خلافاً للشعارات السياسية التي تغنت بها إدارة الرئيس باراك أوباما خلال السنوات الماضية، بشأن استقلالية أمن الطاقة الأميركي وإلى حد ما العالم الغربي عن النفط العربي ، تشير بيانات وكالة الطاقة الدولية الأخيرة إلى أن العالم يعتمد أكثر على النفط المنتج في الدول العربية أو ما يسمونه منطقة الشرق الأوسط.
وحسب بيانات وكالة الطاقة الدولية الأخيرة، فإن منطقة الشرق الأوسط أو تحديداً الدول العربية تغذي العالم بنسبة 34% من إمداداته النفطية، حيث تنتج دول المنطقة العربية وإيران حالياً حوالى 34 مليون برميل يومياً. وهذا المعدل القياسي من الإنتاج يعد الأكبر منذ عام 1975 الذي بلغت فيه إمدادات المنطقة نسبة 36% من احتياجات العالم النفطية.
ولاحظت" العربي الجديد" أن سياسة منظمة "أوبك" التي تبنتها قبل عامين في ترك أسعار النفط لقوى السوق، نجحت في كسر عظم صناعة النفط الصخري الوليدة، والتي كانت تعول عليها أميركا في زيادة الإنتاج الأميركي وإنتاج النفط الرملي الكندي الذي تحسبه إدارة معلومات الطاقة ضمن المصادر المضمونة في أمن الطاقة الأميركي.
وتحت وطأة تدني الأسعار من 100 دولار إلى أقل من 30 دولاراً في بداية العام الجاري أغلقت العديد من آبار النفط الصخري، كما تعرضت الشركات النفطية الأميركية إلى خسائر باهظة. وحتى بعد تحسن أسعار النفط وارتفاعها إلى 50 دولاراً، فإن البنوك الأميركية باتت تتردد في منح قروض جديدة لشركات النفط الصخري.
ورغم قرار الإدارة الأميركية في يناير/كانون الماضي السماح بتصدير النفط الأميركي لمساعدة صناعة النفط الصخري، فإن أزمة شركات النفط الصخري تستفحل منذ بداية العام الجاري، وهو ما يعني عملياً تبخر أحلام الإدارة الأميركية في الاستغناء عن النفط العربي وتحقيق "استقلالية" أمن الطاقة عبر الاكتفاء الذاتي.
وتشير تقارير إدارة معلومات الطاقة الأميركية إلى أن إنتاج النفط الصخري سينخفض خلال العام الجاري بنسبة 12% ولكن في بعض أماكن الحفر الرئيسية سينخفض بنسبة 30%. ومن بين الآبار الكبرى والمهمة في إنتاج النفط الصخري، حقل " إيغل فورد" في ولاية تكساس.
وحسب تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية، فإن إنتاج هذا الحقل بدأ بالانخفاض خلال شهر يناير/كانون الثاني الماضي بنسبة تفوق 30%، أي أن الإنتاج انخفض بحوالى 500 ألف برميل يومياً من معدل 1.7 مليون برميل يومياً إلى 1.2 مليون برميل يومياً.
كما تشير تقديرات إدارة الطاقة الأميركية إلى أن إجمالي إنتاج النفط الصخري في أميركا سيتدهور خلال العام الجاري من مستوياته العليا في مارس/آذار الماضي البالغة 5.3 ملايين برميل يومياً إلى 4.67 ملايين برميل يومياً.
ولكن خبراء في صناعة الطاقة يرون أن انخفاض إنتاج النفط الصخري سيكون بمعدل أعلى من ذلك رغم التحسن النسبي في أسعار النفط.
ويرى خبراء أن إنتاجية النفط الصخري ستنخفض بنسبة أكبر بحلول عام 2025 تراوح بين 80 و90%، وهو ما سيعني عملياً اعتماد أميركا بدرجة أكبر على النفط العربي خلال العقود المقبلة.