التأييد المصري للتحقيق بخان شيخون: محاولة إحراز "مكاسب مؤقتة"

15 ابريل 2017
من جلسة مجلس الأمن الأربعاء (فولكان فورونكو/الأناضول)
+ الخط -
تُطرح تفسيرات عدة حول أسباب التصويت المصري في جلسة مجلس الأمن، يوم الأربعاء الماضي، لصالح القرار الذي يطالب بالتحقيق في المجزرة التي ارتكبها النظام السوري في خان شيخون.
وفي السياق، أكد مصدر دبلوماسي مصري، عامل في وزارة الخارجية، أن "تصويت مصر لصالح قرار غربي مدعوم خليجياً، للتحقيق في المجزرة التي ارتكبها النظام السوري في خان شيخون، لا يعكس فقط سعي نظام عبد الفتاح السيسي للتقارب مع السعودية، قبيل زيارة مرتقبة لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى القاهرة، لكنه يعكس أيضاً حالة الجمود التي باتت عليها علاقة النظام بروسيا، التي أوقفت مشروع القرار الأممي بحق النقض (الفيتو)".

وأوضح المصدر لـ"العربي الجديد"، أن "تصويت مصر لصالح القرار الغربي لا يعني تغيير موقفها من سورية، فما يزال السيسي حريصاً على عدم إسقاط نظام بشار الأسد وجيشه، ويعتقد أن الحفاظ على هذا الجيش ودخول بشار في خطة الطريق السياسية ضرورة حتمية. وهو في ذلك يتفق مع التوجهات الروسية، غير أن إهمال الأطراف الفعالة في الملف السوري للدور المصري يمنح السيسي حالياً مساحة أوسع لاتخاذ مواقف مرنة لتحقيق مكاسب مؤقتة".

وأشار المصدر إلى أن "الخلافات المصرية السعودية، كانت قد بدأت لدى تصويت مصر لمشروعي قرارين متناقضين بشأن الحرب في حلب، ولا تريد القاهرة تكرار الفترة الصعبة التي امتدت لستة أشهر وعانت خلالها من وقف الواردات البترولية السعودية. وفي المقابل عبرت السعودية خلال الاتصالات غير المباشرة التي أجراها الطرفان الشهرين الماضيين عن انزعاجها من أداء مصر في مجلس الأمن. وهو ما تمّت ترجمته باتخاذ مصر موقفاً مؤيداً للتوجه السعودي، وهي تعلم أن القرار لن يصدر من الأساس".

ولفت إلى أن "بوادر نجاح الوساطات الأميركية، والعربية بين القاهرة والرياض تُرجمت بلقاء قصير بين السيسي والملك سلمان خلال مؤتمر القمة العربي الأخير في مارس/آذار الماضي. وكان أهم ما نتج عنه الاتفاق على عقد اجتماعات لتصفية الأجواء بين البلدين في القاهرة خلال شهر إبريل/نيسان الحالي. ومن المقرر أن يلتقي وزيرا الخارجية السعودي عادل الجبير والمصري سامح شكري، خلال أيام للتباحث حول قضايا متعددة أبرزها نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير. وهو الملف الذي شهد تحركاً محدوداً في البرلمان المصري بالتزامن مع هذا التقارب، ولكن دون خريطة زمنية واضحة لحسمه انتظاراً للمستجدات القضائية".



ونوّه المصدر إلى أنه "على النقيض من التقارب مع السعودية، والذي تطلب تعليق الاتصالات بالعراق وإيران من أجل التوصل لاتفاقات مستديمة لاستيراد النفط، تبدو العلاقة بين القاهرة وموسكو في أسوأ حالاتها منذ منتصف 2013، خصوصاً في ظلّ الإرجاء المستمر من الجانب الروسي لاستئناف رحلات الطيران لمصر وتوقيع بروتوكول السلامة الجوية، الذي يماطل فيه الجانب الروسي برغبته في فرض مزيد من الشروط والاحتياطات الأمنية بشأن جميع المطارات المصرية، وليست المطارات الأهم للسياحة الروسية وحسب".

وأفاد المصدر بأنه "على الرغم من استمرار التواصل بين الطرفين على مستوى التنسيق العسكري تحديداً، بفعل اقتراب مصر من الحصول على صفقة تسليح جوي روسية جديدة، إلاّ أن بعض الملفات المجمدة كأزمتي الطيران وتأمين المطارات، وأزمة المفاعل النووي بالضبعة، تلقي ظلالاً كثيفة من الشكوك حول قابلية العلاقات الثنائية للتطور في الوقت الحالي، في ظل التقارب الواضح أخيراً بين القاهرة وواشنطن".
وكشف المصدر أن "موسكو رفضت ضمنياً طلباً مصرياً بتعجيل خطوات إنشاء وتشغيل المفاعل النووي بواسطة شركة روس أتوم الروسية، لأنها تعلق الأمر على تسوية ملف الأمن الجوي، وبالتبعية فتسوية هذا الملف تتوقف على العديد من الاشتراطات المالية والأمنية، التي لا يمكن لمصر في الوقت الحالي تقديمها لأنها تمثل عبئاً اقتصادياً هائلاً عليها".

وأضاف "هناك مشكلة لم تحلّ حتى الآن، متعلقة بنتائج تحقيقات سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء، إذ ترغب السلطات الروسية في تحديد مسؤولية تقصيرية لمسؤولين مصريين بعينهم، وهو ما تخشاه مصر خوفاً من فرض تعويضات ضخمة عليها".

وخلص المصدر إلى أن "السيسي يتجه لتحقيق مكاسب مؤقتة من وجود مصر في مجلس الأمن، مستفيداً من وجود ملفات اقتصادية وعسكرية تجمعه بأطراف الصراع الأساسيين في القضية السورية، ومستفيداً في الوقت نفسه من أن جميع هذه الأطراف لا تعتبر مصر حالياً عنصراً فاعلاً سورياً، بما في ذلك روسيا التي حاولت منذ عام ونصف الاستعانة بمصر في حوار سياسي داخلي حضره مقربون لنظام الأسد".