شكّلت الأرقام التي أعلنتها دائرة الإحصاءات العامة الأردنية، عن ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب الأردنيين، خلال الربع الأوّل من العام الحالي، صدمة كبيرة، حيث وصلت إلى أكثر من 18%، الأمر، الذي وُصف، وبحسب مراقبين، بأنه "رقم مرعب".
وفي تفاصيل الرقم، وتبعًا للأرقام الرسمية الواردة في تقرير الإحصاءات، فقد "ارتفع معدل البطالة للربع الأوّل من العام الحالي، بمقدار 3.6 في المائة عن الربع الأول من العام 2016، وبمقدار 2.4 في المائة عن الربع الرابع من العام 2016".
كما "بلغ معدل البطالة للذكور 13.9 % خلال الربع الأول من العام الحالي مقابل 33.0 % للإناث في الفترة نفسها، ليتضح أن معدل البطالة ارتفع للذكور بمقدار 1.2 في المائة، وارتفع للإناث بمقدار 9.3 في المائة عن الربع الأول من العام 2016".
وتدلل هذه الإحصائيات، وفق مراقبين، أن الكثير من الشباب الأردنيين، يتّجهون إلى دائرة الإهمال والتهميش، ليس فقط لأنهم غير قادرين على إيجاد فرصة عمل، بل لأن غالبيتهم، مشاريع ضحايا للإحباط والاكتئاب، علما، أن النسبة الأكبر من هؤلاء العاطلين، هم من حملة الشهادات الجامعية والثانوية، وفق أرقام التقرير.
فنتائج الإحصاءات، بيّنت، أن "معدّل البطالة كان مرتفعًا بين حملة الشهادات الجامعية، وهم الأفراد العاطلون من العمل، ممن يحملون مؤهّل (بكالوريوس) فأعلى، ليبلغ 21.4 في المائة، مقارنة بالمستويات التعليمية الأخرى".
فيما أشارت النتائج أيضًا، إلى أن "53.8 في المائة من إجمالي العاطلين، هم من حملة الشهادة الثانوية فأعلى، وأن 46.2 في المائة من إجمالي المتعطلين كانت مؤهلاتهم التعليمية أقل من الثانوي".
من ناحيتها، أشارت وزارة العمل الأردنية، وعلى لسان أمينها العام فاروق الحديدي، قائلًا، "إن المعايير التي تعتمدها منظمة العمل الدولية لاحتساب نسب وأرقام البطالة، وهي المعتمدة من قبل مؤسسة الإحصاءات الأردنية، هي معايير دولية لا تراعي خصوصية بلد بعينه".
وأضاف في حديثه لـ"جيل"، أن ما أسهم في ارتفاع نسبة البطالة في الأردن، خلال الربع الأوّل من العام الحالي، هو احتساب كل شخص مؤهّل للعمل وفق عمره كجزء من أرقام ونسب البطالة، ما أدخل إلى هذا الملف أعدادًا كبيرة، وفق معيار العمر فقط، بصرف النظر عن رغبته في العمل أو تأهيله له.
كما أن توسيع العينة لاحتساب البطالة هذا العام، رفع أيضًا النسبة خلافًا للسنوات الماضية، التي كانت فيها العينة أقل اتساعًا، وفق الحديدي.
من جانبه، أكد رئيس مؤسّسة بيت العمال، وأمين عام وزارة العمل الأسبق، حمادة أبو نجمة، إن المنهجية الحالية التي يتمّ احتساب البطالة على أساسها من قبل دائرة الإحصاءات العامة، هي منهجية متعارف عليها دوليًا.
غير أن تطوير هذه المنهجية، يستدرك المتحدّث، لتكون أكثر دقة، بات أمرًا مطلوبًا في زيادة حجم السكان والاتساع المضطرد لسوق العمل، وحجم العمالة الأردنية وغير الأردنية.
هذا، واعتمدت الإحصاءات منهجية واستمارة جديدتين، بهدف مسح قوّة العمل، ابتداء من الجولة الأولى من العام الحالي، لتتماشى مع التوصيات الجديدة لمنظمة العمل الدولية، والتي من أهمها، تضييق مفهوم المشتغلين من خلال استثناء العاملين بدون أجر من تعريف المشتغلين، إضافة إلى زيادة أسئلة الاستمارة، وزيادة حجم العينة إلى 16 ألف أسرة، بدلا من 13 ألف أسرة، بالاعتماد على الإطار الجديد الذي وفّره التعداد العام للسكان لعام 2015.
كثير من الخبراء والمحلّلين الاقتصاديين، فسّروا الأرقام المخيفة، بأن "المنهجية الموضوعة والمطبقة من قبل أطراف المعادلة الحكومية تاريخيًا، كانت تخفي الحجم الحقيقي للمشكلة".
من جهة أخرى، يرى فريق من هؤلاء، أن "قدرة الاقتصاد الأردني في توليد فرص عمل جديدة، كما يجب أن يكون، تراجعت نتيجة تدنّي معدلات النمو، وانخفاض حجم الاستثمارات".
أرقام البطالة الأخيرة، تعني بالضرورة، أن "لدينا حوالي 300 ألف عاطل أردني عن العمل، في حين لدينا 1.2 مليون عامل وافد لم تحدّد نسبة البطالة بينهم بعد.. أما العاطلون عن العمل من الشباب فيتجاوز عددهم 250 ألف شاب"، وفق الكاتب والمحلل إبراهيم بدران.
ويحذّر بدران، في حديث إلى "جيل"، من أن "استمرار الحالة على ما هي عليه، يحمل أخطارًا اقتصادية واجتماعية وسياسية، بل وأمنية خطيرة".
أرقام البطالة هذه، شكّلت خيبة كبيرة داخل المجتمع الأردني، حيث إن الأولوية الاقتصادية الاجتماعية أمام الحكومة، يفترض أن تستهدف تخفيف البطالة على المدى القصير، وعلى المدى البعيد الدخول في برامج ممتدّة للتغلب على البطالة التي تعتبر أزمة مزمنة"، بحسب الكاتب والمحلل الاقتصادي خالد الزبيدي.
ويوضّح الكاتب، أن الضرائب الثقيلة الآن، تطحن النمو، وتورّث البطالة والفقر، وتضعف تنافسية الإنتاج المحلي، وتؤدّي إلى ضمور الإيرادات المحليّة، وكل ذلك، ينعكس نارًا على الشاب الأردني العاطل عن العمل على العمل وأسرته، على حد سواء.
ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، رأوا في هذه الأرقام، مع استمرار الصمت الحكومي الطبق تجاهها حتى اللحظة، أن "الوضع يفتح الباب للأفكار المتطرّفة لاختراق الشباب، سواء بالانزلاق نحو العنف والجريمة، أو نحو الفكر المتطرف، أو المخدرات، وربما الانتحار".