لم يختلف هذا السيناريو المتكرّر بين محافظات مصر، لتعلن بعدها وزارة الداخلية عن تصفية متهمين جسديًا، على الرغم من حديث الأهالي عن اختفائهم قسريًا وتقديمهم بلاغات للجهات الأمنية، منذ فترات امتدت لشهور في بعض الحالات.
ما يقرب من 50 حالة تصفية جسدية خلال شهر واحد، كان 27 حالة منهم في أقل من 10 أيّام من دون تفاصيل من الجهات الأمنية التي أعلنت مقتلهم.
سلسلة تصفيات
بحلول منتصف 21 يوليو/ تموز 2017، أعلنت وزارة الداخلية تصفية شخصين بصحراء الفيوم، بتهمة تنفيذ عدد من العمليات الإرهابية عن طريق تلقي تعليمات من قيادات التنظيمات في الخارج، بحسب بيان الوزارة، إلا أن ذويهم أكدوا اختفاءهم قسريًا منذ ما يقرب من أسبوعين.
لم تتوقّف عمليات التصفية خلال الشهر الجاري، فخلال ثلاثة أياّم فقط أعلنت الداخلية تصفية 26 متهمًا، ففي 8 يوليو/ تموز الجاري أُعلن عن تصفية 14 في محافظة الإسماعيلية، وشخصين آخرين بمدينة 6 أكتوبر.
مرّ يومان فقط على مقتل علي سامي الفار، المختفي قسريًا منذ 78 يومًا من مدينة البصارطة بدمياط منذ 22 أبريل/ نيسان 2017، وفقًا لما وثقته التنسيقية المصرية للحقوق والحريّات، لتعلن الداخلية في 10 يوليو/ تموز تصفية ستة مواطنين بمحافظة أسيوط، لتستمرّ خلال يومي 11 و12 يوليو/ تموز تصفية اثنين آخرين، وبمرور ثلاثة أيام أخرى صفّت قوّات الأمن ستة آخرين، وفي 15 يوليو/ تموز الجاري قتلت قوّات الأمن شخصين كان من بينهما عماد الفار، شقيق علي الذي تعرّض للتصفيه قبله بأيّام.
الرواية الأخرى
سمية، من أفراد أسرة الفار، توضّح أنهم عانوا من تعنّت في استلام جثمان علي في البداية، الأمر الذي استمر ثمانية أيّام منذ إعلان مقتله، إلا أنها تؤكّد أنه قُتل قبل يومين من إعلان الوزارة، موضّحة أن عماد اختفى قسريًا منذ 4 أبريل/ نيسان 2017، ولم تعلم أسرته شيئًا عنه خلال تلك الفترة إلا تعرّضه للتعذيب داخل أحد مقرّات الأمن الوطني، ليكتشفوا قبل مقتله بيومين إدراج اسمه في قضية وقعت بعد القبض عليه بـ ثلاثة أشهر.
وفي منشور على مواقع التواصل الاجتماعي علمت أسرة أحمد عبد العزيز خلف، مقتله من قبل قوّات الأمن، كان هذا مصدرهم لمعرفة مصيره بعد اختفائه.
جثث تحت الطلب
البيان الذي أعلنت عنه وزارة الداخلية جاء نصّه: "في تبادل إطلاق نيران مع القوّات ومحاولته الهروب، ما دفع القوة لتبادل إطلاق النار معه" إلا أن أسرته شكّكت في ذلك.
لم يقدّم أحد لأسرة أحمد، أحد من جرت تصفيتهم، معلومات أو ملابسات ما حدث لنجلهم، فـ17 يومًا من الاختفاء القسري هو ما يعملونه عنه حتى فوجئوا بما نشر عنه.
"حصار"، كان ذلك عنوان التقرير الذي رصدت فيه التنسيقية المصرية للحقوق والحريّات كثيراً من حالات الاختفاء القسري على يد قوات الأمن، لتظهر بعد ذلك جثة داخل المشرحة بعد أن أعلنت الشرطة مقتله خلال الاشتباك، كان من بينهم أحمد جلال أحمد محمد إسماعيل بعد إلقاء القبض عليه في 20 يناير/ كانون الثاني في منزله فجرًا، إلى أن تلقّت أسرته خبرًا بمقتله بطلق ناري في الرأس ووجوده في المشرحة بعد 11 يومًا.
443 حالة تصفية جسدية رصدها أرشيف مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب خلال عام 2016. المنظمات أكدت أن الروايات التي تعرضها قوّات الأمن لم تختلف في كافة الحالات، بأن الضحايا كانوا عناصر إرهابية، معتبرة أن الداخلية تضع نفسها فوق منصّة القضاء لتنفيذ أحكام بالإعدام دون محاكمة.