بعد مخاض طويل صادق مجلس النواب بتونس، مساء السبت، على منح الثقة لوزير الداخلية الجديد، هشام الفوراتي، بموافقة 148 نائبا، ورفض 13 وتحفظ 8 آخرين.
وحصل الفوراتي على ثقة نواب الشعب بعد مارتون من الخلافات والتجاذبات والجلسات بين الكتل والأحزاب، تحت قبة البرلمان خلال اليومين الماضيين. وحضر زعماء "حزب النهضة"، راشد الغنوشي، و"مشروع تونس"، محسن مرزوق، و"نداء تونس"، حافظ قايد السبسي في اجتماعات مع كتلهم، دون المعارضة التي حسمت أمرها سلفاً بقرار حجب الثقة عن الوزير.
وجاءت جلسة منح الثقة لوزير الداخلية بعد شهرين من إقالة لطفي براهم في 6 يونيو/ حزيران الماضي، وهو ما أثار انتقادات لاذعة لرئيس الحكومة، يوسف الشاهد، من داخل حزبه "نداء تونس" والمعارضة بسبب توقيتها وملابساتها الغامضة.
وطلب رئيس الحكومة منح ثقة مجلس الشعب لتعيين الوزير الجديد، واعداً بتحسن الوضع الاقتصادي للبلاد وللمواطن مع بداية العام 2019، مؤكداً أنه تم اختيار الفوراتي بناء على حياده عن الأحزاب والتجاذبات وكفاءته الأمنية والإدارية ومعرفته الجيدة بوزارة الداخلية، بما يعني أنه سينطلق مباشرة في العمل، على حد تعبيره.
واستعرض الشاهد خريطة طريق وزير الداخلية الجديد، التي تقوم على تعزيز آليات محاربة الإرهاب، وتطوير الإمكانيات اللوجستية، وتعزيز مقومات الأمن الجمهوري والحس الأمني والمواطني، من أجل محاربة الجريمة والتصدي للهجرة غير النظامية.
وفي حركة مفاجئة، أعلن رئيس كتلة "نداء تونس"، سفيان طوبال، بحضور حافظ قايد السبسي تغيير موقف الكتلة ومنح الفوراتي الثقة، بعد أن كان أعلن أمس عكس ذلك. وكشف أن هذا التصويت لا يعني تجديد الثقة للشاهد، مؤكداً أن الكتلة متمسكة بتعديل شامل، وطرح حكومة الشاهد لنيل ثقة البرلمان، في أجل لا يتجاوز عشرة أيام، على حد تعبيره.
ولفت طوبال إلى أن قرار منح الثقة، جاء من باب حماية المؤسسات وللحفاظ على الأمن والاستقرار في هذه الفترة، وليس تغييرا في موقف الحزب مقارنة ببيانه الأخير إزاء الحكومة ورئيسها.
بدوره، وصف القيادي المعارض ونائب "الجبهة الشعبية"، مراد الحمايدي، رئيس الحكومة بغير المسؤول، قائلا "أنت رجل غير مسؤول ولا تحظى بالثقة لا من حزبك ولا من الشعب.. أصبحت تشكل خطرا على الشعب التونسي بأكمله".
وأضاف متهكما "سيدي رئيس الحكومة، في عهدك الدواء مفقود إلا عند سائق وزير الصحة، والأسعار اشتعلت ناراً والتشغيل لم يعد ممكناً، واللوبيات أصبحت تسيطر على مسالك التوزيع في البلاد"، على حد تعبيره.
أما "حزب النهضة" فقد حسم موقفه بمنح الثقة للوزير الجديد، وقال القيادي عامر العريض في مداخلته أمام البرلمان إن كتلة "حزب النهضة" ستصوت لمنح الثقة للفوراتي، مشيراً إلى أن هدفها ألا تبقى وزارة الداخلية وأمن التونسيين في حالة فراغ.
واعتبر العريض أن وزارة الداخلية هي وزارة سيادة لها دور رئيسي في إنجاح موسم السياحة والتصدير ومقاومة الإرهاب، مضيفاً ''يتحدثون عن موقف النهضة التي تساند وزير الداخلية المقترح، نقول لهم النهضة ساندت كل وزراء الداخلية بعد الثورة دون استثناء ونحن نسانده لأنه ذو كفاءة، وخاصة نريد للحكومة أن تكتمل في تركيبتها".