التصويت بشأن القدس في الجمعية العامة: اختبار المكانة الدولية لإسرائيل

21 ديسمبر 2017
يراهن نتنياهو على علاقاته مع دول أفريقية (درو أنجرير/Getty)
+ الخط -
تعتبر نتيجة التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة، اليوم الخميس، على مشروع القرار التركي اليمني، الذي يدعو الرئيس الأميركي دونالد ترامب للتراجع عن قراره الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، اختباراً مهماً للمكانة الدولية لكل من إسرائيل والولايات المتحدة، وتحديداً لمزاعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتكررة بأن تل أبيب لا تواجه عزلة عالمية.

وعلى الرغم من أن كل التقديرات في تل أبيب تفيد بأن أغلبية الدول المشاركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة ستصوت لصالح مشروع القرار التركي اليمني، إلا أن التحدي الذي يواجه إسرائيل يتمثل بشكل خاص في تقليص عدد الدول التي تؤيد القرار.
ويبدو نتنياهو، الذي يحتفظ بمنصب وزير الخارجية أيضاً، معنياً بشكل خاص بأن تدلل نتيجة التصويت على مشروع القرار على أن استثماره الواسع في تعزيز العلاقة مع الدول الأفريقية ودول أوروبا الشرقية في مكانه، من خلال محاولة إقناع هذه الدول بالتصويت ضد المشروع. وفي سعيها لتحقيق هذا الهدف، فقد شرعت إسرائيل في حملة دبلوماسية واسعة ومكثفة في محاولة للتأثير على نتيجة التصويت على مشروع القرار، من خلال توظيف سفرائها وممثليها في أرجاء العالم وعبر التعاون الوثيق مع بعثة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة.

فقد كشف موقع صحيفة "هآرتس"، أمس الأربعاء، أن وزارة الخارجية في تل أبيب أصدرت تعليمات لجميع سفراء وممثلي إسرائيل في العالم بالتحرك لدى حكومات الدول التي يعملون فيها من أجل إقناعها بالاعتراض على مشروع القرار.

وأشارت الصحيفة إلى أن التعليمات التي صدرت للسفراء تنص بشكل واضح على ضرورة العمل بكل قوة من أجل "تقليص الضرر" الذي سيمسّ مكانة إسرائيل في أعقاب تمرير مشروع القرار، من خلال محاولة إقناع المزيد من الدول بالاعتراض عليه.
وحسب الصحيفة، فقد حثّت الوزارة السفراء على عقد لقاءات عاجلة مع المستويات السياسية الرفيعة في الدول التي يعملون فيها من أجل محاولة التأثير على نمط تصويت ممثليها على مشروع القرار. وأشارت الصحيفة إلى أن الوزارة طلبت من السفراء أن يحاججوا بأن دعم مشروع القرار التركي اليمني سيمسّ فرص نجاح التحرك الأميركي الهادف للتوصل إلى تسوية إقليمية شاملة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
ومن المفارقة أن الخارجية الإسرائيلية طلبت من السفراء الإسرائيليين تحذير الدول التي يعملون فيها من أن تمرير مشروع القرار التركي اليمني يعد "تشجيعاً للخطوات أحادية الجانب"، في حين أن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، يعد أوضح تجسيد للخطوات أحادية الجانب.
وفي محاولة لاستثمار العلاقة معها، أشارت الصحيفة إلى أن التحركات الدبلوماسية الإسرائيلية تستهدف بشكل خاص دول أوروبا الشرقية وأفريقيا. وأعادت الصحيفة للأذهان حقيقة أن إسرائيل تحتفظ بعلاقات متقدمة مع معظم دول أوروبا الشرقية، علاوة على أن علاقتها تحسنت بشكل كبير مع عدد من الدول الأفريقية أخيراً.
ويتضح مما كشفته الصحيفة أن إسرائيل تراهن بشكل خاص على التعاون بين مندوبها في الأمم المتحدة الليكودي داني دانون، وممثلة الولايات المتحدة هناك نيكي هيلي، في محاولة لتقليص عدد الدول التي ستؤيد القرار. وسيحاول دانون وهيلي إقناع ممثلي الدول المختلفة على الأقل بعدم إلقاء كلمات أثناء المداولات التي تسبق عملية التصويت على مشروع القرار التركي اليمني.

وتعد نتيجة التصويت على مشروع القرار اختباراً للاستثمار الإسرائيلي الكبير في تطوير العلاقات مع الدول الأفريقية، لأن كبار المسؤولين الإسرائيليين جاهروا في مناسبات عدة، بأن الهدف من هذا الاستثمار هو محاولة تعزيز مكانة تل أبيب الدولية، من خلال تجنيد أكبر عدد من هذه الدول لصد مشاريع القرار التي تستهدف إسرائيل والتي يتم التصويت عليها في المحافل الأممية. ومن أجل تحقيق هذا الهدف قام نتنياهو بجولتين في شرق وغرب القارة السمراء، إلى جانب حضوره أخيراً قمة أفريقية عقدت في كينيا.
كما حرصت إسرائيل على تقديم دعم تقني وأمني واسع لعدد من هذه الدول في مسعى لإقناع النخب الحاكمة هناك بأنه يجدر الرهان على عوائد العلاقة مع تل أبيب. إلى جانب ذلك، فإن إسرائيل، التي تحتفظ بعلاقات أمنية واستخبارية وثيقة مع معظم دول أوروبا الشرقية، تراهن على أن تصوت هذه الدول ضد مشروع القرار التركي اليمني، لا سيما أن مسؤولين في التشيك والمجر قد أكدوا أنهم يرون في القدس الغربية عاصمة لإسرائيل.
في غضون ذلك، فإن نتيجة التصويت ستكون اختباراً لمواقف بعض الدول الأوروبية التي صعد فيها اليمين المتطرف للحكم، لا سيما النمسا. فالحكومة النمساوية الجديدة تواصل مغازلة إسرائيل، التي أعلنت مقاطعتها بسبب مشاركة حزب "الحرية" ذو الجذور النازية في الائتلاف الجديد. كما أن نمط تصويت ممثل الهند على مشروع القرار سيعدّ مؤشراً واضحاً على توجهات حكومة اليمين المتطرف بقيادة ناريندرا مودي، والذي ساهم وصوله إلى الحكم في تطوير العلاقات مع تل أبيب بشكل غير مسبوق.

المساهمون