وتواترت في الأيام الأخيرة أخبار الرحلات التي يتم إجهاضها على السواحل أو التي يتم تطويقها في عرض البحر، حيث تمكنت وحدة تابعة لجيش البحر، أمس الثلاثاء، من إنقاذ 12 مهاجرا غير شرعي (8 تونسيين و4 مغاربة)، على متن مركب صيد توقف عن الإبحار بسبب نفاد الوقود على بعد 63 كلم من جزيرة قرقنة، وتم نقلهم إلى القاعدة البحرية الرئيسية بصفاقس وتسليمهم للحرس الوطني بالمكان، وفق بلاغ لوزارة الدفاع الوطني.
وكانت وحدة بحرية تابعة لجيش البحر اصطدمت مساء الأحد 8 أكتوبر/ تشرين الأول بمركب مجهول الهوية على بعد 54 كلم من شاطئ قرقنة أيضا ما أدى إلى غرقه.
وتمكّنت من إنقاذ 38 فردا، كلهم تونسيون، وانتشال 8 جثث، فيما لا تزال عمليات البحث متواصلة، وتم فتح تحقيق حول الموضوع للتعرف على ملابسات الحادث.
وعبّرت منظمات وأحزاب عن استغرابها من الحادث، وطالبت بفتح تحقيق جدي يكشف ملابساته الحقيقية، فيما تم تداول تسجيل صوتي لأحد الناجين يروي تفاصيل ما حدث موجها أصابع الاتهام إلى المركبين التونسي والإيطالي اللذين كانا يراقبان الحادثة أيضا.
وأطلق التونسيون صيحة فزع تجاه هذا التفاقم الخطير لظاهرة الهجرة السرية بحرا، خصوصا مع تغير الطقس وتصاعد قوة الرياح، ما يؤدي بالضرورة إلى تنامي خطر غرق هذه القوارب.
وتشير أرقام المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إلى أنه تم هذا العام إيقاف أكثر من 1300 تونسي وهم بصدد الهجرة غير النظامية، فيما تمكن حوالى 2700 آخرين من الوصول للسواحل الإيطالية، وتم القبض على 11 مهربا تونسيا خلال الأشهر الستة الأولى من سنة 2017.
ويلفت المنتدى في تقريره الذي نشره الإثنين، إلى ظاهرة غريبة، إذ إن 5 بالمائة من الموقوفين في محاولات الهجرة غير النظامية هن من النساء، و67 بالمائة من الأشخاص الذين غادروا التراب التونسي بصفة غير شرعية، راوحت أعمارهم بين 20 و30 سنة أغلبهم من الشباب العاطل من العمل من غير الحاصلين على شهادات، وهم الفئة العمرية الأكثر مغامرة.
ويقول إن أكثر من 65 بالمائة من المهاجرين ليست لديهم ثقة في مستقبل البلاد، وهو ما يلتقي مع نسبة التشاؤم المرتفعة التي أعلن عنها آخر استطلاع للآراء، حيث وصلت إلى 75.4 بالمائة من المستجوبين عموما، وترتفع إلى أكثر من ذلك في صفوف الشباب.
وقال المكلف بالإعلام في المرصد الاجتماعي التونسي، رمضان بن عمر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ العديد من المؤشرات تبين أنّ هناك استعدادات للهجرة، وأن الظروف اجتمعت لتعرف تونس مثل هذه الموجة، مبينا أن الإحباط الذي تمرره الطبقة السياسية للشباب من تجميد الانتدابات، والرفع في الضرائب كلها رسائل واضحة بأن العام سيكون صعبا.
وبيّن أنّ شبكات التهريب أصبحت لديها إمكانيات كبيرة وامتدادات حتى داخل أجهزة السلطة مثل بعض عناصر الأمن، كما أن وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دورا شبيها بالدور الذي لعبته أيام الثورة للتشجيع على الهجرة، إلى جانب الظروف المناخية الملائمة التي جعلت نسبة الهجرة غير النظامية ترتفع.
واعتبر بن عمر أنّ الدراسة التي أنجزها المنتدى بينت أن 56 بالمائة من الشباب التونسي لديهم الرغبة في الهجرة، وأن من بينهم 36 بالمائة يرغبون في الهجرة حتى ولو في قوارب غير شرعية.
ولفت رئيس المنتدى، مسعود الرمضاني، إلى أن تزايد نسبة اليأس لدى الشباب وفقدان الثقة في الدولة هي التي تدفع بهم إلى المغامرة والهجرة على أمل تغيير ظروف حياتهم.
وأكد الرمضاني في تصريحات صحافية، أنّ العائلات أصبحت تشجع الأبناء على الهجرة بسبب ضيق الأفق في تونس وكذا العوامل الاقتصادية والاجتماعية، والأداء الضعيف للحكومات المتعاقبة، وانتشار شبكات التهريب عبر البحر وتأثير وسائل التواصل الاجتماعية، بالإضافة إلى غياب الأمل وارتفاع نسبة الإحباط لدى الشباب، ما يدفعه للتفكير في الهجرة نحو المجهول والبحث عن البديل.