البرلمان المصري يؤجل مناقشة قانون المحليات لأجل غير مسمى

23 ديسمبر 2019
انتقد عبدالعال مطالبات برفض مناقشة مشروع قانون الإدارة(فرانس برس)
+ الخط -
قرر رئيس مجلس النواب المصري، علي عبد العال، إرجاء مناقشة قانون الإدارة المحلية الجديد إلى "أجل غير مسمى"، على الرغم من إعلانه استكمال أخذ الرأي المبدئي فيه بالجلسة العامة للبرلمان، اليوم الاثنين، وذلك رضوخاً لمطالب رؤساء الهيئات البرلمانية للأحزاب الموالية للسلطة الحاكمة، والذين أعلنوا رفضهم لمناقشة التشريع الذي يمهد إلى إجراء انتخابات المحليات في الوقت الراهن.

واستهل عبد العال جلسة البرلمان بمناقشة تعديلات قانون التصالح في مخالفات البناء المقدم من بعض النواب، عوضاً عن استكمال المناقشة المبدئية لقانون الإدارة المحلية، وهو ما يعني وضعه "في الدرج" بحسب الأعراف البرلمانية، وهي التعديلات التي تستهدف تطبيق أحكام التصالح على المباني المخالفة التي تم بناؤها حتى إبريل/نيسان 2018، بدلاً من يوليو/تموز 2017 وفق القانون الحالي.

ورفض عبد العال التعقيب على البيان الصادر من حزب "مستقبل وطن"، ممثل الأغلبية النيابية (يُدار بمعرفة الأجهزة الأمنية)، في وقت متأخر من مساء الأحد، والذي هاجم رئيس البرلمان بلهجة حادة، وغير معتادة، رداً على إدراجه مشروع قانون الإدارة المحلية المقدم من الحكومة على جدول الجلسات العامة بصورة منفردة، وقوله "إن حزب الأغلبية يعرقل تمرير مشروع القانون".

وقال رئيس الحزب، أشرف رشاد، في بيان رسمي، إن "مستقبل وطن اعترض على قانون الإدارة المحلية، لأنه معيب، ومليء بالعوار الدستوري، والأخطاء القانونية"، مشدداً على حق نواب البرلمان في إبداء الرأي بشكل ديمقراطي، ورفض كل ما يعتقدون أنه ليس في مصلحة المواطن، لاسيما أن "القانون والدستور ليسا حكراً على رئيس البرلمان ليفسرهما كيفما يشاء"، على حد تعبيره.

وأبدى رشاد دهشته من "استخدام عبد العال بعض المصطلحات التي لا تتناسب مع بناء مصر الحديثة، مثل الدولة العميقة، وغيرها من المصطلحات المرفوضة"، مشيراً إلى رفض الحزب استخدام رئيس المجلس جملة مثل "أنصاف القانونيين" بشكل مستمر في حواراته الصحافية، باعتبار أن "النواب حصلوا على ثقة الشعب في التعبير عنهم، ولهم كافة الحريات التي كفلها الدستور في إبداء آرائهم".

بدوره، أعلن نائب رئيس حزب "مستقبل وطن"، ضابط الشرطة السابق علاء عابد، رفضه التصريحات التي صدرت من رئيس المجلس، واتهامه للهيئة البرلمانية للحزب بأنها "تقف وراء رفض نواب البرلمان لمشروع قانون المحليات"، مدعياً أن السبب الرئيسي وراء رفض النواب لمشروع القانون هو "عدم تحقيقه الهدف المأمول منه، ممثلاً في تمكين الشباب، وخلق جيل جديد من الكوادر المحلية".

وقال عابد في بيان، إن الحزب سيتقدم بمشروع قانون عن المحليات يُحقق توجيهات القيادة السياسية في تمكين الشباب، وخلق جيل مدرب منهم قادر على تحمل المسؤولية خلال المرحلة المقبلة، مستطرداً أن الحزب يؤسس لدولة القانون، ودائماً ما يساند أي تشريع يخدم الدولة الوطنية، غير أنه "لن يوافق أو يسمح بتمرير أي تشريع يُخالف الدستور أو القانون، أو ينتقص من حقوق المواطنين".

واستدرك عابد، قائلاً: "الهيئة البرلمانية للحزب تكن كل تقدير واحترام لرئيس مجلس النواب، لكن عندما تتعلق الأمور بمستقبل الدولة، تنحاز حينها للمصلحة الوطنية، ومن هذا المنطلق ترى أن مشروع القانون بشكله الحالي يشوبه عوار دستوري، ويحمل أخطاء قانونية"، مطالباً عبد العال بالاستماع إلى نواب الشعب، وعدم الوقوف كحائل بينهم وبين حرصهم على عدم صدور القانون بشكل معيب.

من جهته، تقدم حزب "المصريين الأحرار" بمذكرة رسمية إلى رئيس البرلمان، في شأن أسباب رفض مناقشة مشروع قانون الإدارة المحلية، مؤكداً أن هناك أسبابا تُعيق إجراء انتخابات المجالس المحلية، ومنها: "التقسيم الإداري للدولة، وتصويت المصريين بالخارج في انتخابات المحليات، والمواد الدستورية الخاصة بالمحليات، والتي يجب تعديلها، والنظام الانتخابي المقترح".

وكان عبد العال قد انتقد مطالبات عدد من الأحزاب برفض مناقشة مشروع قانون الإدارة المحلية، بقوله: "من يقاوم إصدار هذا التشريع هي الدولة العميقة بالمحليات، وهؤلاء هم أنفسهم الذين وضعوا العقبات أمام قانون التصالح في مخلفات البناء"، مردفاً "مصر من دون أجهزة محلية منذ تسع سنوات، ولا يجوز رفض القانون من حيث المبدأ باعتباره التزاماً دستورياً".

وزاد عبد العال: "من المفترض أن يكون حزب مستقبل وطن أحرص من ذلك على إقرار القانون، لأنه حزب شبابي، ولديه كوادر يمكن أن يدفع بها بالانتخابات في كل المحافظات، ولا بد من مناقشة هذا التشريع حتى لا يُتهم مجلس النواب بالتقاعس عن تنفيذ نص دستوري، فضلاً عن عدم جواز الصمت على ما يحدث من فساد كبير داخل المحليات".

وسبق أن قال مصدر برلماني مطلع في حديث خاص، إن رفض رؤساء الهيئات البرلمانية للأحزاب مناقشة قانون المحليات يأتي استجابة لتعليمات جهاز الأمن الوطني، والذي يتحكم في مواقف تلك الأحزاب من وراء ستار، مبيناً أن تمسك عبد العال بمناقشة القانون يرجع في المقابل إلى رغبة الاستخبارات العامة في إقراره، باعتبار أن رئيس البرلمان يتلقى التعليمات مباشرة من مديرها اللواء عباس كامل.

وأفاد المصدر بأن الدائرة الاستخباراتية المحسوبة على الرئيس عبد الفتاح السيسي، ارتأت ضرورة إحداث تطور لافت في ملف الانتخابات المحلية في عام 2020، بهدف ملء الفراغ السياسي المُسيطر على المشهد المصري، إلا أن جهاز الأمن الوطني كان له رأي مغاير، لمنح الجهاز مزيداً من الوقت لإحكام سيطرته على العدد اللازم لشغل مقاعد المحليات على مستوى الجمهورية.
المساهمون