البرلمان المصري بين المبادرات

31 ديسمبر 2016
+ الخط -
منذ استولى الانقلاب على الحكم في مصر، وأسقط جميع الشرعيات المنتخبة والدستور، ونحن نصرخ ليل نهار بعودة الشرعية.
ولكن، إذا كان الرئيس مختطف، ومغيّب خلف جدران معتقلات العسكر، والدستور رهين أدراجهم، أغلقوا عليه وفرضوا على الشعب دستورهم الذي لا يحترموه، فلم يبق أمامنا سوى البرلمان الممثل بأعضائه الذين انتخبناهم، فهي الشرعية الوحيدة التي نمتلك الالتفاف حولها، واستخدامها في وجه الانقلاب، لكن ما يحدث أنّنا نهمش البرلمان، ونجعل منه تميمة نتزين بها أو نلجأ لذكرها وقت النكبات علّها ترد الشر عنا.
ويظهر هذا جلياً في عدد المبادرات التي خرجت علينا من هنا وهناك، فهذه مبادرة ذات طابع إسلامي، والأخرى يتقدّم بها ليبراليون، وثالثة هي مزيج من الفكرين. ومع كامل تقديري واحترامي كلّ من طرح مبادرة، إنّ جهدكم مشكور، لكن ألا تلاحظون أنّ كل مبادرة تمّ طرحها في النهاية ما هي إلا تشويش مقصود أو غير مقصود، لتفتيت الجهد وإرباك الصف الثوري.
كلّ مبادرة طرحت ظهر من يخوّن أصحابها أو يتهمهم بالعمالة، أو أنّ لهم أهداف ومكاسب شخصية، فصرنا فرقاء داخل خندق واحد، صرنا شيعاً، لكلّ شخص أنصاره ومتحزبيه، أترون أنّ ما تقومون به يهدف للصالح العام، وهذا الكلام موّجه للجميع (الجمعية الوطنية، أيمن نور، المستشار وليد شرابي، المجلس الثوري) وكلّ من تقدّم بمبادرة.
كلّ المبادرات التي طرحت براقة من خارجها، لكن في داخل العسل سم، فهي تهدف إلى تفريط وتنازل مجاني لصالح الانقلاب، لأن أيّ فكرة لا تتضمّن عودة الشرعية كاملة بأقسامها الثلاثة تعني أننا نعطي الانقلاب شرعيته، ونؤيد ونبارك كلّ ما قام به من اتفاقيات مجحفة، وقروض مكبّلة لإرادتنا وسيادتنا وقوانين أذلت الشعب.
يا سادة، لو أنكم حقا تعترفون بالبرلمان وشرعيته، لكان من المنطقي أنّ صاحب أي مبادرة أو رؤية يتقدم بها إلى أعضاء البرلمان لمناقشتها وتحديد إن كانت مناسبةً، أو لا، بدلا من طرحها على الميديا بطريقة أو بأخرى، واستقطاب التأييد أو العداء لها، لأنّ البرلمان هو من يمثّل الشعب المصري، وأنتم جزء من هذا الشعب، فإذا كان العسكر والدولة العميقة قد حلّوا البرلمان إلا أنّه لم يفقد شرعيته، لأنّنا نحن الشعب من أعطيناه الشرعية ونحن فقط من يسحبها منه.
البرلمان هو من له الحق بالكلام نيابةً عن شعب مصر، سواء الموجودين على الأرض، وتحت قبضة الانقلاب، أو من يعيشون خارجه، سواء مطاردين أو مهاجرين، فإن كنّا، نحن الشعب، قد فقدنا قدرتنا على الوجود في وطن يحترم إرادتنا، فلا تكونوا عوناً علينا وتسلبونا ما تبقى لنا من إرادة بتجاهلكم شرعيتنا الوحيدة المتاحة لنا، وهي البرلمان.


E13FE7E9-9C38-424A-83A1-A2231A2A6448
E13FE7E9-9C38-424A-83A1-A2231A2A6448
سيلين ساري (مصر)
سيلين ساري (مصر)