التطبيع عبر مواقع التواصل الاجتماعي.. فخاخ الكيان الصهيوني الجديدة

30 يوليو 2014
العدوان الأخير على غزة أظهر خطورة هذه الحسابات (فيسبوك)
+ الخط -

ظهرت في الفترة الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، حسابات إسرائيلية بالعربية، مثل حساب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، وحساب المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي للإعلام العربي أوفير جندلمان، وحساب ما يسمى "جيش الدفاع الإسرائيلي".

وتقوم هذه الحسابات بعدة مهام حيوية وحساسة، منها نشر الأخبار من منظور الدولة العبرية، وفتح منابر للحوار مع المتابعين والمعجبين العرب في كل القضايا الساخنة، في سبيلها لإقامة علاقات ودية تصبح معها هذه الحسابات جزءا رئيسيا من نمط حياة روّاد مواقع التواصل العرب.

هناك بعض آخر من الشباب العربي يتابع هذه الحسابات من باب "فش الخلق" ويزور الصفحات والحسابات الخاصة بإسرائيل، لمجرد ترك تعليق يحوي السباب والشتائم، وأحيانا من باب الفضول الناتج عن الصورة الذهنية الخارقة التي ترسبت في أذهان هؤلاء الشباب عن قدراتها الاستخباراتية.
مثال ذلك، حساب أفيخاي أدرعي، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، الذي ألف المشاهدون العرب رؤيته عبر كبرى فضائيات الأخبار العربية، بسبب طبيعة موقعه، وأصبح أدرعي مصدرا للأخبار، بل حتى للمواقع الرسمية الناطقة بالعربية في المنطقة.

خطورة أدرعي، أنه يتمتع بخفة ظل، أو بلاهة يصطنعها، تجعل منه فقرة للتندر على مواقع التواصل عبر حسابيه على تويتر وفيسبوك، ويقوم أدرعي بتبادل النكات والمواقف الطريفة، وآخر ما اعتاد القيام به في الفترة الأخيرة هو نشر الأدعية الإسلامية، وخصوصا يوم الجمعة، ويختمها بالجملة الشهيرة التي يحاكي بها النشطاء العرب: "جمعة مباركة".

وتكمن الخطورة هنا أن الشباب يدخلون معه في حوارات سواء بالسب والشتم أو بالسخرية أحيانا وبالاختلاف أحيانا كثيرة، مما يكسر الحاجز النفسي بينهم، لينخرطوا في أحاديث ودية.

في العدوان الصهيوني الأخير على غزة، ظهرت خطورة هذه الحسابات؛ فهي تقوم بنشر الأخبار من وجهة نظرها مصحوبة بصور توضيحية ملتقطة من الأقمار الاصطناعية وكاميرات الطائرات المقاتلة، وتلوي أعناق الحقائق لصالحها، محاولة تسويق وجهة نظرها ومظهرة حركة "حماس" في شكل المعتدي المتسبب في تدمير القطاع؛ لأنها تتخذ المدنيين دروعا بشرية وتزرع منصات الصواريخ داخل الأحياء السكنية، مما يتسبب في سقوطهم قتلى.
 
غياب إعلام الجامعة العربية

من جانبه، يرى أستاذ الإعلام في جامعة القاهرة، عدلي رضا، أنه: "على العرب مسلمين كانوا أو مسيحيين، رد الحجة بالحجة، بناءً على المعلومات، وعدم الاعتماد على التراشق اللفظي الذي لا طائل من ورائه سوى استفزاز الشباب أو جرّهم لحوارات عديمة الجدوى "فالجهود الفردية لا تكفي في دحض هذه الممارسات التي يتبناها العدو، ولكن لا بد من خطة إعلامية عربية منظمة، تكون بديلا للإعلام المرتجل غير العلمي، في الدول العربية"، على حدّ قوله.

الخطة الإعلامية وسياساتها، ترسمها الدول وليس الشعوب أو الأفراد، كما يقول رضا، الذي أكد على أهمية دور وزارة الخارجية في مصر على سبيل المثال، في إيصال الصورة والمعلومات الصحيحة، عما يدور في الأراضي الفلسطينية.

أستاذ الإعلام في جامعة القاهرة، أكد، أيضا، أهمية وجود وجهة نظر عربية صحيحة وواضحة تجاه ما يدور في فلسطين، ملقيا اللوم هذه المرة على جامعة الدول العربية وهيئة الإعلام فيها، وليس وزارات الخارجية وحدها، مشيرا إلى أن غياب وجهة نظر عربية واحدة يؤكد أن الدول العربية في وادٍ منعزل.

ويرى رضا أن الشباب هم الفئة الأكثر استهدافا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، لبث نوع من الإحباط لديهم أو حتى خلق حالة من عدم الرضا عن الأوضاع بمجملها، مشيرا إلى أن السبيل الوحيد للتصدي لمثل هذه المحاولات، هو من خلال توضيح الحقائق وشفافية المعلومات، مختتما حديثه بـ"إذا توافرت المعلومات.. قلت الشائعات".
 
الشباب المصري وفخ الشتائم

خبير الإعلام المجتمعي المتخصص بالشبكات، أحمد توفيق، يحذر من التفاعل الذي يقوم به الشباب العربي مع الحسابات الإسرائيلية، ويقول: "انتشرت في الفترة الأخيرة حسابات باللغة العربية خاصة بإسرائيل على تويتر وفيسبوك، تقوم بضخ عدد كبير من الإعلانات تستهدف الوصول لدول وأعمار معينة، وأكثر المتفاعلين معها هم الشباب من أعمار صغيرة، وخاصة من مصر".

وحذر توفيق من الدخول في دائرة النقاش المطروحة عبر هذه الحسابات لأنها في نظره "تساعد على الوصول لعدد أكبر من الشباب المستهدف، في الوقت الذي يظن فيه المتفاعل أنه يقوم بعمل بطولي بالسب والقذف، وهو الفخ الذي يقع فيه".

الخبير الأمني، فاروق المقرحي، كان قد حذر من خطورة التفاعل مع هذه الحسابات؛ يقول في تصريحات صحافية "في ظل ما يحدث من صراعات في دول الربيع العربي، تحاول إسرائيل إقامة علاقات ودية مع شباب الجيل الجديد في تلك الدول عن طريق صفحات التواصل الاجتماعي".

ويضيف المقرحي "هذه الحسابات تنشر الأخبار المغلوطة والمختلطة ببعض الحقائق، وتكمن خطورتها في أنها محاولة للتطبيع بشكل أو بآخر وتستهدف الشباب الذي لا يعي طبيعة الصراع مع الدولة العبرية".
 
شكرا غزة

ويعلق الصحافي السعودي، عضوان الأحمري على من يتفاعلون مع تلك الحسابات من باب السخرية والطرافة، بقوله: العرب يقاطعون إسرائيل وهم ضد التطبيع معها، لكن لا يمانعون من "ريتويت" تصريحات المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي. فهل كونه ينشر المعلومات يشفع لهم ذلك تناقضهم"؟

وعن دور العدوان على غزة في إفشال محاولات التطبيع مع إسرائيل، يقول الأكاديمي في مجال الإعلام، تركي الشهري: "أوشكت بعض العواصم العربية أن تعلن التطبيع مع الصهاينة، فأيقظت لدى شعوبها جذوة الضمير، لتعيد التطبيع إلى المربع الأول.. شكراً غزة".

المساهمون