البصرة على "فيسبوك": بثّ مباشر يجبر السلطات على إطلاق سراح ناشط

27 اغسطس 2018
من تظاهرات البصرة الأخيرة (حيدر محمد علي/ فرانس برس)
+ الخط -
على وقع المشكلة البيئية التي تشهدها البصرة، جنوبي العراق، منذ أيام، والتي أدت إلى تسمم آلاف السكان، تعيش المدينة التي يطالب سكانها وناشطون بتصنيفها "مدينة منكوبة" حالة من الهيجان والغضب الشعبي، وهو ما تخشاه السلطات الأمنية.

ومساء السبت شغل اعتقال الناشط المدني علي المهنا، السلطات المحلية في البصرة، وهو ما استدعى تدخل أعلى الجهات في هذه المحافظة لحل الإشكال الحاصل وإطلاق سراح الناشط، بعد اقتحام شباب من المدينة محطة القطار المركزية في البصرة حيث جرى اعتقال المهنا.

وبحسب ناشطين مشاركين في الاحتجاجات الشعبية الدائرة في البصرة منذ يوليو/ تموز الماضي، لجأت الناشطة ميراج الوندي، التي حضرت إلى البصرة مع مجموعة من ناشطي بغداد، لمساندة سكان البصرة للأزمة التي يمرون بها من جهة، ولمشاركة المحتجين السلميين، إلى بثّ مباشر من محطة القطار المركزية بالبصرة، كشفت من خلاله اعتقال قوات الأمن في المحطة الناشط مهنا والاعتداء على ناشطات، وجميعهم كانوا في طريق عودتهم إلى بغداد، فضلاً عن أنهم مُنعوا من قبل قوات الأمن من مغادرة البصرة.

وقال أحد الناشطين المدنيين المشاركين في احتجاجات البصرة، أحمد الجيزاني، لـ"العربي الجديد"، إن البث المباشر الذي أجرته ميراج الوندي عبر منصة فيسبوك "سبب إرباكاً كبيراً للحكومة المحلية في البصرة". وأوضح أن "البصرة تعيش أزمة كبيرة وخطيرة لم تتمكن الحكومة المحلية ولا المركزية في بغداد من تلافيها، فإصابات المواطنين بالتسمم في ارتفاع، فضلاً عن غضب شعبي من السياسيات الحكومية تجاه المدينة الغنية بالنفط، التي يعاني سكانها الأمرين، إذ تنعدم الخدمات البسيطة فيها".

واستطرد قائلاً: "هذه كلها أمور تضاعف حجم المشكلة على حكومة البصرة، ثم جاء البث المباشر الذي أجرته ميراج وانتشر سريعاً من خلال آلاف المشاركات للبث"، مؤكداً أن "محاولات عديدة واجهتها الناشطة ميراج من قبل جهات أمنية لثنيها عن مواصلة البث لكنها باءت بالفشل".



ويوضح بث الفيديو الذي حصل خلال 16 ساعة على حجم مشاركة تجاوزت سبعة آلاف، مسجلاً أكثر من نصف مليون مشاهدة، فضلاً عن أحد عشر ألف تعليق، منع قوات الأمن في محطة قطار البصرة دخول الناشطة ميراج التي كانت تبث ما يجري بشكل مباشر، ومعها ناشطتان، وقد أكدن أن القوات الأمنية احتجزت علي المهنا. وأظهر البث التحاق ناشطين من البصرة بالناشطات بعد علمهم باعتقال زميلهم المهنا وما جرى للناشطات، فاقتحموا المحطة بحثاً عن المهنا وهو ما استدعى حضور قوة أمنية إضافية لتفريق المحتجين وتهدئة الوضع. ويؤكد الجيزاني أن السلطات في المحافظة، وبأمر من المحافظ أسعد العيداني، "اضطرت للإفراج عن الناشط علي المهنا، وتهدئة الوضع الملتهب أساساً".

ونشرت الناشطة ميراج الوندي، على حسابها في "فيسبوك"، بثاً مباشراً ظهر فيه الإفراج عن المهنا، وكان محمولاً على أكتاف الشباب وهم يهتفون مهنئين بسلامته، ونال هذا المقطع أكثر من ربع مليون مشاركة.
"العربي الجديد" حاولت التعرف إلى ما جرى من خلال الاتصال بالناشطة ميراج الوندي، التي اعتذرت عن التصريح لشعورها بإرهاق، لكنها أكدت أنه تم السماح لهم بالسفر، وكانت في طريق عودتها برفقة زملائها إلى بغداد.


وتعيش محافظة البصرة كارثة بيئية تسببت بإصابة أكثر من 7 آلاف من سكانها بحالات تسمم من جراء تلوث مياه الشرب، الأمر الذي ينذر برفع حدة الاحتجاجات الشعبية المطالبة بتوفير الخدمات. ولم يقف حتى اليوم عدد الإصابات عند هذا الرقم، إذ يشير مواطنون وعاملون في المجال الصحي والإغاثي إلى استمرار وفود مصابين إلى مستشفيات المحافظة.

يأتي ذلك في وقت هدد مواطنون بتحويل الاحتجاجات السلمية التي تشهدها محافظتهم إلى "غضب شعبي عارم" لن ينتهي إلا بتحقيق رغبات السكان، بحسب ما ذكر لـ"العربي الجديد" ناشطون مدنيون.

وقال حسن الزهيري، وهو معالج في الإسعاف الفوري بالبصرة، إن المستشفيات في المحافظة استنفرت جميع طاقاتها لاستقبال حالات التسمم الكثيرة، مشيراً في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أن "الأعداد حتى الآن غير دقيقة، لكن بحسب معلومات تردني من زملائي في صحة البصرة،
زادت حالات التسمم عن 7 آلاف حالة، والعدد في ارتفاع"، مشيراً إلى أن "الأرقام التي تصدرها جهات حكومية في البصرة حول حالات التسمم غير دقيقة"، مؤكداً بالقول "إنهم يحاولون تهوين الأمر رغم خطورته الواضحة، حالات التسمم ترتفع وقد تصل إلى 10 آلاف خلال الأيام المقبلة".

وكانت دائرة صحة محافظة البصرة قد أعلنت في وقت سابق عن تسمم نحو 4 آلاف شخص من سكان البصرة، مبينة أن سبب التسمم شربهم المياه الملوثة التي تنقلها المركبات الحوضية التي وفرتها الحكومة لحل مشكلة المياه بالمحافظة.

وأضاف البيان أن نسبة الكلور المعقم للمياه في معظم محطات التحلية هي صفر بالمائة. وشهدت محافظة البصرة موجة احتجاجات اندلعت في 8 يوليو/ تموز الماضي تُطالب بتوفير فرص عمل للعاطلين، وتحسين واقع الخدمات من ماء وكهرباء.

بدوره، وفي تصريحات صحافية، ذكر النائب السابق عن محافظة البصرة، فالح الخزعلي، أن عدد حالات الإصابة من جراء تلوث المياه بالبصرة وصل إلى 7 آلاف حالة.

وذكر أيضاً أن محطات تحلية المياه في البصرة تعمل بدون مادة كلور الأساسية وبدون فلاتر لتصفية المياه، لافتاً النظر إلى أن تلوث مياه شط العرب تسبب بدمار أكثر من مليوني نخلة.
وتواجه البصرة منذ أكثر من عام تكرار مشكلة الملوحة وارتفاع نسبها في شط العرب؛ بسبب قذف إيران مياه المبازل شديدة الملوحة فيه، إذ تتقاسم إيران مع العراق جزءاً منه.
وكانت وزارة الموارد المائية العراقية قد دعت إيران في وقت سابق إلى التوقف عن قذف مياه المبازل المالحة في شط العرب.
المساهمون