التجارة الدولية وحرب اليمن

31 مارس 2015
قوات الحوثيين تجهز لإغلاق مضيق باب المندب (أرشيف/الأناضول)
+ الخط -

تُنذر العمليات العسكرية الدائرة الآن في اليمن ضمن "عاصفة الحزم"، منذ الخميس الماضي، بمخاطر ليست بعيدة على حركة التجارة الدولية ودخل قناة السويس وتدفق النفط والسلع العابرة باب المندب - قناة السويس، وقد سقطت إحدى المقاتلات السعودية المشاركة في العمليات على منطقة المضيق بالفعل صباح السبت، كما أعلنت بعض شركات التأمين مؤخراً وقف سريان التأمين على السفن العابرة في المنطقة، بسبب الحرب الدائرة، وقد ترتفع أسعار النفط رغم انخفاضها مع بدء الحرب بسبب أن دول الخليج المشاركة في الحرب تنتج وحدها 70% من نفط أوبك.

كما انخفضت عائدات القناة إلى 382 مليون دولار في فبراير/شباط الماضي، مقارنة بـ 434.8 مليون دولار في يناير/كانون الثاني الماضي بحسب بيانات لمجلس الوزراء المصري.

يزيد الأمور خطورةً ما ذكرته وكالة "أنباء فارس" الإيرانية، السبت، أن قوات المقاتلين الحوثيين تجهز لإغلاق مضيق باب المندب، باستخدام صواريخ أرض- بحر.

طريق باب المندب- قناة السويس يوفر ثلثي مسافة وزمن التجارة بين الشرق والغرب بديلاً عن طريق رأس الرجاء الصالح، و50% من وقود السفن، وهو ممر لعُشر تجارة العالم، وثُلث تجارة النفط، ويبحر منها نحو 3.3 ملايين برميل نفط يومياً وما بين 18 إلى 22 ألف سفينة سنوياً عبر الممر الملاحي من خليج عدن إلى البحر الأحمر وقناة السويس إلى البحر الأبيض المتوسط وبالعكس. هذا الطريق يمر منه 95% من حركة التجارة بين مناطق الخليج العربي وجنوب شرق آسيا وشرق أفريقيا والشرق الأقصى وأستراليا، مروراً بقناة السويس إلى أوروبا ودول حوض البحر الأبيض المتوسط والولايات المتحدة، لكنه لا يكون الطريق المناسب في غياب الأمن.

وفي السنوات الماضية، ارتفعت رسوم التأمين على السفن التي تعبر خليج عدن، ومن ثم باب المندب بنسب كبيرة مع زيادة عمليات القرصنة الصومالية، ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع بسبب تفضيل شركات الملاحة الانصراف عن خليج عدن وقناة السويس والاتجاه نحو رأس الرجاء الصالح.

وأعلنت الهيئة العامة لقناة السويس في يناير 2009 أن إيرادات القناة انخفضت بنسبة 25% مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق بسبب أعمال القرصنة. وأعتقد أن نسب الانخفاض ستتضاعف إذا ما أعلن أن البحر الأحمر وبوابته الجنوبية أصبحت منطقة حرب.

ويشجع انخفاض أسعار الوقود وعقود إيجارات السفن أن تسلك هذه السفن طريق رأس الرجاء الصالح بعيداً عن قناة السويس- باب المندب، لكن تكاليف تحويل مسار السفن وفواتير التأمين لا شك سوف ترفع أسعار السلع العابرة، وهي النفط والحبوب والمعادن والأسمدة المعدنية والمعادن المصنعة والكيماويات والغازات الطبيعية وكلها سلع أساسية.

أثبت التاريخ القريب أن دخل قناة السويس المصرية لا يتأثر بالوضع الداخلي المصري بقدر ما يتأثر بأمن بوابتها الجنوبية في خليج عدن وباب المندب، فهي المصدر الوحيد للدخل الأجنبي، الذي لم يتراجع مع الأحداث السياسية والأمنية الداخلية خاصة بعد 25 يناير 2011، وظل في حدود 5.2 مليارات دولار، في الوقت الذي تراجعت فيه باقي المصادر بمعدلات خطيرة. فتراجعت موارد السياحة من 12.5 مليار دولار نهاية 2010 إلى ما دون 5 مليارات دولار بنهاية ديسمبر 2013 بنسبة 60%، وتراجعت الاستثمارات الأجنبية، خاصة بعد 30 يونيو، إلى ما دون 3 مليارات دولار بعد أن فاقت 6 مليارات دولار، وكذلك تحويلات المصريين بالخارج وقد بلغت ذروتها في عهد الدكتور محمد مرسي ثم تراجعت بنسب كبيرة بعد الإطاحة به، وقطاع البترول، الذي انضم إلى قائمة القطاعات الأكثر تضرراً بالوضع الأمني في البلاد وهجرة الشركات العاملة فيه. لكن أجواء الحرب المخيمة على المنطقة، والتي لا تقل عن تهديدات القرصنة، تهدد موارد قناة السويس، وقد تحرم الخزانة المصرية من 15 مليون دولار عائدات القناة اليومية.

المساهمون