وفي السياق، تبرز الإجراءات الجديدة التي اتخذتها السلطات البيروفية في أميركا الجنوبية، لمواجهة جائحة كورونا، وهي سياسة تعتبر صارمة مقارنة بدول أخرى. وبالنسبة لسكان البلد لن يكون متاحا الخروج من المنازل من قبل الزوجين لشراء المواد الغذائية، بل سيسمح بدءا من أمس الخميس بخروج الرجال والنساء بشكل منفصل في أيام محددة. ويذكر المسؤول في القنصلية اللبنانية في بيرو، ورجل الأعمال اللبناني-البيروفي، علي أبو ظهر، لـ"العربي الجديد" من ليما أن "الحكومة عطلت معظم الأعمال في البلد خشية من هذا الفيروس، والناس يعيشون عمليا عزلة تامة في بيوتهم".
وتعيش البيرو منذ 15 مارس/آذار الماضي حالة طوارئ شاملة. فقد قررت حكومة الرئيس مارتين فيزكارا فرض حظر شامل على التجول، وجرى نشر الجيش في معظم مقاطعات العاصمة ليما، التي تضم نحو 10 ملايين نسمة، وحظرت التجول على بقية الـ36 مليونا في عموم البيرو كإجراءات احتياطية لمنع تفشي وباء كورونا في البلد.
وقررت السلطات، أخيرا، فرض بعض القيود على حظر التجول الصارم، بمنح الرجال حق الخروج من بيوتهم لشراء ما تحتاجه الأسر المعزولة أيام الاثنين والأربعاء والجمعة، فيما سيسمح للزوجات والإناث عموما بالخروج أيام الثلاثاء والخميس والسبت. وبحسب القرار الذي تحدث عنه الرئيس، فيزكارا، فإن "لا أحد سيخرج يوم الأحد" بحجة شراء الأشياء الضرورية.
ويعني هذا التصرف "فصلا بين الجنسين فيما خص الخروج من البيوت، وفقط للتوجه نحو متاجر محددة وصيدليات، لأنه أصلا لا يسمح لأحد بالتجول خارج بيته منذ أكثر من أسبوعين، حيث ندرك الآن وبشكل عملي معنى الحجر التام في البيوت"، بحسب ما يذكر أبو ظهر. ويفيد أبو ظهر، الذي يقطن في مقاطعة بورخا في ليما، بأن تغييرات كثيرة طرأت على نشاط عرب ليما، الذين يعرف عنهم نشاطهم الاجتماعي اليومي والأسبوعي، مضطرين للتخلي عن لقاءات نهاية الأسبوع "فقد تم إغلاق النادي العربي الفلسطيني ومطعمه، وهو مثل المتنفس والحيز لالتقاء الجاليات العربية في ليما، ويحرم اليوم الأطفال من الخروج إلى ملاعب النادي لممارسة بعض الألعاب والسباحة فيه، بعد بدء بتطبيق الحظر منذ أكثر من أسبوعين، ونحن مضطرون لإيجاد بدائل لأطفالنا داخل البيوت". ويشير أبو ظهر إلى أن عرب ليما "يتفهمون الظروف بالطبع، فهم يظهرون صبرا على أمل أن يتم كسر منحنى تفشي الفيروس بحسب ما ذكر الرئيس البيروفي (مارتين فيزكارا )".
وينقل بعض العرب المقيمين في ليما لـ"العربي الجديد" أن الحكومة البيروفية قررت من خلال كلمة وجهها الرئيس لشعبه، سياسة الفصل بين الجنسين في حظر التجول "لكي نرى أناسا أقل في الشوارع ولضمان السيطرة على الوضع والتزام الناس بالقرارات"، بحسب ما جاء على لسان الرئيس فيزكار. ويذكر هؤلاء المقيمون في منطقة بورخا، التي تضم نسبة كبيرة من السكان الفلسطينيين البيروفيين، أن قوات الأمن "تتحقق من الهويات والرقم الوطني للناس الخارجين للتسوق". بالخوف من تفلت خروج أفراد الأسرة من بيوتهم بحجة التسوق، ما دفع السلطات إلى تحديد أيام معينة للخروج من البيوت وبشكل فردي طيلة أيام الأسبوع. ويحصل بعض الموظفين في قطاعات هامة على رخص مكتوبة تخولهم الخروج نحو أعمالهم، حيث تجري عملية تدقيق على المتجولين.
وحظرت السلطات التجمعات وارتياد الكنائس، حيث تمنع القداديس في دولة كاثوليكية يرتاد شعبها بكثافة الكنائس بشكل شبه يومي، كما هي الحالة في منطقة ميرافلوريس، حيث تقع إحدى أكبر كنائس المنطقة، كنيسة العذراء مريم. هذا بالطبع إلى جانب توقف توجه الناس إلى مسجدي وسط ليما ومسجد بورخا، وفقا لما يذكر لـ"العربي الجديد"عضو مجلس إدارة مسجد ليما، عوض ضمين. وتستمر إجراءات حظر التجول في البيرو حتى الثاني عشر من إبريل/نيسان الحالي، مع إمكانية تمديد القرار. وسجلت البيرو أكثر من 1400 إصابة بفيروس كورونا ووفاة 55 شخصا حتى مساء الخميس.
وبالنسبة للأعمال فإن "المطاعم جرى إغلاقها ولم نعد نعمل كما في السابق، فخلال أسبوعين من الإغلاق ثمة خسائر كبيرة لهذا القطاع"، وفقا لما يذكر صقر ماصو، الذي يتشارك وصديقه العراقي دانيال مطعما متخصصا بالمأكولات البيروفية والعربية.
وإلى جانب البيرو، فإن بوليفيا وكولومبيا طبقتا أيضا سياسة صارمة في مسألة الفصل بين الجنسين، وبشكل خاص الخروج الاضطراري للتسوق، وحمل رخص خاصة بالتوجه لأعمال هامة حددتها الحكومات. وكانت بنما أيضا طبقت سياسة حظر التجول منذ الثلاثاء الماضي ولمدة أسبوعين على الأقل.
ويذكر أن مئات السائحين الأوروبيين علقوا في البيرو بعد أن أغلقت السلطات مطار ليما ومنعت كل الحركة الجوية من وإلى البلد. واتخذت الدنمارك خلال الأيام الماضية قرارا استثنائيا بإرسال طائرات لإجلاء مواطنيها، وأغلبهم من الشباب الطلاب الذين كانوا في رحلة دراسية لأشهر في دول اللاتينية قبل أن يقطعوا رحلتهم ويتكدسون في بعض النزل مناشدين سلطات كوبنهاغن مساعدتهم للعودة إلى بلدهم.