قال تقرير حديث للبنك الدولي، اليوم الأربعاء، إن الاقتصاد الفلسطيني يواجه صدمة حادة على صعيد المالية العامة، بسبب "أزمة المقاصة"، والقيود المفروضة على السلع ذات الاستخدام المزدوج، في وقت اتهم رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد محمد اشتية الإدارة الأميركية بشن حرب مالية على الفلسطينيين.
وشددت إسرائيل منذ اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000، قيود دخول عشرات أصناف السلع التي تصنفها تل أبيب، بأنها تحمل ازدواجية في الاستخدام، سلمية وعسكرية.
ودعا البنك الدولي في تقرير اليوم، وفقا لوكالة "الأناضول"، إلى إعادة إسرائيل النظر بتطبيق نظام السلع ذات الاستخدام المزدوج، لأنه بات يعوق قدرة الاقتصاد على خلق وظائف كافية للسكان الذين تتزايد أعدادهم".
وتشمل السلع ذات الاستخدام المزدوج، الكيميائيات والسلع والتقنيات المستخدمة في الأغراض المدنية، والتي قد تكون لها استخدامات عسكرية.
وتفرض إسرائيل قيودا على دخول 62 سلعة إلى قطاع غزة، إضافة إلى قائمة طويلة تشمل 56 سلعة إلى الضفة الغربية، "وهو ما يتجاوز كثيرا الممارسات الدولية المعتادة"، بحسب البنك الدولي.
وبسبب تلك القيود، تضرر القطاع الزراعي عبر تراجع فاعلية المواد الكيميائية المستخدمة فيه، وأدى إلى انخفاض إنتاجية الأراضي إلى نصف مثيلتها في الأردن، و43 بالمائة من غلتها في إسرائيل، وتذهب تقديرات البنك الدولي، إلى أن تخفيف القيود المفروضة على السلع ذات الاستخدام المزدوج، سيضيف 6 بالمائة إلى حجم الاقتصاد في الضفة الغربية و11 بالمائة في قطاع غزة بحلول 2025.
وزاد التقرير أن "أكثر من نصف سكان غزة يعانون من البطالة، وتقلصت الأنشطة الاقتصادية بنسبة 7 بالمائة في 2018، وهو أشد ركود يشهده القطاع غير ناتج من صراع.. وتباطأ النمو في الضفة الغربية دون مستوياته في الآونة الأخيرة".
وعن أزمة المقاصة، قال البنك الدولي: إذا لم تتم تسوية هذه الأزمة، فستزيد الفجوة التمويلية من 400 مليون دولار في 2018 إلى أكثر من مليار دولار في 2019.
حرب مالية
في السياق، اتهم رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد محمد اشتية الولايات المتحدة بإعلان "حرب مالية" على شعبه وقال إن خطة السلام الأميركية المزعومة التي تعكف عليها الإدارة الأميركية سوف "تولد ميتة".
وقال اشتية وفقا لوكالة "أسوشييتد برس" إن "إسرائيل جزء من الحرب المالية التي أعلنتها الولايات المتحدة علينا.. والنظام برمته هو محاولة دفعنا للاستسلام" والموافقة على اقتراح سلام غير مقبول.. هذا ابتزاز مالي، وهو ما نرفضه".
وطرح اشتية عددا من المقترحات للتغلب على الأزمة، وقال إنه فرض تخفيضات في الإنفاق بتقليل الامتيازات لوزراء حكومته، مؤكدا أنه سيسعى لتطوير القطاعات الزراعية والاقتصادية والتعليمية الفلسطينية والبحث عن سبل لتقليل اعتماد الاقتصاد الفلسطيني على إسرائيل.
واقترح اشتية استيراد الوقود من الأردن المجاور بدلاً من إسرائيل، بل وتعويم العملة الفلسطينية، وقال أيضاً إن الفلسطينيين سيسعون للحصول على دعم مالي من المانحين العرب والأوروبيين.
ومحمد اشتية، خبير اقتصادي تلقى تعليمه في بريطانيا، يتولى السلطة في وقت صعب للفلسطينيين، حيث تغرق حكومته في أزمة مالية شديدة، إذ خفضت إدارة ترامب مئات الملايين من الدولارات المقدمة لها في صورة مساعدات، بما في ذلك كل دعمها لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل الفلسطينيين (أونروا).
كما حجبت إسرائيل التحويلات الضريبية المستحقة للسلطة، حيث قررت في 17 فبراير/شباط الماضي، إسرائيل اقتطاع 11.3 مليون دولار من عائدات الضرائب (المقاصة)، كإجراء عقابي على تخصيص السلطة الفلسطينية مستحقات للمعتقلين وعائلات الشهداء، وردا على القرار الإسرائيلي، أعلنت الحكومة الفلسطينية رفضها استلام أموال المقاصة من إسرائيل مقتطعا منها أي مبلغ غير متفق عليه مسبقاً.
وإيرادات المقاصة، هي ضرائب تجبيها إسرائيل نيابة عن وزارة المالية الفلسطينية، على السلع الواردة للأخيرة من الخارج، ويبلغ متوسطها الشهري (نحو 188 مليون دولار).
وسيُرفع تقرير البنك الدولي، إلى اجتماع لجنة الارتباط الخاصة في 30 إبريل/نيسان 2019 في بروكسل، وهو اجتماع على مستوى السياسات بشأن تنسيق المساعدات الإنمائية للشعب الفلسطيني.
(العربي الجديد، وكالات)