هذه الخلخلة فكثيرة، أسهلها الأعمال الفنية التي أرادوا من خلالها تزييف التاريخ لقبول الواقع الجديد.
وهكذا بدا الأمر على استحياء في بعض المشاهد الغامضة، والتي يسهل تقبّلها بتفسيرات مراوغة، ثم بدأ الأمر يبدو أكثر وضوحا مباشرة في بعض المسلسلات المصرية، مثل "حارة اليهود" قبل سنوات قليلة، وصورت فيه الشخصية اليهودية بشكل إيجابي غير مسبوق في الدراما العربية. وهكذا استمر التدرج التطبيعي إلى أن وصلت الأمور إلى اقتحام الدراما الخليجية من خلال أبرز نجومها حاليا، مثل مسلسلي "أم هارون" و "مخرج 7"، واللذين بدآ منذ حلقاتهما الأولى الرحلة الفجّة في تلميع الكيان الصهيوني قديما وحديثا، وبطرق مباشرة وغير مباشرة أيضا.
وعلى الرغم من أننا ما زلنا في بداية الحلقات، إلا أن الرسالة وصلت مبكرا، وهذا بالضبط كما يريده الإسرائيليون وأتباعهم من المتصهينين العرب بيننا.. وما زلنا نتابع لنرصد مراحل خريطة الطريق إلى التطبيع!
التطبيع لا يعني إقامة العلاقات بين البلاد العربية والكيان الصهيوني، بل يعني جعل هذه العلاقات تبدو طبيعية في الوجدان العربي كله، فمصر والأردن أقامتا علاقات سياسية واعترافات متبادلة بينهما وبين الكيان. ولكن نتيجة للوعي الشعبي في البلدين العربيين، لم ينجح الإسرائيليون في التطبيع، على الرغم من محاولاتهم المستمرة، وهذا كما يبدو هو ما قلب الخطة رأسا على عقب أخيرا، فقرّروا أن يبدأوا إذن بالتطبيع الشعبي، قبل إقامة العلاقات الرسمية، وهو ما أصبحنا نلاحظ بوادره التي ظهرت أولا في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث حرص أفيخاي أدرعي ورفاقه على الوجود فيها بلسان عربي مبين، لكسر الحاجزين، النفسي واللغوي، بيننا وبينهم، وبعد أن ظنوا أن مرحلة التواصل الاجتماعي نجحت في تمهيد الطريق، وبدأوا بطَرق أبواب الدراما عبر نجوم خليجيين محبوبين جماهيريا.
اعترف نتنياهو بأن المشكلة الحقيقية التي تواجه ما يسمونه السلام هي وعي الشعوب العربية، وبالتالي لا بد من القضاء على هذا الوعي وتخريبه وتدميره بكل الوسائل الممكنة. وفي كلمته أمام الكنيست، في عام 2017، بمناسبة الذكرى الأربعين لزيارة أنور السادات القدس المحتلة، قال نتنياهو: "العقبة الكبرى أمام توسيع السلام لا تعود إلى قادة الدول حولنا، إنما إلى الرأي العام السائد في الشارع العربي، والذي تعرّض سنوات طويلة لغسل دماغ تمثّل في عرض صورة خاطئة ومنحازة عن دولة إسرائيل". وأكمل: "حتى بعد مرور عشرات من السنوات، وعلى غرار الطبقات الجيولوجية، يصعب جداً التحرّر من تلك الصورة، وعرض إسرائيل على حقيقتها وبوجهها الجميل والحقيقي".
وها هو "الوجه الجميل لإسرائيل" يطلّ علينا هذه الأيام عبر الشاشات الصغيرة، بغرض خلخلة الرأي العام العربي، والذي كان هو الجدار العازل الحقيقي بين سياسيين عرب كثيرين والتطبيع مع "إسرائيل". أما أدوات هذه الخلخلة فكثيرة، أسهلها الأعمال الفنية التي أرادوا من خلالها تزييف التاريخ لقبول الواقع الجديد.
وهكذا بدا الأمر على استحياء في بعض المشاهد الغامضة، والتي يسهل تقبّلها بتفسيرات مراوغة، ثم بدأ الأمر يبدو أكثر وضوحا مباشرة في بعض المسلسلات المصرية، مثل "حارة اليهود" قبل سنوات قليلة، وصورت فيه الشخصية اليهودية بشكل إيجابي غير مسبوق في الدراما العربية. وهكذا استمر التدرج التطبيعي إلى أن وصلت الأمور إلى اقتحام الدراما الخليجية من خلال أبرز نجومها حاليا، مثل مسلسلي "أم هارون" و "مخرج 7"، واللذين بدآ منذ حلقاتهما الأولى الرحلة الفجّة في تلميع الكيان الصهيوني قديما وحديثا، وبطرق مباشرة وغير مباشرة أيضا.
وعلى الرغم من أننا ما زلنا في بداية الحلقات، إلا أن الرسالة وصلت مبكرا، وهذا بالضبط كما يريده الإسرائيليون وأتباعهم من المتصهينين العرب بيننا.. وما زلنا نتابع لنرصد مراحل خريطة الطريق إلى التطبيع!