في مقال سابق أشرت إلى أن مطّ وتطويل عملية عاصفة الحزم وتطويرها بحرب برية محتملة، سوف يضطر اليمنيين إلى حالات نزوح وموجات لجوء إلى الدول المجاورة.
والآن، ومع توقف الموانئ البحرية والجوية والبرية عن استقبال السلع والمنتجات الغذائية، حيث يستورد اليمن معظم احتياجاته من القمح وكل حاجاته من الأرز، فإن الوضع ينذر بكارثة إنسانية محققة.
وزير حقوق الإنسان اليمني وصف الوضع بأنه كارثي ويزداد تدهوراً، وحذر من انهيار كامل للمؤسسات الصحية ومنظومة الكهرباء والمياه خلال أيام قليلة.
ومؤخراً عُقد لقاء تشاوري في الدوحة حول الوضع الإنساني في اليمن، دعت إليه الهيئة اليمنية للإغاثة، لبحث أفضل سبل التدخل لإنقاذ الوضع الإنساني المتدهور في اليمن.
ورغم أن الخطوة متأخرة جداً، حيث كان المفروض أن تسبق القصف الجوي في بداية العمليات، لكنها أيضاً ليست كافية مع نحو 1244 قتيلا، وأكثر من 5 آلاف جريح، وفقا لحصيلة أوردتها منظمة الصحة العالمية، و300 ألف نازح، و7 ملايين مهددين بالجوع، بتقدير الأمم المتحدة.
الاستجابة الدولية للإغاثة في اليمن تبدو بطيئة، والاهتمام من دول الجوار الخليجي على الأقل لا يتواكب مع سرعة تداعي الأوضاع الإنسانية. فقد أعربت وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسقة الإغاثة في حالات الطوارئ، فاليري آموس، في بيان سابق، عن بالغ قلقها حيال سلامة المدنيين العالقين من نساء وأطفال في القتال العنيف في اليمن، مع استهداف المستشفيات والمدارس ومخيمات اللاجئين والمشردين والبنية التحتية والمدنية، وخاصة في المناطق المأهولة بالسكان، واستخدامها لأغراض عسكرية.
كما أن التدخل الإنساني في اليمن لم يكن بطريقة ما حدث في العراق، على سبيل المثال، والكل في الهم سواء.
فتركيا، منذ شهور، شاركت في إدخال مساعدات ضخمة إلى جميع أطياف الشعب العراقي دون تمييز بين عرب أو أكراد أو تركمان أو يزيديين أو مسيحيين، كما لم تقتصر على المحافظات الشمالية، بل امتدت إلى الداخل العراقي في المحافظات الوسطى والجنوبية، من خلال آلاف الشاحنات إلى محافظات بابل وبغداد والنجف وكربلاء والموصل. وهذا ما يخفف أعداد اللاجئين إلى خارج العراق، حيث تزيد معاناة النازح في الغربة.
وهذا القائم بالأعمال الياباني في العراق يعلن عن تقديم حكومة بلاده أكثر من 300 مليون دولار للنازحين العراقيين، مع تواصل المساعدات استعدادا لفصل الصيف.
هل تتأخر عمليات إنقاذ الوضع الإنساني في اليمن، لتتكرر الفاجعة السورية التي لخصها الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في مؤتمر المانحين الثالث لسورية، فقال إن السوريين هم ضحايا أسوأ أزمة إنسانية في عصرنا، وإن الاستقرار الإقليمي يرزح تحت وطأة اليأس، ومعاناة الأطفال الهائلة تطارد الضمائر، وإنه يشعر بالخزي والعار والغضب الشديد والإحباط إزاء عجز المجتمع الدولي عن وقف الحرب.
وبتقديري، فإن تدشين مناطق ارتكاز آمنة في المحافظات اليمنية يسهل إيصال المساعدات إليها ثم توزيعها إلى بقية المحافظات، هو حل أفضل من عبور اليمنيين البحر إلى جيبوتي والصومال، وهما من الدول التي يساعدها البنك الدولي، باعتبارهما من أفقر دول العالم، وتحتاجان أصلاً للمساعدات، بحيث لا يكون كالمستغيث من الرمضاء بالنار.
اقرأ أيضاً: بالصور.. الحياة تتحدى الحرب في عاصمة اليمن