لم يخطر للمواطنة السورية أم سلام النجار، في يوم من الأيام أن يصاب ابنها الوحيد، الذي لم يكمل عامه الخامس بعد، بمرض سكري الأطفال. تقول لـ"العربي الجديد": "لاحظت أنّ ابني بدأ ينقص وزنه بالرغم من أنّ شهيته مفتوحة، كما بات يتبول بشكل متكرر، حتى أثناء النوم، فأخذته إلى الطبيب، وبعد الفحوص والتحليلات، نزل خبر التشخيص بالسكري كالصاعقة عليّ في ذلك اليوم الذي لا يمكن أن أنساه في حياتي".
تضيف: "مضت على التشخيص 3 أشهر تقريباً، وما زلت لا أتقبل الفكرة، فأعيش في قلق كبير من احتمال تعرضه لجرح، أو إصابته بالتهاب، كما أخشى أن يتناول أي طعام يسبب له ارتفاعاً في نسبة السكر. أفكر دائماً في ما قد يحمله له المستقبل، فمريض السكري، بحسب ما أسمع، مهدد بالفشل الكلوي والمشاكل في النظر".
اقــرأ أيضاً
تلفت أم سلام إلى أنّ حياة عائلتها بأكملها باتت قلقة، ومن ناحيتها تشعر بالتوتر الدائم، فمنذ الصباح يجب أن تفحص مستوى السكر لديه باستخدام شرائح الفحص، وعليها أن تعطيه حقنة أنسولين، ثم تجهيز وجبة الفطور بحسب برنامجه الغذائي المحدد من قبل الطبيب، وكذلك بقية وجباته اليومية". تذكر: "عندما يريد أن يلعب لا بد من فحص مستوى السكر، وأن تكون ألعاباً محددة ولوقت محدد، ليكون متناسباً مع السعرات الحرارية التي يحتاجها، لأنّ انخفاض السكر كارتفاعه في آثاره على جسمه".
من جانبه، يبدو أبو جهاد الفهد (46 عاماً، مدرس للمرحلة الأساسية)، متصالحاً أكثر مع حالة ابنته سلمى، التي أصيبت بالسكري في عمر أربع سنوات، واليوم هي في السادسة، وقد بدأت عامها الدراسي الأول للتو. يتحدث إلى "العربي الجديد": "عندما علمنا بإصابة سلمى كانت صدمة كبيرة، لكن كان لدينا في العائلة بعض الاطلاع على السكري والتعامل معه، ما جعلنا نتمالك أعصابنا، وبتّ مع والدتها ندعم بعضنا البعض". يتابع: "بات السكري شغلنا الشاغل، فبحثنا بشكل موسع عنه، وتثقفنا حول التعامل الدوائي والتغذية، كما حاولنا أن ندعم سلمى بشكل كبير، من خلال إشعارها أنّها ليست أقل من أشقائها أو أقرانها. في البداية كان الأمر صعباً جداً، فكيف ستقنع طفلة بهذا العمر أن تأكل أنواعاً وكميات محددة، وكانت الأزمة الأكبر عندما نزور الأقارب أو الأصدقاء في هذه الناحية، والأكثر صعوبة عليّ كانت كلمات الشفقة التي يرددونها، في حين كنت أحاول إفهامهم أنّ هذا المرض يمكن التعامل بشكل طبيعي ولا يؤثر على مسيرة الحياة، فمريض السكري لا ينقص عن أقرانه بشيء".
يلفت إلى أنّه امتلك معرفة جيدة بالتغذية، بعدما أخبره الطبيب بأنّها لا تقل أهمية عن الأنسولين في الحفاظ على استقرار وضعها، ويضيف: "اعتمدت عدة برامج غذائية لتحفيز الأنسولين اللازم لها، وأصبحت هناك مواعيد محددة لتلك الوجبات، واعتادت سلمى الأنظمة، وجاريناها في المنزل باعتماد حمية صحية". يلفت إلى أنّ غياب المختصين في المدرسة للتعامل مع حالات كسلمى يمثل مشكلة لهم، فـ"عندما تطلب من إدارة المدرسة الاهتمام، تعامل الطفل باهتمام زائد يعيقه، وفي بعض الأحيان يتناسون الأمر، وهذا خطير، خصوصاً أنّ مريض السكري يجب أن يتناول أكثر من وجبة خلال دوامه المدرسي، وقد يحتاج إلى التبول أكثر من أقرانه. أضطر للذهاب إلى المدرسة كلّ يوم لأتأكد من وضع سلمى ومستوى السكر وإن أكلت وجبتها أم لا". يضيف: "طبعاً هناك أمر إضافي حساس عند مريض السكري وهو وضعه النفسي الذي يؤثر بشكل كبير على مستوى السكري، ما يستدعي تعاملاً خاصاً معه".
من جهته، يبدو يزن بدر (14 عاماً)، وهو مريض بالسكري منذ نحو 9 سنوات، مدركاً لأبعاد مرضه، وقادراً على التحدث عنه بشكل جيد. يحمل في حقيبته دائماً جهازاً لقياس مستوى السكر، وعادة ما يقيس معدل السكر 3 مرات يومياً. يقول بثقة لـ"العربي الجديد": "أصبح التعامل مع السكري أمراً اعتيادياً، وأنا لا أحرم نفسي من أيّ نوع أكل، لكنّي أحاول أن تكون الكميات مدروسة لكي آخذ جرعة مناسبة من الأنسولين، كما ألعب كرة القدم مع أصدقائي بشكل دائم، وأشعر بأنّي بحالة جيدة". يلفت إلى أنّه يحلم بأن يصبح طبيباً وأن يتخصص في أمراض الغدد، علّه يجد دواء شافياً لمرض السكري، بالإضافة إلى مساعدة مرضى السكري في عيش حياة طبيعية، ونشر التوعية في المجتمع أنّ مريض السكري مثل أيّ شخص آخر يعيش حياة طبيعية، لكنّ ما يميزه أنّ له عادات صحية معينة.
مصادر طبية رسمية سورية تفيد بأنّ عدد مرضى السكري في سورية يقدر بـ10 في المائة من عدد السكان، في غياب إحصاء رسمي دقيق عنهم. وتشير المصادر إلى أنّ وزارة الصحة لديها 200 عيادة تخصصية في مختلف المحافظات تقدم خدماتها لمرضى السكري مجاناً، بالإضافة إلى تقديم الأدوية، كما توجد العديد من الجمعيات الخيرية المختصة بالتوعية وتقديم الفحوص والأدوية في العديد من المحافظات.
اقــرأ أيضاً
تقول المصادر إنّ الأدوية الخاصة بمرضى السكري تتوافر حالياً، لكنّها غابت في الأعوام الماضية في أحيان كثيرة، ما اضطر الأهل إلى تأمينها من الدول المجاورة أو السوق السوداء، وهو ما كان مكلفاً جداً، خصوصاً أنّ غالبية السوريين من أصحاب الدخل المحدود، وقد تسببت الحرب بتفاقم معدلات الفقر بشكل كبير. تقدر المصادر "كلفة المتابعة الطبية لمريض السكري في سورية بما بين 350 (680 دولاراً أميركياً) و400 ألف ليرة (776 دولاراً) سنوياً، في حال لم يتعرض إلى أيّ مضاعفات أو أمراض مصاحبة، إذ إنّ مناعة مريض السكري أضعف من غيره".
تضيف: "مضت على التشخيص 3 أشهر تقريباً، وما زلت لا أتقبل الفكرة، فأعيش في قلق كبير من احتمال تعرضه لجرح، أو إصابته بالتهاب، كما أخشى أن يتناول أي طعام يسبب له ارتفاعاً في نسبة السكر. أفكر دائماً في ما قد يحمله له المستقبل، فمريض السكري، بحسب ما أسمع، مهدد بالفشل الكلوي والمشاكل في النظر".
تلفت أم سلام إلى أنّ حياة عائلتها بأكملها باتت قلقة، ومن ناحيتها تشعر بالتوتر الدائم، فمنذ الصباح يجب أن تفحص مستوى السكر لديه باستخدام شرائح الفحص، وعليها أن تعطيه حقنة أنسولين، ثم تجهيز وجبة الفطور بحسب برنامجه الغذائي المحدد من قبل الطبيب، وكذلك بقية وجباته اليومية". تذكر: "عندما يريد أن يلعب لا بد من فحص مستوى السكر، وأن تكون ألعاباً محددة ولوقت محدد، ليكون متناسباً مع السعرات الحرارية التي يحتاجها، لأنّ انخفاض السكر كارتفاعه في آثاره على جسمه".
من جانبه، يبدو أبو جهاد الفهد (46 عاماً، مدرس للمرحلة الأساسية)، متصالحاً أكثر مع حالة ابنته سلمى، التي أصيبت بالسكري في عمر أربع سنوات، واليوم هي في السادسة، وقد بدأت عامها الدراسي الأول للتو. يتحدث إلى "العربي الجديد": "عندما علمنا بإصابة سلمى كانت صدمة كبيرة، لكن كان لدينا في العائلة بعض الاطلاع على السكري والتعامل معه، ما جعلنا نتمالك أعصابنا، وبتّ مع والدتها ندعم بعضنا البعض". يتابع: "بات السكري شغلنا الشاغل، فبحثنا بشكل موسع عنه، وتثقفنا حول التعامل الدوائي والتغذية، كما حاولنا أن ندعم سلمى بشكل كبير، من خلال إشعارها أنّها ليست أقل من أشقائها أو أقرانها. في البداية كان الأمر صعباً جداً، فكيف ستقنع طفلة بهذا العمر أن تأكل أنواعاً وكميات محددة، وكانت الأزمة الأكبر عندما نزور الأقارب أو الأصدقاء في هذه الناحية، والأكثر صعوبة عليّ كانت كلمات الشفقة التي يرددونها، في حين كنت أحاول إفهامهم أنّ هذا المرض يمكن التعامل بشكل طبيعي ولا يؤثر على مسيرة الحياة، فمريض السكري لا ينقص عن أقرانه بشيء".
يلفت إلى أنّه امتلك معرفة جيدة بالتغذية، بعدما أخبره الطبيب بأنّها لا تقل أهمية عن الأنسولين في الحفاظ على استقرار وضعها، ويضيف: "اعتمدت عدة برامج غذائية لتحفيز الأنسولين اللازم لها، وأصبحت هناك مواعيد محددة لتلك الوجبات، واعتادت سلمى الأنظمة، وجاريناها في المنزل باعتماد حمية صحية". يلفت إلى أنّ غياب المختصين في المدرسة للتعامل مع حالات كسلمى يمثل مشكلة لهم، فـ"عندما تطلب من إدارة المدرسة الاهتمام، تعامل الطفل باهتمام زائد يعيقه، وفي بعض الأحيان يتناسون الأمر، وهذا خطير، خصوصاً أنّ مريض السكري يجب أن يتناول أكثر من وجبة خلال دوامه المدرسي، وقد يحتاج إلى التبول أكثر من أقرانه. أضطر للذهاب إلى المدرسة كلّ يوم لأتأكد من وضع سلمى ومستوى السكر وإن أكلت وجبتها أم لا". يضيف: "طبعاً هناك أمر إضافي حساس عند مريض السكري وهو وضعه النفسي الذي يؤثر بشكل كبير على مستوى السكري، ما يستدعي تعاملاً خاصاً معه".
من جهته، يبدو يزن بدر (14 عاماً)، وهو مريض بالسكري منذ نحو 9 سنوات، مدركاً لأبعاد مرضه، وقادراً على التحدث عنه بشكل جيد. يحمل في حقيبته دائماً جهازاً لقياس مستوى السكر، وعادة ما يقيس معدل السكر 3 مرات يومياً. يقول بثقة لـ"العربي الجديد": "أصبح التعامل مع السكري أمراً اعتيادياً، وأنا لا أحرم نفسي من أيّ نوع أكل، لكنّي أحاول أن تكون الكميات مدروسة لكي آخذ جرعة مناسبة من الأنسولين، كما ألعب كرة القدم مع أصدقائي بشكل دائم، وأشعر بأنّي بحالة جيدة". يلفت إلى أنّه يحلم بأن يصبح طبيباً وأن يتخصص في أمراض الغدد، علّه يجد دواء شافياً لمرض السكري، بالإضافة إلى مساعدة مرضى السكري في عيش حياة طبيعية، ونشر التوعية في المجتمع أنّ مريض السكري مثل أيّ شخص آخر يعيش حياة طبيعية، لكنّ ما يميزه أنّ له عادات صحية معينة.
مصادر طبية رسمية سورية تفيد بأنّ عدد مرضى السكري في سورية يقدر بـ10 في المائة من عدد السكان، في غياب إحصاء رسمي دقيق عنهم. وتشير المصادر إلى أنّ وزارة الصحة لديها 200 عيادة تخصصية في مختلف المحافظات تقدم خدماتها لمرضى السكري مجاناً، بالإضافة إلى تقديم الأدوية، كما توجد العديد من الجمعيات الخيرية المختصة بالتوعية وتقديم الفحوص والأدوية في العديد من المحافظات.
تقول المصادر إنّ الأدوية الخاصة بمرضى السكري تتوافر حالياً، لكنّها غابت في الأعوام الماضية في أحيان كثيرة، ما اضطر الأهل إلى تأمينها من الدول المجاورة أو السوق السوداء، وهو ما كان مكلفاً جداً، خصوصاً أنّ غالبية السوريين من أصحاب الدخل المحدود، وقد تسببت الحرب بتفاقم معدلات الفقر بشكل كبير. تقدر المصادر "كلفة المتابعة الطبية لمريض السكري في سورية بما بين 350 (680 دولاراً أميركياً) و400 ألف ليرة (776 دولاراً) سنوياً، في حال لم يتعرض إلى أيّ مضاعفات أو أمراض مصاحبة، إذ إنّ مناعة مريض السكري أضعف من غيره".