يشهد اليمن صراعاً محتدماً، تدور رحاه في الأوساط الحقوقية والسياسية، بين المطالبين بتشكيل لجنة تحقيق دولية بانتهاكات حقوق الإنسان، وبين الأطراف الرافضة لهذه المطالب، والتي تسعى لتعطيل أي توجّه نحو تحقيق دولي مستقل. وهذا السجال يتزامن مع انعقاد الدورة الـ36 لـ"مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة"، والذي انطلق أمس الإثنين، في ظل اتهامات لجميع الأطراف في اليمن، وبمقدمتها "التحالف العربي"، بارتكاب انتهاكات قد ترقى إلى جرائم حرب.
وأكد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، الأمير زيد بن رعد الحسين، في مداخلته أمام "مجلس حقوق الإنسان"، أمس الاثنين، أن الأمم المتحدة تحققت من مقتل 5144 مدنياً في الحرب باليمن، أغلبهم في ضربات جوية لـ"التحالف العربي" بقيادة السعودية، مشدداً على أن هناك حاجة ماسة لتحقيق دولي. وأضاف أن "الجهود القليلة التي بذلت في سبيل المحاسبة خلال العام الماضي غير كافية لمواجهة خطورة الانتهاكات اليومية والمستمرة في هذا الصراع". وهذه هي المرة الثالثة التي يدعو فيها الأمير زيد إلى تحقيق دولي في انتهاكات حقوق الإنسان باليمن.
وأكدت مصادر حقوقية يمنية لـ"العربي الجديد" أن منظمات محلية ودولية كثفت خلال الأيام القليلة الماضية من جهودها الرامية إلى دعم تبني "مجلس حقوق الإنسان"، لقرار تشكيل لجنة تحقيق محايدة بالانتهاكات في اليمن، عقب الرفض الذي أبدته الأطراف المحسوبة على الحكومة الشرعية و"التحالف العربي"، لهذه المطالب، وشروعها بحملات مضادة تعارض فكرة تشكيل اللجنة.
وجاء تصاعد وتيرة الأزمة بالتزامن مع صدور تقرير للأمم المتحدة يتحدث عن "انتهاكات جسيمة"، منذ أيام، حمّل "التحالف العربي" مسؤولية الجزء الأكبر منها، وانتقد انحياز ما يُسمى بـ"اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان"، التي شكلتها الحكومة اليمنية الشرعية، وحصلت على دعم "مجلس حقوق الإنسان" العام الماضي. وذكرت الأمم المتحدة في تقريرها الأخير، أن اللجنة تأثرت سلباً بـ"القيود السياسية"، في إشارة إلى كونها مدعومة من الحكومة الشرعية و"التحالف".
وأفاد التقرير الأممي الذي جرى إعداده بتكليف من "مجلس حقوق الإنسان"، بأن "عمليات القصف الجوي التي تنفذها قوات التحالف لا تزال هي السبب الرئيسي في وقوع ضحايا من الأطفال، ومن المدنيين بشكل عام". وأشار إلى أن "التحالف العربي" تسبب في مقتل نحو 3233 مدنياً، من بين 5144 قتيلاً مدنياً، جرى توثيق مقتلهم خلال الفترة الممتدة من مارس/آذار 2015 حتى 30 أغسطس/آب 2017. وقال التقرير إنه "وبالإضافة إلى الأسواق والمستشفيات والمدارس والمناطق السكنية وغير ذلك من البنية الأساسية العامة والخاصة، شهد العام (الماضي) وقوع قصف جوي على التجمعات في مجالس العزاء والقوارب المدنية الصغيرة". ولفت في الوقت ذاته، إلى الانتهاكات التي تتهم فيها "جماعة أنصار الله" (الحوثيين) والقوات الموالية للرئيس المخلوع، علي عبدالله صالح، بما فيها تجنيد الأطفال.
اقــرأ أيضاً
وفي محاولة من الحكومة الشرعية لدعم اللجنة الوطنية، أصدر الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، عقب إعلان التقرير الأممي، توجيهاً بـ"سرعة البت في الملفات المسلمة من اللجنة الوطنية لإتمام التحقيق فيها وإعداد قرارات الاتهام ومن ثم إحالتها للمحاكم المختصة للفصل فيها طبقاً للقوانين الداخلية والتزامات اليمن الدولية". وفي المقابل، اعتبرت وزارة الخارجية في الحكومة التي شكلها شريكا الانقلاب في صنعاء، أن "تقرير مفوضية حقوق الإنسان تطور إيجابي"، وأنه "بداية يمكن أن يبني عليها المجتمع الدولي تحركاً أكثر فعالية وجدية إزاء الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان" التي ارتكبها "التحالف العربي". لكن الوزارة أكدت أن "التقرير لا يزال بحاجة لكثير من التعديلات والإضافات حتى يتمكن من عكس صورة حقيقية عما يتم اقترافه من جرائم بحق الشعب اليمني بشكل يومي"، بحسب ما جاء في بيان للوزارة التابعة للانقلابيين.
وواجهت الحكومة الشرعية مطالب تشكيل لجنة التحقيق، بحملة مضادة، إذ نشرت "وكالة الأنباء اليمنية" الرسمية بنسختها التابعة للشرعية، بياناً قالت إنه صادر عن 70 منظمة حقوقية يمنية (موالية للشرعية). وطالب البيان المفوضية السامية بـ"استمرار عمل اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان" (التي هاجمها التقرير). وأضاف أن "الذهاب للجنة الدولية سيعني مزيداً من الانشقاقات في المجتمع اليمني وتراجع الشرعية الدولية عن دعمها للحكومة الشرعية والحل السياسي للحرب ومنح الفرصة للمليشيات الانقلابية من عدم الالتزام بالقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان والذي يعرض السلم والأمن الدوليين للخطر".
وكان هادي وفي إطار مواجهة حملة الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى، أجرى تغييرات على "اللجنة الوطنية للتحقيق"، من خلال إعادة تشكيلها، برئاسة وأسماء جديدة، في محاولة لدعم حظوظها في أن تنال الثقة من "مجلس حقوق الإنسان"، في دورته الجديدة، بعدما كانت الحكومة الشرعية و"التحالف العربي" بقيادة السعودية، نجحا العام الماضي، بمنح ثقة المجلس للجنة وتعطيل جهود المطالبات بتشكيل لجنة دولية.
وفي 29 أغسطس/آب الماضي، وجهت 62 منظمة دولية ويمنية، بينها منظمة "هيومن رايتس ووتش"، رسالة إلى "مجلس حقوق الإنسان" تطالبه بـ"فتح تحقيق دولي مستقل في الانتهاكات التي يرتكبها جميع أطراف النزاع في اليمن". وقال مدير مكتب "هيومن رايتس ووتش" في جنيف، جون فيشر، في البيان الذي كشف عن الرسالة، إن "الدعم الثابت لتحقيق دولي في انتهاكات اليمن أصبح الآن أقوى بكثير".
وامتدت حملات المطالبة بالتحقيق والحملة المضادة لها، إلى مواقع التواصل الاجتماعي لناشطين أطلقوا تغريدات تحت شعار "التحقيق في اليمن الآن". وردّ مناصرو الشرعية بدعم اللجنة الحكومية مطلقين تغريدات تحت شعارات "اللجنة الوطنية لأجل الضحايا"، وشعار "نثق باللجنة الوطنية".
ويصر جانب الشرعية و"التحالف" على رفض مطالب لجنة التحقيق، على الرغم من أن الاتهامات بالانتهاكات موجهة لجميع الأطراف، بما فيها الحوثيون والموالون لصالح. وفي كل الأحوال، تبقى الأسابيع المقبلة حاسمة في مسألة تشكيل لجنة من عدمها، وما إذا كانت الضغوط من الأطراف الرافضة ستجعل مصير المطالبات الحالية مشابهاً لمصير سابقاتها العام الماضي، أم أن الفرصة أصبحت أقوى لإجراء على هذا النحو، من شأنه، أن يحد على الأقل، من حجم الانتهاكات المستقبلية.
وأفاد التقرير الأممي الذي جرى إعداده بتكليف من "مجلس حقوق الإنسان"، بأن "عمليات القصف الجوي التي تنفذها قوات التحالف لا تزال هي السبب الرئيسي في وقوع ضحايا من الأطفال، ومن المدنيين بشكل عام". وأشار إلى أن "التحالف العربي" تسبب في مقتل نحو 3233 مدنياً، من بين 5144 قتيلاً مدنياً، جرى توثيق مقتلهم خلال الفترة الممتدة من مارس/آذار 2015 حتى 30 أغسطس/آب 2017. وقال التقرير إنه "وبالإضافة إلى الأسواق والمستشفيات والمدارس والمناطق السكنية وغير ذلك من البنية الأساسية العامة والخاصة، شهد العام (الماضي) وقوع قصف جوي على التجمعات في مجالس العزاء والقوارب المدنية الصغيرة". ولفت في الوقت ذاته، إلى الانتهاكات التي تتهم فيها "جماعة أنصار الله" (الحوثيين) والقوات الموالية للرئيس المخلوع، علي عبدالله صالح، بما فيها تجنيد الأطفال.
وفي محاولة من الحكومة الشرعية لدعم اللجنة الوطنية، أصدر الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، عقب إعلان التقرير الأممي، توجيهاً بـ"سرعة البت في الملفات المسلمة من اللجنة الوطنية لإتمام التحقيق فيها وإعداد قرارات الاتهام ومن ثم إحالتها للمحاكم المختصة للفصل فيها طبقاً للقوانين الداخلية والتزامات اليمن الدولية". وفي المقابل، اعتبرت وزارة الخارجية في الحكومة التي شكلها شريكا الانقلاب في صنعاء، أن "تقرير مفوضية حقوق الإنسان تطور إيجابي"، وأنه "بداية يمكن أن يبني عليها المجتمع الدولي تحركاً أكثر فعالية وجدية إزاء الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان" التي ارتكبها "التحالف العربي". لكن الوزارة أكدت أن "التقرير لا يزال بحاجة لكثير من التعديلات والإضافات حتى يتمكن من عكس صورة حقيقية عما يتم اقترافه من جرائم بحق الشعب اليمني بشكل يومي"، بحسب ما جاء في بيان للوزارة التابعة للانقلابيين.
وكان هادي وفي إطار مواجهة حملة الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى، أجرى تغييرات على "اللجنة الوطنية للتحقيق"، من خلال إعادة تشكيلها، برئاسة وأسماء جديدة، في محاولة لدعم حظوظها في أن تنال الثقة من "مجلس حقوق الإنسان"، في دورته الجديدة، بعدما كانت الحكومة الشرعية و"التحالف العربي" بقيادة السعودية، نجحا العام الماضي، بمنح ثقة المجلس للجنة وتعطيل جهود المطالبات بتشكيل لجنة دولية.
وفي 29 أغسطس/آب الماضي، وجهت 62 منظمة دولية ويمنية، بينها منظمة "هيومن رايتس ووتش"، رسالة إلى "مجلس حقوق الإنسان" تطالبه بـ"فتح تحقيق دولي مستقل في الانتهاكات التي يرتكبها جميع أطراف النزاع في اليمن". وقال مدير مكتب "هيومن رايتس ووتش" في جنيف، جون فيشر، في البيان الذي كشف عن الرسالة، إن "الدعم الثابت لتحقيق دولي في انتهاكات اليمن أصبح الآن أقوى بكثير".
وامتدت حملات المطالبة بالتحقيق والحملة المضادة لها، إلى مواقع التواصل الاجتماعي لناشطين أطلقوا تغريدات تحت شعار "التحقيق في اليمن الآن". وردّ مناصرو الشرعية بدعم اللجنة الحكومية مطلقين تغريدات تحت شعارات "اللجنة الوطنية لأجل الضحايا"، وشعار "نثق باللجنة الوطنية".
ويصر جانب الشرعية و"التحالف" على رفض مطالب لجنة التحقيق، على الرغم من أن الاتهامات بالانتهاكات موجهة لجميع الأطراف، بما فيها الحوثيون والموالون لصالح. وفي كل الأحوال، تبقى الأسابيع المقبلة حاسمة في مسألة تشكيل لجنة من عدمها، وما إذا كانت الضغوط من الأطراف الرافضة ستجعل مصير المطالبات الحالية مشابهاً لمصير سابقاتها العام الماضي، أم أن الفرصة أصبحت أقوى لإجراء على هذا النحو، من شأنه، أن يحد على الأقل، من حجم الانتهاكات المستقبلية.