حذر بطريرك المدينة المقدسة وسائر أعمال فلسطين والأردن كيريوس ثيوفيلوس الثالث، من الآثار المترتبة على قرار محكمة إسرائيلية في قضية "باب الخليل"، المدخل العربي الرئيسي للقدس الشرقية، القاضي بتأجير فندقي " أمبريال" و"البتراء وبيت"، لمدة 99 سنة، لشركات تابعة للمستوطنين.
وقال البطريرك، خلال مؤتمر نادر عقده في عمّان، مساء اليوم السبت: "لا يمكن تفسير القرار إلا بأنه ذو دافع سياسي (..) القرار تجاوز كل حدود العدالة والمعقول".
وحذر ثيوفيلوس من أن "القرار المتحيز، لا يؤثر على البطريركية فحسب، بل يضرب أيضاً في قلب الحي المسيحي (حارة النصارى) في البلدة القديمة (..) وسيكون للقرار بكل تأكيد أكثر الآثار السلبية على الوجود المسيحي في الأرض المقدسة، ويمكن أن يؤدي إلى تصعيد وتوتر خطير".
ولفت إلى أن "عملية الاستئناف ستبدأ في القضية أمام محكمة العدل العليا الإسرائيلية"، قائلا: "نثق بأن يكون هناك قرار يستند إلى الأمور القانونية والإجرائية والعدل، وستستنفد البطريركية الآن كل ما في وسعها لقلب هذا الحكم الظالم".
البطريرك الذي قرر الخروج على الإعلام في وقت تتعالى أصوات في الرعية تتهمه والبطريركية بالتواطؤ مع الاحتلال لتسريب الأوقاف المسيحية، قال "لقد تحملنا وبصمت وكنا شاهدين على حملة قاسية ضدنا وضد بطريركيتنا، حملة نمت بقوة يوماً بعد يوم باتهامات زائفة وقذف واستهدفت تراثنا ونزاهتنا"، مشدداً على الالتزام بصون الممتلكات البطريركية.
وناشد البطريرك، الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والروسي فلاديمير بوتين، وملك الأردن عبد الله الثاني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، والإسرائيلي رؤوفين ريفلين، وغيرهم، والمجتمع الدولي "التدخل الفوري والعاجل وضمان العدالة والحرية في هذه المسألة".
كما دعا إلى عقد اجتماع عاجل لرؤساء كنائس الأرض المقدسة "لتنسيق رفضنا وردنا تجاه التطورات الخطيرة والمخيفة".
من جهته، بين الرئيس الروحي لدير دبين، الأرشمندريت خريستوفوروس، أن القضايا المثارة حديثاً حول تسريب أراضي الوقف الكنسي، هي إرث تتحمله البطريركية منذ ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، حيث جرى تأجير الأراضي لمدد زمنية طويلة، لافتاً إلى الضغوط الكبيرة التي مارسها الاحتلال والهادفة إلى تغيير الوضع القائم وتهويد المنطقة.
ولفت خريستوفوروس، الذي طرد في عام 2014 من الكنيسة وفصل من أخوية "القبر المقدس"، قبل أن يتم التراجع عن القرار بعد اعتذار قدمه للبطريرك، إلى أن إصلاحات جديدة على الهيكلية المؤسسية للكنيسة ستؤدي إلى حماية الأملاك الكنسية، لكنه رفض الكشف عن طبيعة تلك الإصلاحات.
وذكّر خريستوفوروس بالمصير الذي لاقاه البطريرك السابق عندما أزيح عن عرش الكنيسة، بعد ثبوت تفريطه بالأملاك الكنسية.
وسبق الاجتماع الذي عقد في دار مطرانية الروم الأرثوذكس، وسط حراسة أمنية لافته، حضور لمناهضين للبطريرك عمدوا إلى توزيع ما قالوا إنها وثائق تبثث تورط البطريرك في تسريب الأراضي للإسرائيليين.
وفي أعقاب المؤتمر رأى أعضاء في المجلس المركزي الأرثوذكسي وناشطون في الشباب العربي الأرثوذكسي في البيان الذي تلاه البطريرك محاولة لتهدئة الغضب المتنامي داخل الرعية.