التحول إلى الرقمية هو قيام الشركات والماركات العالمية باستخدام التكنولوجيا الحديثة في جميع أقسامها للتصنيع والتسويق وفحص الجودة لمواكبة التطور والتماشي مع متطلبات العصر. التحول للرقمية ليس حدثًا عابرًا وإنما عصر جديد، غير أنه من غير المنتظر التحول للرقمية بشكل كامل في الوقت القريب.
منذ الثورة الصناعية التي شهدتها إنكلترا في القرن الثامن عشر، بدأ العالم يتحول إلى عصر التكنولوجيا والصناعات الحديثة، وانعكس هذا الأمر بشكل واضح على حياة الإنسان ورفاهيته وبحثه عن سبل أعلى وأكثر كفاءة للراحة والتمتع بحياته. غير أنه ومنذ الألفية الجديدة، بدأ التطور التكنولوجي يأخذ منحىً تصاعديًا كبيرًا وسريعًا وأصبحنا مجبرين على التكيف مع التطور التكنولوجي كي نكون قادرين على المنافسة في جميع المجالات.
شهد العالم ثلاث ثورات الصناعية؛ الأولى عام 1760 حيث ظهرت الآلة وجسدها المحرك البخاري، وبدأت الثورة الثانية في القرن التاسع عشر وجعلت الإنتاج الضخم ممكنًا وميزها ظهور الكهرباء، أما الثورة الثالثة فقد بدأت في الستينيات من القرن الماضي مع اختراع الحواسيب، والآن نحن دخلنا مرحلة الثورة الصناعية الرابعة التي كانت ألمانيا المبادرة إلى إطلاقها، باستخدام الآلات في الصناعة، والتقليل من عدد الأيدي العاملة فيها، بحيث يقتصر الدور البشري في الصناعة على المراقبة والتدقيق، وهي خليط بين تطور التكنولوجيا الجديدة وانتشار الإنترنت مع وسائل التواصل.
ومن أمثلة هذه الثورة، التقدم في مجالات إنترنت الأشياء وتصنيع الإنسان الآلي والطباعة ثلاثية الأبعاد وكذلك الذكاء الصناعي، ومن محركات هذه الثورة انتشار وسائل التواصل والعدد المهول ممن يملكون الهواتف، وكذلك وجود تقريبًا خمسة مليارات شخص يستخدمون الإنترنت ومليارين وثمانمائة مليون شخص يستخدمون منصات التواصل الاجتماعي.
تقوم الثورة الصناعية الرابعة على أساس تعويض اليد العاملة بالآلة والتقنية والذكاء الصناعي. ولهذا طبعًا إيجابيات عدة، منها ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي وتخفيض التكاليف وتحسين الجودة وكذلك تقديم خدمات أوسع للناس، ولأن لكل شيء إيجابيات وسلبيات؛ فإن سلبيات هذه الثورة تقليص فرص العمل وإمكانية اتساع الفجوة بين الفقراء والأثرياء.
وبحسب شركة ماكنزي الاستشارية، فإن نصف العمالة القائمة حاليًا يمكن استبدالها بالآلة والتقنية؛ ما يعني توفير تقريبًا ستة عشر تريليون دولار سنويًا، وهي عبارة عن رواتب عالمية. ومن المتوقع في آفاق عام 2030 أن تستولي الروبوتات على 38% من الوظائف في الولايات المتحدة الأميركية و30% في بريطانيا و35% في ألمانيا و21% في اليابان.
ووفقًا للمنتدى الاقتصادي العالمي دافوس، الذي تحمل دورته الحالية عنوان: "ثورة صناعية رابعة"، فإن سبعة ملايين وظيفة ستختفي بحلول عام 2020 وسيظهر مليون وظيفة متعلقة بالكمبيوتر والبرمجيات.
ومن ملامح تسارع هذه الثورة هي القفزة التجارية الإلكترونية في عامين فقط وارتفاعها من 16 إلى 22 تريليون دولار وهي قفزة تشير إلى حجم التغيير الذي سيحصل في المستقبل القريب.
هذه بالنسبة للدول المتقدم وعلى رأسها ألمانيا أما بالنسبة لنا نحن في تركيا وكذا الشرق الأوسط فقد لحقنا بالثورة الصناعية الأولى بعد 200 سنة من انطلاقها ووصلتنا تكنولوجيا الثورة الصناعية الثانية بعد 70-80 سنة من إنطلاقها وبعد 30 سنة من انطلاق الثورة الصناعية الثالثة سمعنا بها، أما في الثورة الصناعية الرابعة فالأمر مختلف بحيث أن الفرق لن يتخطى بضع سنين عن ركب الأوائل في هذه الثورة حيث أن العديد من الشركات وكذا المؤسسات الحكومية قد بدأت فعلاً بالتحول للرقمية.