التحالف السعودي الإماراتي يفقد الغطاء الدولي ويواجه نقمة يمنية

01 أكتوبر 2018
تظاهرة في نيويورك ضد الحرب اليمنية (Getty)
+ الخط -
يبدو أن التحالف السعودي الإماراتي في اليمن، يفقد الغطاء الدولي لحربه المستمرة منذ ما يزيد على ثلاث سنوات ونصف السنة، والتي خلقت الأزمة الإنسانية الأكبر في العالم، وحوّل خلالها الحكومة الشرعية إلى مجرد غطاء لتدخّله، على نحو عجزت معه الأخيرة عن تأمين وجودها وفرض قراراتها في المناطق التي تُوصف بـ"المحررة" من جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، ويقول التحالف إنها تزيد على 80 في المائة من مساحة البلاد، لكن الواقع أن الأصوات اليمنية المعارضة للتحالف والناقمة من سياساته "التجويعية" ترتفع كل يوم.

وبرزت ملامح التحوّل في المواقف الدولية، خلال انعقاد الدورة الأخيرة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إذ صوّتت ثماني دول فقط (بينها السعودية والإمارات ومصر) بـ"الرفض" لمشروع القرار الأوروبي الذي يتضمّن التمديد لفريق الخبراء المعني بالتحقيق بانتهاكات حقوق الإنسان والجرائم المرتكبة من قبل مختلف الأطراف، في مقابل 21 دولة مؤيدة للمشروع، وامتناع 18 أخرى عن التصويت، وهي أرقام تمثّل، في نظر بعضهم، مؤشراً على أن الرياض لم تعد قادرة على حشد وشراء المواقف، كما كان يحصل، خلال الأعوام السابقة.

ومنذ عام 2011، وما تلاه من مرحلة الانتقالية، حرصت الدول المعنية بالتسوية في البلاد، وهي الخليجية وأبرزها الرياض، والخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، على الحفاظ على درجة من التوافق، على الأقل بصورة علنية، من خلال مجموعة سفراء الدول الـ10 ولاحقاً الـ18 الراعية للتسوية، وهو التوافق الذي رافق القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن بشان اليمن، بما فيها القرار 2216 (عام 2015)، والذي تتمسك به الحكومة الشرعية والتحالف ويعتبرانه مرجعاً أساسياً لأي خطة تسوية ترعاها الأمم المتحدة.

ومع تشكيل السعودية تحالفها العسكري في مارس/آذار 2015، استقطبت أكبر عددٍ من الدول العربية، وجعلت من القرار الدولي 2216 غطاءً يمنحها "الشرعية" الدولية لمختلف الإجراءات، بما فيها تشديد الإجراءات بالتفتيش على الواردات الآتية إلى البلاد، الأمر الذي يمثّل أحد العوامل الرئيسية في تفاقم الوضع الإنساني، حسب تقرير فريق الخبراء الصادر في أغسطس/آب الماضي. واستمر الغطاء الدولي، من خلال اللجنة الرباعية، التي تألفت عام 2016 من وزراء خارجية واشنطن ولندن والرياض وأبوظبي، بالإضافة إلى الاجتماعات التي تُعقد غالباً في الرياض لسفراء مجموعة الدول الـ18 المعنية بالتسوية، من حين لآخر.


في المقابل، جاء انعقاد مجلس حقوق الإنسان، ليقدّم رسائل واضحة، أُولاها أن دائرة التأييد أو على الأقل الصمت عن استمرار الحرب في اليمن، تضيق إلى أبعد حد ممكن، وأن "الإجماع الدولي"، الذي كان الدبلوماسيون يتغنّون به، بات مفقوداً تقريباً. كما أن تصويت بريطانيا بالتمديد لفريق الخبراء الدوليين البارزين، وهي الدولة العضو في "اللجنة الرباعية"، والمُقرر بالشأن اليمني في مجلس الأمن الدولي، تطوّر يعزز الصورة بأن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وحليفه ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، يستمران في الحرب اليمنية من دون تأييد دولي فعلي للدور الذي تقوم به الدولتان.

في الجانب اليمني، تتسع دائرة النقمة المحلية ضد التحالف يوماً بعد يوم، وخصوصاً مع الأزمة الأخيرة المرتبطة بانهيار الريال اليمني أمام العملات الأجنبية بما لذلك من آثار كارثية تمس حياة الناس بشكل مباشر. وفي الوقت الذي يتخذ فيه التحالف من الحوثيين شماعةً لتحميلها أزمة العملة، يسود اعتقاد لدى قطاع واسع من اليمنيين، بمن فيهم معارضو الحوثيين، أن التحالف لديه القدرة على معالجة الأزمة وهو المسؤول عن تفاقمها، كإحدى تبعات الحرب ونتيجة للسياسات التي اتخذها وساهمت بإضعاف الحكومة الشرعية في مناطقها. هذا الرأي يتفق معه مسؤولون في الحكومة تحدثوا لـ"العربي الجديد"، مؤكدين أن الإجراءات التي تتخذها الحكومة (رئيسها وغالبية أعضائها موجودون خارج البلاد) لإنقاذ الريال اليمني، ستبقى محدودة الفاعلية، ما لم يتدخّل التحالف (السعودية والإمارات) بدعم يتناسب مع المسؤولية التي يتطلّبها الظرف.

وباتت أزمة التحالف مع الشرعية اليمنية، قضية معروفة، وخصوصاً في ما يتعلق بالجانب الإماراتي، والذي وصلت أزمته مع الشرعية إلى شكوى يمنية رسمية في مجلس الأمن الدولي في مايو/أيار الماضي، أكدت فيها الحكومة أنها باتت تختلف مع الإمارات في مختلف المناطق "المحررة"، مع إنشاء أبوظبي تشكيلات عسكرية ومليشيات موالية لها وخارجة عن سلطة الحكومة. لكن الغطاء المحلي اليمني للتحالف، دخل منعطفاً جديداً بانتقاله إلى المستوى الشعبي، على غرار ما تشهده محافظة المهرة، من اعتصامات وتظاهرات مناهضة لانتشار القوات السعودية. كما ارتفعت الأصوات ضد التحالف خلال تظاهرات في أكثر من مدينة جنوبية، منذ أسابيع، جرى خلالها إحراق صور قادة الإمارات والسعودية وترديد شعارات تنادي برحيل التحالف وتحمّله المسؤولية عن الأزمة الاقتصادية في البلاد.

وبين الغطاء الدولي الذي تبدّد في مجلس حقوق الإنسان، والغطاء اليمني الذي بات ضعيفاً جداً من جانب السلطة الشرعية، سواء بسبب عجزها عن فرض سلطتها ووقف الانهيار الاقتصادي أو على ضوء العوائق التي يضعها التحالف أمام هذه الحكومة، وكما هو على المستوى الشعبي، فإن دائرة الرافضين للتحالف وسياساته تتسع كل يوم، كنتيجة طبيعية للأوضاع التي آلت إليها البلاد، وأبرزها على الإطلاق، أزمة العملة التي تهدد حياة ما يقرب من 30 مليون يمني، هم إجمالي سكان البلاد.

المساهمون