المراقب الأجنبي للسياسة الداخلية الفرنسية لا بدّ أن يحكم، أن الفساد مُعمَّم لدى الطبقة السياسية الفرنسية، وهو يرى القضاء يحقّق مع مختلف الأحزاب السياسية حول "وظائف وهمية".
فبعد ما سمّيَ بفضيحة "بينيلوبي فيون" ثم الاتهامات وشبهات فساد التي طاولت نواباً في البرلمان الأوروبي عن حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف، التي امتدت إلى حزب الموديم، شريك الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في الحكم، والتي أدت على الفور إلى استقالة أعضائه الثلاثة من الحكومة، ها هو زعيم حركة "فرنسا غير الخاضعة"، جان لوك ميلانشون في قفص الاتهام، وبسبب التهم ذاتها: "وظائف وهمية في البرلمان الأوروبي".
التحقيق الأولي للنيابة العامة، الذي يلاحق ميلانشون بتهمة "خيانة الأمانة"، يتابع فيه أربعة من مساعديه البرلمانيين. وتلاحق زعيم "فرنسا غير الخاضعة" شبهات اشتغال هؤلاء المساعدين البرلمانيين في"وظائف وهمية".
ويُتابع ميلانشون ونواب آخرون، من القضاء، بناء على تبليغ من النائبة في البرلمان الأوروبي عن حزب الجبهة الوطنية، صوفي مونتيل.
ولم يتأخر ردّ فعل ميلانشون، الذي انتخب في البرلمان الأوروبي من 2009 إلى 2017، إذ سارع إلى تفنيذ هذه الاتهامات، مؤكداً أن أيّاً من مساعديه لم يمارس أي مسؤولية سياسية، لا في داخل حزب اليسار ولا في "فرنسا غير الخاضعة"، ولا في أي فترة بالبرلمان الأوروبي. كما سخر من اتهامات صدرت عن "عضو في حزب الجبهة الوطنية، وهي متهمة أيضاً، تطلق وشايات لاتهام آخرين بما تلام عليه"، في إشارة إلى مونتيل.
وكتب ميلانشون في صفحته على "فيسبوك"، إن "أيّ إدانة فيها افتراء هي أيضاً جُنحة". واعتبر أن طريق التبليغ والوشاية هي من كلاسيكيات اليمين المتطرف وشكله الأسمى في الشجاعة. وأضاف: "في هذه الحالة المُحدَّدَة، نجح الأمر في إطلاق تحقيق أوّليّ حول عشرة من النواب من بينهم يانيك جادو، باتريك ليهياريك وآخرون".
وعدّد ميلانشون في مقاله مختلف الإسهامات الفعلية والدقيقة التي قام بها مساعدوه حتى يكون هو حاضراً في كل المواقع، التي تفرضها عليه وظيفته كنائب برلماني أوروبي، وحتى يُجيبَ على مختلف الأسئلة والانتظارات.
وتجدر الإشارة إلى أن العديد من النواب الفرنسيين، من مختلف الأحزاب والحساسيات السياسية، معنيّون بهذا "التحقيق الأولي"، إذ نجد من اليمين بريس هورتوفو وميشيل أليو- ماري وجيروم لافريو ومارك جولو، ومن يمين الوسط جان أرتويس، ومن اليسار، نجد إدوار مارتان، والإيكولوجي يانيك جودو، من دون إغفال تحقيقات تستهدف زعيمة اليمين المتطرف، مارين لوبان وزميلتها ماري- كريستين بوتوني، وأخرى تستهدف حزب الموديم الوسطي.