التحكيم العربي في المونديال بين النجاح والضياع (1)

09 يونيو 2014
الحكام العرب في بطولات كأس العالم (Getty)
+ الخط -
دائماً ما يكون هنالك خيط رفيع بين النجاح والفشل، وقد عاش حكام كرة القدم هذا الحال بكامل معانيه خلال مشاركاتهم في بطولات كأس العالم منذ النسخة الثانية لإطلاقها العام 1934 وحتى النسخة الأخيرة عام 2010، فمسيرة الحكام العرب في المونديال قد تخلّلها مزيج من حالات النجاح والفشل في آن، وهي حقيقة لن يُخفيها التاريخ أبداً.


وعانى الحكام العرب في طريقهم نحو القمة على مدار تاريخ بطولات كأس العالم "الأمرين"، فقد ظلّ الحكَم العربي مهمشاً لا ينظر إليه بعين الاهتمام عندما يشارك في إدارة مباريات كأس العالم، وكان مصيره دائماً الرحيل عن البطولة بانتهاء مباريات الدور الأول.

 

إلا أنّ الإصرار على تحقيق النجاح قد أجبر العالم على احترام مكانة الحكم العربي فقد قدم الحكام العرب في التسعينيات نموذجاً مشرفاً انتزعوا به إعجاب القائمين على الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)؛ وذلك حتى تمكن الحكم المغربي الراحل سعيد بلقولة من إدارة مباراة نهائي كأس العالم 1998، التي جمعت بين فرنسا والبرازيل، إلى جانب سلسلة النجاحات الأخرى للحكام العرب في نفس البطولة.

 

مشاركة عربية أولى من على خط الراية

وعرفت النسخة الثانية من بطولات كأس العالم التي أقيمت في الملاعب الإيطالية عام 1934، أولى مشاركات الحكام العرب في المونديال، حيث أدار الحكم المصري، يوسف محمد، مباراة تشيكوسلوفاكيا وسويسرا كحكم راية، ليُصبح بذلك أول حكم عربي يشارك في إدارة مباريات كأس العالم.

 

كما أدار "يوسف" أيضاً المباراة التي جمعت بين منتخبي الولايات المتحدة والمكسيك في 24 أيار /مايو 1934 في روما لتحديد الفريق المتأهل للنهائيات قبل ثلاثة أيام فقط من انطلاق البطولة وفازت الولايات المتحدة "آنذاك" (4 – 2).

 

خطأ "قنديل" القاتل

أما الحكم المصري، علي قنديل، فقد حظي بشرف الأسبقية، حينما أصبح أول حكم ساحة عربي يقود إحدى المباريات في نهائيات كأس العالم، وذلك عندما أوكلت إليه مهمة إدارة المباراة التي جمعت بين منتخبي تشيلي وكوريا الشمالية، والتي انتهت بالتعادل (1 – 1)، وجرت يوم 15 يوليو/ تموز 1966 على ملعب إيرسوم بارك في مدينة ميدلسبره شمالي إنجلترا.

 

وفي مونديال المكسيك 1970، أسندت لجنة التحكيم التابعة للاتحاد الدولي لكرة القدم مهمة قيادة مباراة منتخب البلد المضيف والسلفادور، إلى نفس الحكم المصري، الذي قاد المباراة التي أقيمت على ملعب أزتيك أمام 110 آلاف متفرج، وانتهت بفوز المكسيك (4 – 0).

 

فقد ارتكب قنديل خلال الشوط الأول خلال تلك المباراة "خطأً فادحاً" حينما احتسب أكثر من ثلاث دقائق من الوقت بدلاً عن ضائع، علماً بأن المباراة لم تتوقف، ليمنح منتخب السلفادور ركلة حرة، ولكن اللاعب المكسيكي باديا هو الذي حرك الكرة ومررها إلى زميله فالديفيا الذي كان متسللا ليسجل هدف المكسيك الأول، وسط ذهول لاعبي السلفادور الذين لم يصدقوا ما رأوه واحتجوا نحو أربع دقائق لكن دون جدوى.

 

مشاركة مشرفة لمصطفى كامل.. وعبد الحليم محمد

أما الحكم الدولي المصري مصطفى كامل محمود، فقد قاد هو الآخر مباراة واحدة في مونديال ألمانيا عام 1974 وكانت بين الدولة المضيفة وأستراليا وانتهت بفوز الألمان (3 – صفر) وجرت المباراة في هامبورغ، ونجح الحكم المصري في قيادة المباراة إلى بر الأمان، وشهدت البطولة أيضاً مشاركة مشرفة لعبد الحليم محمد الذي تواجد كحكم مساعد، ليُصبح أول حكم سوداني يُشارك في المونديال.

 

"بوظو" شاهد على اكتساح ألمانيا للمكسيك

شهدت بطولة كأس العالم عام 1978 في الأرجنتين، مشاركة الحكم السوري فاروق بوظو في البطولة للمرة الأولى، ونجح الحكم السوري في إدارة مباراة ألمانيا الغربية والمكسيك والتي فاز بها الألمان بسداسية نظيفة، فيما شارك الحكم التونسي الهادي السعودي مراقب خط.

 

للمرة الأولى .. ثلاثة حكام عرب في المونديال

ارتفع عدد الحكام العرب في بطولة مونديال إسبانيا 1982 إلى ثلاثة حكام، إذ اختير الحكام الثلاثة لإدارة المباريات، وهم البحريني يوسف الدوي، والجزائري بلعيد لاركان، والليبي يوسف الغول.

 

وقاد الحكم الدولي، البحريني يوسف الدوي، مباراة المجر مع السلفادور التي انتهت بفوز الأول (10 – 1) في مدينة إلتشه، فيما أُوكلت إلى "لاركان" مهمة قيادة مباراة الأرجنتين والمجر وانتهت بفوز الأول (4 – 1)، في "أليكانتي" التي شهدت تسجيل النجم دييغو مارادونا أول أهدافه في كؤوس العالم، أما الغول فقد قاد مباراة الاتحاد السوفييتي ونيوزيلندا وانتهت بفوز الأول (3 – 0) في ملقا.

 

"ﻤﺎﺭﺍﺩﻭﻨﺎ" ﻴﺨﺩﻉ ﺍلتونسي ﻋﻠﻲ ﺒﻥ ﻨﺎﺼﺭ

شارك في مونديال عام 1986 في المكسيك ثلاثة حكام عرب وهم: السوري جمال الشريف، والتونسي علي بن ناصر، فضلاً عن الحكم السعودي فلاح النشار، وقاد "الشريف" مباراتين جمعت الأولى بين المجر وكندا، وتغلبت فيها المجر (2 – 0)، في الدور الأول، إضافة للمباراة التي جمعت بين إنجلترا والباراجواي في الدور الثاني، وانتهت بفوز الإنجليز (3 – صفر)، بينما أوكل إلى الشنار مباراة بلغاريا وكوريا الجنوبية وانتهت بالتعادل 1-1 في مكسيكو سيتي.

 

في حين قاد بن ناصر مباراة بولندا والبرتغال وانتهت بفوز الأول (1 – صفر)، وذلك قبل أن يتولى الإشراف على مباراة الأرجنتين وإنجلترا الحساسة، والتي كانت شاهدة على واحدٍ من أشهر الأهداف في تاريخ كرة القدم، ويتعلق الأمر بالهدف الذي أحرزه نجم المنتخب الأرجنتيني السابق دييغو أرماندو مارادونا بيده.

 

ورغم مرور أكثر من ربع قرن على تلك المباراة إلا أن الحكم التونسي علي بن ناصر، لا يزال يتذكر أدق تفاصيل اللقطة الشهيرة التي جاء منها هدف مارادونا، إذ أكّد في تصريحات صحافية بأنه كان يشك في صحة هذا الهدف التاريخي.

 

إلا أنه قد أشار إلى أن الاتحاد الدولي لكرة القدم "آنذاك" لم يكن قد استحدث منصب مساعد الحكم، كما هو الحال في كرة القدم اليوم، ففي الماضي كان الحكام جميعاً حكاماً رئيسين ويتبادلون الأدوار، فيكون أحدهم حكماً رئيساً في مباراة ثم يكون حاملا للراية في مباراة أخرى وهكذا، كما كانت التعليمات المعطاة للحكام بأن يستعينوا بقرار حاملي الراية إذا كانوا في وضعية أفضل لرؤية هدف أو لعبة مشتركة، وهو الأمر الذي أجبره على احتساب الهدف.

 

وتابع بن ناصر قائلاً: "لو عدتم إلى شريط المباراة ستجدونني أنظر إلى زميلي حامل الراية، بينما كنت أعود إلى منتصف الملعب لإعلان الهدف، كنت أنظر إليه لعله يغير رأيه ويعلن بطلان الهدف؛ لأنه كان في وضعية أفضل مني لرؤية اللعبة المشتركة، كان عندي شك، لكنه كان شكاً وليس يقيناً".

مشاركة إيجابية في مونديال 1990

وعرفت نسخة مونديال 1990 بإيطاليا، مشاركة الحكم السوري، جمال الشريف، للمرة الثانية على التوالي، حيث تمكن "الشريف" من إدارة مباراة النمسا وأميركا، التي أقيمت في دور المجموعات، أما الحكم التونسي ناجي الجويني فقد نجح في إدارة مباراة البرازيل وكوستاريكا وفازت البرازيل (1 – صفر)، كما شارك في تلك البطولة الحكمان الجزائري محمد حنصل، والبحريني جاسم مندي، حكمي راية.

المساهمون