ربما لا يعرف الكثيرون أن مهنة "البيطار" تُعنى بإصلاح حافر الحصان وتقويته، بحيث أنه لا يبرح مكانه إلا وحوافره محميّة بحدوة من الحديد على شكل حرف "يو" U تُستبدَل كل شهرين تقريباً.
يقول أحمد البيطار، لـ"العربي الجديد"، واحد من جيل الشباب الذي توارث هذه المهنة، هذه "الصنعة" في عائلة البيطار بالدقهلية نتوارثها أبًا عن جد، وهي لا تختلف كثيرًا في الوقت الحاضر عن الزمن الماضي، سوى في تطوير نوعية المعدن المصنوع منه الحدوة، وكذلك المسامير الخاصة بتثبيت الحدوة، والتي لها مواصفات خاصة، وتأتي مستوردة ويتراوح سعر العبوة ما بين 75 جنيهًا إلى 250 جنيهًا، بحسب نوع المعدن ومرونته في التعامل.
ويشرح البيطار عملية تغيير الحدوة والتي تتم على مراحل، الأولى يطلق عليها "النسف"، وتعني إزالة الحدوة القديمة وبقايا الحافر "الميتة"، باستخدام سكين خاص" الكف"، والثانية تركيب الحدوة بعد تعديلها، فكل قدم له مقاسه الخاص، ثم تثبيتها بمسامير خاصة، والأخيرة عملية التسوية "البرد"، لإزالة بقايا أسنة المسامير التي تخرج من طرف الحافر، أو أي زيادات قد تؤثر على حركة وشكل الحافر باستخدام "المبرد".
ويضيف: المهنة تحتاج لخبرة وحساسية عالية، فالبيطار يتعامل بحذر مع حافر الحصان سواء عند تهذيبه بسكين خاص "الكف"، أو عند تثبيت الحدوة بالمسامير، حتى لا يلامس العصب، فأي خطأ عند تركيب الحدوة، يكون رد فعل الحصان عنيفاً، من خلال الركل بالقدم، وهو ما حدث ذات مرة مع بعض أقربائي فأحدهم كُسرت أنفه، وآخر أصيب بكسر في عظام الجمجمة.
ويوضح أن حدوة الحصان العربي الأصيل تختلف عن البلدي أو المهجن، إذ أنه لا يستخدم في الجر وإنما في الركوب أو الرقص أو السباقات، لذلك يتميز شكل الحدوة بمواصفات خاصة كوجود "مجرى" تُخفي رأس المسمار، كما أن خيول السباق يتم تركيب حدوتها عند السباق فقط، ثم تُنزع منها بعد ذلك، حتى لا تسبب خطورة لمربيها.
ويرى البيطار أنه بالرغم من أن دخل المهنة، يكفي لحياة كريمة، فتركيب الحدوة الواحدة للحصان البلدي، يصل إلى 25 جنيهًا، في حين يصل إلى 125 جنيهًا للحصان العربي الأصيل، إلًا أنها قد تنقرض في يوم من الأيام، لعدم وجود جيل ثان يتعلم "الصنعة"، نتيجة تفضيل الصبية ركوب "التكاتك" .