وينص الاقتراح الحكومي على إقرار البرلمان للكلمة التي ألقتها ماي أمامه يوم الثلاثاء، والتي حددت فيها موعد التصويت الملزم على بريكست يوم 12 مارس/ آذار المقبل، وفتحت فيها الباب أمام احتمال تأجيل موعد "بريكست".
وبينما تقدم أعضاء البرلمان بعدة تعديلات مقترحة على المقترح الحكومي، وعلى الرغم من أن هذه التعديلات ليست ملزمة قانونياً، إلا أن نجاح أحدها يضع الحكومة تحت ضغوط لتبنيه.
وفشل حزب العمال في تمرير تعديل طرحه، يعطي البرلمان الفرصة للتصويت على خطته الخاصة ببريكست، والتي تشمل عضوية في الاتحاد الجمركي وعلاقة وطيدة بالسوق الأوروبية المشتركة، وعدداً من القوانين التي تحمي البيئة وحقوق العمال. وكانت هزيمة التعديل العمالي بفارق 83 صوتاً، إذ صوّت 323 ضده و240 معه.
ولم يكن العمال يتوقع نجاح تعديله، إلا أنه هذه الهزيمة تفتح الباب أمام الحزب لدعم الخيارات الأخرى، ومنها الاستفتاء الثاني.
وأقر البرلمان تعديلاً يجبر ماي على الالتزام بتعهدها بإجراء التصويت على تمديد بريكست، والذي حددت موعداً أقصاه 14 مارس/ آذار لتطبيقه. وكانت نتيجة التصويت 502 مع و20 ضد. ويعكس هذا التصويت حالة عدم الثقة التي تسود الساحة السياسية البريطانية.
أما التعديل الثالث فيجبر الحكومة على حماية حقوق مواطني الاتحاد الأوروبي. وتقدم بهذا التعديل النائب عن حزب المحافظين ألبيرتو كوستا، ونجح في الحصول على دعم البرلمان من دون تصويت بسبب دعم الحكومة له خلال النقاشات التي دارت قبل التصويت.
وكان كوستا، وهو من عائلة مهاجرة من إيطاليا، قد اضطر للاستقالة من منصب حكومي كي يستطيع التقدم بهذا التعديل، لأن موظفي الحكومة البريطانية لا يستطيعون التقدم بتعديلات على مقترحاتها.
أما التعديل الرابع فتقدم به الحزب القومي الاسكتلندي وحزب ويلز، ويطالب بألا تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق بأي حال، حتى بعد تمديد موعد بريكست. وهزم بفارق 36 صوتاً: ضده 324 ولصالحه 288.
وتصر ماي على استطاعة بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي في موعده المقرر في 29 مارس/ آذار المقبل، إذا حصلت صفقتها على دعم العدد الكافي من النواب. إلا أنه من المستبعد أن تحصل ماي على أي تنازلات حقيقية من الاتحاد الأوروبي، وخاصة حيال خطة المساندة، قبل موعد التصويت الملزم يوم 12 مارس/ آذار.
وتعارض مجموعة الأبحاث الأوروبية المتشددة حيال بريكست وجود خطة المساندة في اتفاق الخروج، لأنها لا تسمح لبريطانيا بالخروج من ترتيباتها بشكل أحادي، ويرون في ذلك تبعية للاتحاد الأوروبي. وطالبوا مراراً بحذفها كلياً من الاتفاق، كي يدعموه.
إلا أن زعيم المجموعة، جاكوب ريس موغ، كشف عن تراجع في موقف المجموعة التي تحصل على دعم 80 من نواب المحافظين في البرلمان. وقال اليوم في مقابلة مع "بي بي سي" إنه مستعد لدعم خطة ماي إذا شملت وضع حد زمني في الأمد القريب على خطة المساندة.
كذلك أقر ريس موغ بألا أغلبية في البرلمان لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق. وأضاف "لا حماس لدعم الصفقة كما هي الآن. إذا تمت إزالة خطة المساندة الأيرلندية أو تعديلها بشكل واضح، فذلك حينها أمر آخر".
وكانت ماي قد وعدت البرلمان بالتصويت الملزم على صفقتها المعدلة يوم 12 مارس/ آذار، وفي حال خسارتها التصويت، فإنها ستمنح البرلمان حق التصويت على بريكست من دون اتفاق في اليوم التالي 13 مارس/ آذار. وفي حال فشل هذا التصويت، فستمنح البرلمان حق التصويت على تمديد بريكست في اليوم التالي 14 مارس/ آذار. أما في حال فشل هذا الخيار أيضاً، ومع بقاء أسبوعين على بريكست حينها، فقد تخرج بريطانيا من دون اتفاق، أو يتم السماح للنواب بوضع خيارات أخرى للتصويت عليها، ومنها الاستفتاء الثاني أو إلغاء بريكست.
ويخشى متشددو بريكست من تمديد موعده، لأن ذلك قد يؤدي إلى تقارب بين مواقف العمال والمحافظين، والوصول إلى بريكست مخفف يعارضونه. أو إلى استفتاء ثان، يعكس بريكست، أو انتخابات عامة، يكون حزب العمال المنتصر فيها.
الموقف الأوروبي
تمديد موعد بريكست ليس بالخطوة المضمونة، إذ يواجه معارضة عدة دول أوروبية كان آخرها فرنسا. فقد قال إيمانويل ماكرون إن فرنسا تعارض تمديد بريكست ما لم يكن هناك "خيار جديد" من طرف بريطانيا.
وأكد ماكرون ضرورة وجود مغزى واضح من تمديد موعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وقال في مؤتمر صحافي مشترك مع المستشارة الألمانية: "سندعم طلب التمديد إذا كان مبرراً فقط بخيار بريطاني جديد. ولكننا لن نقبل أبداً أي تمديد من دون هدف واضح".
أما ميركل فكان موقفها أكثر ليونة عندما قالت "إننا متفقون تماماً، وتحدثت مع تيريزا ماي حول ذلك في شرم الشيخ قبل يومين"، إن "اتفاقية بريكست سليمة. إذا أرادت بريطانيا المزيد من الوقت فإننا لن نعارض ذلك، ولكننا بالطبع نسعى لصالح بريكست منظم. نأسف لهذا الأمر ولكنه الواقع ويجب علينا الآن البحث عن حل جيد".
أما رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، والذي ينتظره استحقاق الانتخابات العامة في شهر إبريل/ نيسان المقبل، فقد اتخذ موقفاً أكثر صرامة، عندما قال أمام البرلمان الإسباني في مدريد إن هناك شروطاً أمام تمديد موعد بريكست. وتوجد بين بريطانيا وإسبانيا معضلة مصير جبل طارق بعد بريكست وطريقة التعامل معها.
أما في بروكسل، فيدور نقاش حول إمكانية تمديد بريكست لواحد وعشرين شهراً، أي حتى نهاية موعد الفترة الانتقالية المقررة نهايتها مع نهاية عام 2020، وذلك بهدف إفساح الوقت الكافي أمام المفاوضات.
إلا أن منسق شؤون بريكست في البرلمان الأوروبي، ورئيس الوزراء البلجيكي السابق، غي فيروهفشتات، رفض مثل هذا الاحتمال في تغريدة على "تويتر"، قائلًا: "إذا رفض البرلمان البريطاني صفقتها، فتيريزا ماي ترغب في تمديد فترة التفاوض"، مضيفًا "برأيي إن حدث ذلك، فلا يمكن أن يكون لأكثر من شهرين، مما يسمح بالوصول إلى أغلبية على جانبي البرلمان. ولكن بالتأكيد ليس 21 شهراً".
ومضى قائلًا "لقد عانى الاتحاد من الارتهان بالبريكست بما يكفي. لقد كان أمام بريطانيا عامان لحسم أمرها، وحان وقت اتخاذ القرار: صفقة، لا صفقة، أو البقاء. بالنسبة للاتحاد فقد حان الوقت لنصرف طاقاتنا على مشاريع أكثر إيجابية وفي الإصلاحات الضرورية التي تحتاج إليها أوروبا بشدة".