يقول أبو فراس إبراهيم، من سكان العاصمة السورية دمشق، لـ"العربي الجديد": "من المخجل أن نصل إلى زمن نحاول فيه الهرب من وجه الضيف، فلقد أصبح القيام بواجب الضيف عبئاً، نعجز عن أدائه في الغالب". يضيف حول تغير العلاقات المجتمعية بسبب الأزمة المعيشية في البلاد: "كنا في ما مضى، بالرغم من أنّ وضعنا لم يكن جيداً، خصوصاً أنّي وزوجتي من أصحاب الدخل المحدود، نتمكن من استقبال الضيوف لا سيما من كانوا يأتون من بلدتنا، وغالباً ما كانوا ينامون ليلة واحدة على الأقل، أما اليوم فقد بات مثل هذا الاستقبال مكلفاً جداً". يلفت إبراهيم إلى أنّه "عادة ما تكون هناك أطباق محددة يجب أن تقدم للضيوف لتدلّ على تكريم المضيف للضيف، كما تتنوع الأطباق المقدمة، ويتبعها شيء من الفاكهة والحلويات والمشروبات الباردة والساخنة. هذا قد يكلفني اليوم، ربع راتبي الشهري في أقل تقدير، بينما لم يعد دخلنا يوفر الاحتياجات الأساسية، ما دفعني مع زوجتي للبحث عن عمل إضافي". يتابع: "الضيوف أيضاً يشعرون بهذا الضيق، فحتى أشقائي ووالدتي ووالدي قللوا عدد زياراتهم لي، وهذا يؤلمني جداً".
من جانبه، يقول أبو رشيد الحاج علي، من سكان دمشق، لـ"العربي الجديد": "أكثر ما يحرجني اليوم مع الضيوف، ويجعلني أعتذر مرة وأتهرب مرة أخرى، أنّ الطقس بات بارداً وليس لدي ما أدفئ به غرفة الضيوف". يضيف: "كنا قبل سنوات طويلة، نضع مدفأة في غرفة استقبال الضيوف، ومدفأة في غرفة الأولاد وأخرى في غرفة المعيشة، أما اليوم فبالكاد استطعنا أن نضع مدفأة واحدة فقط في غرفة المعيشة، حيث يجب أن ينهي الأولاد واجباتهم المدرسية ويحفظوا دروسهم، بالإضافة إلى تفاصيل الحياة المعيشية، ما يجعل أمر استقبال ضيف في هذه الغرفة مربكاً، مهما كان مقرباً من العائلة". يلفت إلى أنّه "في محاولة لتجنب الحرج الذي قد أتعرض له مع ضيف طارئ، اشتريت مدفأة كهربائية بالتقسيط، لن أسدد ثمنها بالكامل حتى بداية الربيع المقبل، لكن، للأسف منذ أن اشتريتها بدأ تقنين الكهرباء، إذ أعلن رسمياً أنه عن انقطاع التيار الكهربائي ساعتين متواصلتين بعد كلّ 4 ساعات تغذية كهربائية متواصلة. ولم نعد نستطيع التمييز بين فترة الانقطاع وفترة التغذية، فخلال ساعات التغذية الأربع تنقطع الكهرباء أكثر من مرة، وقد يكون الانقطاع بضع دقائق أو ساعات، فبات وجود المدفأة الكهربائية كعدمه".
اقــرأ أيضاً
يتابع: "ليلة أمس، كانت لدينا عائلة من أصدقائي المقربين، المغتربين في إحدى دول الخليج، ومنذ أربع سنوات لم يأتوا إلى البلاد. لم أستطع التهرب من زيارتهم، وما إن وصلوا حتى انقطع التيار الكهربائي، فجلبنا لهم أغطية ليضعوها على أرجلهم لتخفف البرد عنهم". ويذكر أنّ "الناس عموماً في الشتاء يحاولون اختصار الزيارات في ما بينهم، لعدم إحراج بعضهم بعضاً، فلا محروقات للتدفئة، وهناك ضيق مادي لا يحتمل تكاليف الضيافة، فعائلات كثيرة، باتت تعتبر الفاكهة والحلويات والقهوة وغيرها من المشروبات رفاهية لا مجال لها الآن".
في دورها، تقول أم سمير عوض، من سكان دمشق، لـ"العربي الجديد": "في ما مضى، كانت الحياة المجتمعية أفضل بكثير، بالرغم من الضيق حينها، إذ لم نصل يومها إلى ما نعيشه حالياً، وكان لدي كثير من النشاطات مع صديقاتي وجاراتي، فكنا نلتقي دورياً، وفي كلّ مرة يكون اللقاء لدى واحدة منا، أو نلتقي في مطعم أو مقهى. لكن، مع بداية الأزمة في سورية بدأ الأمر يتغير، فمنهن من انتقلن إلى مناطق أخرى، ومنهم من غادرن البلاد". تتابع: "حتى من بقين هنا، وأنا واحدة منهن، باتت هموم الحياة لديهن أكبر من القدرة على تحملها. زادت تكاليف المعيشة اليومية، وباتت الضيافة مكلفة، في ما سبق كانت من تستضيف الجمعية، تقدم بعض المأكولات والفواكه والحلويات والعصائر، بدأنا نقترح اختصار كثير من الضيافة، حتى وصلنا إلى تقديم نوع واحد وأن نجمع مبلغا ماليا ممن يحضرن اللقاء يقدم إلى المضيفة، لكن، حتى هذا المبلغ أصبح عبئاً على كثيرات منا، وفي المقابل لا يغطي تكاليف الضيافة نوعاً ما، وراحت تلك اللقاءات تتضاءل، ويتضاءل عدد الحاضرين بها رويداً رويداً حتى تكاد تتلاشى".
وتقول: "لا أريد أن أعمم حالتنا، فهناك من هن يتابعن نشاطات نسائية، منها ما هو عائلي، وهناك طبقة من النساء تجدهن دائماً في جميع المناسبات التي تعلن عنها المطاعم، خصوصاً الإفطارات، لكنّهن طبعاً من طبقة محددة إما من كانت في الأساس غنية، أو من اغتنت بسبب الحرب".
حتى زياد قاسم (35 عاماً)، وهو خريج جامعي وموظف في إحدى المؤسسات الخاصة بدمشق، يشعر بأنّ علاقته مع أصدقائه تأثرت، من جراء الوضع المعيشي المتردي وضيق العيش. يضيف لـ"العربي الجديد": "اليوم عندما أفكر كيف كنا وأين أصبحنا، أشعر كيف ضاع العمر من بين أصابعنا، سارقاً منا لحظات الفرح البسيطة حتى". يضيف: "في أيام الجامعة بداية العقد السابق، كنت ألتقي يومياً بمجموعة كبيرة من الأصدقاء يزيد عددهم على خمسة عشر، لكن، رحل من رحل منهم خلال سنوات الحرب، وبقي منا في دمشق ستة أشخاص. بتنا نلتقي مرة واحدة في الأسبوع فردياً، ونلتقي بشكل عائلي، بما أننا تزوجنا جميعاً، مرة في الشهر. أخيراً ألغينا اللقاءات العائلية في الشتاء بسبب البرد وعدم توفر المحروقات، وبسبب الوضع المادي قررنا أن نلتقي مرة واحدة في الشهر فردياً، في أحد المقاهي الشعبية وسط دمشق عقب انتهاء العمل، لنخفف الأعباء المادية، إذ يدفع كلّ شخص ثمن مشروبه، بعدما كانت لنا طقوس سهر متكاملة قبل سنوات الحرب في منطقة الميدان وسط دمشق".
من جانبه، يقول أبو رشيد الحاج علي، من سكان دمشق، لـ"العربي الجديد": "أكثر ما يحرجني اليوم مع الضيوف، ويجعلني أعتذر مرة وأتهرب مرة أخرى، أنّ الطقس بات بارداً وليس لدي ما أدفئ به غرفة الضيوف". يضيف: "كنا قبل سنوات طويلة، نضع مدفأة في غرفة استقبال الضيوف، ومدفأة في غرفة الأولاد وأخرى في غرفة المعيشة، أما اليوم فبالكاد استطعنا أن نضع مدفأة واحدة فقط في غرفة المعيشة، حيث يجب أن ينهي الأولاد واجباتهم المدرسية ويحفظوا دروسهم، بالإضافة إلى تفاصيل الحياة المعيشية، ما يجعل أمر استقبال ضيف في هذه الغرفة مربكاً، مهما كان مقرباً من العائلة". يلفت إلى أنّه "في محاولة لتجنب الحرج الذي قد أتعرض له مع ضيف طارئ، اشتريت مدفأة كهربائية بالتقسيط، لن أسدد ثمنها بالكامل حتى بداية الربيع المقبل، لكن، للأسف منذ أن اشتريتها بدأ تقنين الكهرباء، إذ أعلن رسمياً أنه عن انقطاع التيار الكهربائي ساعتين متواصلتين بعد كلّ 4 ساعات تغذية كهربائية متواصلة. ولم نعد نستطيع التمييز بين فترة الانقطاع وفترة التغذية، فخلال ساعات التغذية الأربع تنقطع الكهرباء أكثر من مرة، وقد يكون الانقطاع بضع دقائق أو ساعات، فبات وجود المدفأة الكهربائية كعدمه".
يتابع: "ليلة أمس، كانت لدينا عائلة من أصدقائي المقربين، المغتربين في إحدى دول الخليج، ومنذ أربع سنوات لم يأتوا إلى البلاد. لم أستطع التهرب من زيارتهم، وما إن وصلوا حتى انقطع التيار الكهربائي، فجلبنا لهم أغطية ليضعوها على أرجلهم لتخفف البرد عنهم". ويذكر أنّ "الناس عموماً في الشتاء يحاولون اختصار الزيارات في ما بينهم، لعدم إحراج بعضهم بعضاً، فلا محروقات للتدفئة، وهناك ضيق مادي لا يحتمل تكاليف الضيافة، فعائلات كثيرة، باتت تعتبر الفاكهة والحلويات والقهوة وغيرها من المشروبات رفاهية لا مجال لها الآن".
في دورها، تقول أم سمير عوض، من سكان دمشق، لـ"العربي الجديد": "في ما مضى، كانت الحياة المجتمعية أفضل بكثير، بالرغم من الضيق حينها، إذ لم نصل يومها إلى ما نعيشه حالياً، وكان لدي كثير من النشاطات مع صديقاتي وجاراتي، فكنا نلتقي دورياً، وفي كلّ مرة يكون اللقاء لدى واحدة منا، أو نلتقي في مطعم أو مقهى. لكن، مع بداية الأزمة في سورية بدأ الأمر يتغير، فمنهن من انتقلن إلى مناطق أخرى، ومنهم من غادرن البلاد". تتابع: "حتى من بقين هنا، وأنا واحدة منهن، باتت هموم الحياة لديهن أكبر من القدرة على تحملها. زادت تكاليف المعيشة اليومية، وباتت الضيافة مكلفة، في ما سبق كانت من تستضيف الجمعية، تقدم بعض المأكولات والفواكه والحلويات والعصائر، بدأنا نقترح اختصار كثير من الضيافة، حتى وصلنا إلى تقديم نوع واحد وأن نجمع مبلغا ماليا ممن يحضرن اللقاء يقدم إلى المضيفة، لكن، حتى هذا المبلغ أصبح عبئاً على كثيرات منا، وفي المقابل لا يغطي تكاليف الضيافة نوعاً ما، وراحت تلك اللقاءات تتضاءل، ويتضاءل عدد الحاضرين بها رويداً رويداً حتى تكاد تتلاشى".
وتقول: "لا أريد أن أعمم حالتنا، فهناك من هن يتابعن نشاطات نسائية، منها ما هو عائلي، وهناك طبقة من النساء تجدهن دائماً في جميع المناسبات التي تعلن عنها المطاعم، خصوصاً الإفطارات، لكنّهن طبعاً من طبقة محددة إما من كانت في الأساس غنية، أو من اغتنت بسبب الحرب".
حتى زياد قاسم (35 عاماً)، وهو خريج جامعي وموظف في إحدى المؤسسات الخاصة بدمشق، يشعر بأنّ علاقته مع أصدقائه تأثرت، من جراء الوضع المعيشي المتردي وضيق العيش. يضيف لـ"العربي الجديد": "اليوم عندما أفكر كيف كنا وأين أصبحنا، أشعر كيف ضاع العمر من بين أصابعنا، سارقاً منا لحظات الفرح البسيطة حتى". يضيف: "في أيام الجامعة بداية العقد السابق، كنت ألتقي يومياً بمجموعة كبيرة من الأصدقاء يزيد عددهم على خمسة عشر، لكن، رحل من رحل منهم خلال سنوات الحرب، وبقي منا في دمشق ستة أشخاص. بتنا نلتقي مرة واحدة في الأسبوع فردياً، ونلتقي بشكل عائلي، بما أننا تزوجنا جميعاً، مرة في الشهر. أخيراً ألغينا اللقاءات العائلية في الشتاء بسبب البرد وعدم توفر المحروقات، وبسبب الوضع المادي قررنا أن نلتقي مرة واحدة في الشهر فردياً، في أحد المقاهي الشعبية وسط دمشق عقب انتهاء العمل، لنخفف الأعباء المادية، إذ يدفع كلّ شخص ثمن مشروبه، بعدما كانت لنا طقوس سهر متكاملة قبل سنوات الحرب في منطقة الميدان وسط دمشق".